عنوان و نام پديدآور:مناقب آل ابی طالب/ تالیف رشید الدین ابی عبد الله محمد بن علی بن شهر آشوب. تحقیق علی السید جمال اشرف الحسینی.
مشخصات نشر:قم: المکتبه الحیدریه، 1432ق = 1390.
مشخصات ظاهری:12ج
وضعیت فهرست نویسی:در انتظار فهرستنویسی (اطلاعات ثبت)
يادداشت:ج.9. (چاپ اول)
شماره کتابشناسی ملی:2481606
ص: 1
مناقب آل أبي طالب
تأليف الإمام الحافظ رشيد الدين أبي عبد اللّه محمد بن علي بن شهرآشوب
ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي المازندراني
تحقيق السيد علي السيد جمال أشرف الحسيني
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
الخركوشي في كتابيه اللوامع ، وشرف المصطفى صلى الله عليه و آله ، بإسناده عن سلمان .
وأبو بكر الشيرازي في كتابه عن أبي صالح ، وأبو إسحاق الثعلبي ، وعلي بن أحمد الطائي ، وأبو محمد بن الحسن بن علوية القطّان في تفاسيرهم عن سعيد بن جبير ، وسفيان الثوري .
وأبو نعيم الإصفهاني في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام عن حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس ، وعن أبي مالك عن ابن عباس .
والقاضي النطنزي عن سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق عليه السلام - واللّفظ
له - :
في قوله : « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » قال : علي وفاطمة عليهماالسلام بحران عميقان ، لا يبغي أحدهما على صاحبه .
وفي رواية : « بَيْنَهُما بَرْزَخٌ » رسول اللّه صلى الله عليه و آله « يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤلُؤ وَالْمَرْجانُ » الحسن والحسين عليهماالسلام(1).
ص: 9
أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس : إنّ فاطمة عليهاالسلام بكت للجوع والعري ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : اقنعي - يا فاطمة - بزوجك ، فواللّه ، إنّه سيّد في الدنيا سيّد(1) في الآخرة ، وأصلح بينهما(2) ،
ص: 10
فأنزل اللّه : « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » يقول : أنا اللّه أرسلت البحرين : علي بن أبي طالب عليهماالسلام بحر العلوم ، وفاطمة عليهاالسلام بحر النبوّة « يَلْتَقِيانِ »
يتّصلان ، أنا اللّه أوقعت الوصلة بينهما .
ثمّ قال : « بَيْنَهُما بَرْزَخٌ » مانع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يمنع علي بن أبي طالب عليهماالسلام أن يحزن لأجل الدنيا ، ويمنع فاطمة عليهاالسلام أن تخاصم(1) بعلها لأجل الدنيا .
ص: 11
« فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما » يا معشر الجنّ والإنس « تُكَذِّبانِ » بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام ، وحبّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام .
ف- « اللُّؤلُؤ » الحسن عليه السلام « وَالْمَرْجانُ » الحسين عليه السلام ، لأنّ اللؤلؤ الكبار ، والمرجان الصغار .
* * *
ولا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما وكثرة خيرهما ، فإنّ البحر سمّي بحرا لسعته ، وأجرى النبي صلى الله عليه و آله فرسا ، فقال : وجدته بحرا .
قال البشنوي :
ما عبد شمس ولا تيم وناصبها
من جندها الغيث والطير الأبابيل
في البرزخ الشأن لمّا أنزلت مرج
البحرين إذ يخرج المرجان واللولو
* * *
وقال محمد بن منصور السرخسي :
وأراد ربّ العرش أن يلقى بها
شجر كريم العرق والأغصان
فقضى فزوّجها عليّا أنّه
كان الكفي لها بلا نقصان
وقضى الإله بأن تولّد منهما
ولدان كالقمرين يلتقيان
ص: 12
سبطا محمد الرسول وفلذتا
كبد البتول كذاك يفتلقان
فبنى الإمامة والخلافة والهدى
بعد الرسالة ذانك الولدان
* * *
تفسير ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد ، وابن جبير ، والكلبي ، والحسن ، وأبي صالح ، والقزويني ، والمغربي ، والوالبي .
وفي صحيح مسلم ، وشرف الخركوشي ، واعتقاد الأشنهي :
في قوله تعالى : « وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » كانت فاطمة عليهاالسلام فقط ، وهو المروي عن الصادق عليه السلام ، وعن سائر أهل البيت عليهم السلام(1) .
عمار بن ياسر في قوله تعالى : « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى » .
ص: 13
قال : فالذكر علي عليه السلام ، والأنثى فاطمة عليهاالسلام ، وقت الهجرة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الليلة(1) .
الباقر عليه السلام في قوله : « وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُْنْثى » ، فالذكر أمير المؤمنين عليه السلام ، والأنثى فاطمة عليهاالسلام .
« إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى » لمختلف .
« فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » بقوته ، وصام حتى وفى بنذره ، وتصدّق بخاتمه وهو راكع ، وآثر المقداد بالدينار على نفسه .
قال : « وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » وهي الجنّة ، والثواب من اللّه .
« فَسَنُيَسِّرُهُ » لذلك ، وجعله إماما في الخير ، وقدوة وأبا للأئمّة ، يسّره اللّه « لِلْيُسْرى » .
الباقر عليه السلام في قوله : « وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ » : « كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ذرّيّتهم عليهم السلام » ، كذا نزلت على محمد صلى الله عليه و آله(2) .
ص: 14
القاضي أبو بكر محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام : قالت فاطمة عليهاالسلام :
لمّا نزلت : « لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضا » هبت رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن أقول له : يا أبه ، فكنت أقول : يا رسول اللّه .
فأعرض عنّي مرّة وإثنتين أو ثلاثا ، ثمّ أقبل عليّ ، فقال : يا فاطمة ! إنّها لم تنزل فيك ، ولا في أهلك ، ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ(1) والكبر ، قولي : يا أبه ، فإنّها أحيى للقلب ، وأرضى للربّ .
واعلم أنّ اللّه ذكر إثنتي عشرة امرأة في القرآن على وجه الكناية :
[ 1 ] « اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ » حوّاء عليه السلام .
[ 2 ] « ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ » .
[ 3 ] « إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » امرأة فرعون .
[ 4 ] « وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ » لإبراهيم عليه السلام .
[ 5 ] « وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ » لزكريّا عليه السلام .
[ 6 ] « الآْنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ » زليخا .
ص: 15
[ 7 ] « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ » لأيّوب عليه السلام .
[ 8 ] « إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ » بلقيس .
[ 9 ] « إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ » لموسى عليه السلام .
[ 10 ] « وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثا » حفصة وعائشة .
[ 11 ] « وَوَجَدَكَ عائِلاً » خديجة عليهاالسلام .
[ 12 ] « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ » فاطمة عليهاالسلام .
ثمّ ذكرهنّ بخصال :
[ 1 ] التوبة من حوّاء : « قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا » .
[ 2 ] والشوق من آسية : « رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » .
[ 3 ] والضيافة من سارة : « وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ » .
[ 4 ] والعقل من بلقيس : « إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً » .
[ 5 ] والحياء من امرأة موسى : « فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ » .
[ 6 ] والإحسان من خديجة عليهاالسلام : « وَوَجَدَكَ عائِلاً » .
[ 7 ] والنصيحة(1) ! لعائشة وحفصة : « يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ » إلى قوله : « وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ » .
[ 8 ] والعصمة من فاطمة عليهاالسلام : « وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » .
ص: 16
وأنّ اللّه - تعالى - أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء :
[ 1 ] التوبة لحوّاء زوجة آدم عليهماالسلام .
[ 2 ] والجمال لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام .
[ 3 ] والحفاظ لرحيمة زوجة أيّوب عليه السلام .
[ 4 ] والحرمة لآسية زوجة فرعون .
[ 5 ] والحكمة ! لزليخا زوجة يوسف عليه السلام .
[ 6 ] والعقل لبلقيس زوجة سليمان عليه السلام .
[ 7 ] والصبر لبرحانة أمّ موسى عليه السلام .
[ 8 ] والصفوة لمريم أمّ عيسى عليهماالسلام .
[ 9 ] والرضى لخديجة عليهاالسلام زوجة المصطفى صلى الله عليه و آله .
[ 10 ] والعلم(1) ! لفاطمة زوجة المرتضى عليهماالسلام .
والإجابة لعشرة :
[ 1 ] « وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الُْمجِيبُونَ » .
[ 2 ] « فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ » يوسف عليه السلام .
[ 3 ] « قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما » موسى وهارون عليهماالسلام .
[ 4 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ » يونس عليه السلام .
ص: 17
[ 5 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ » أيّوب عليه السلام .
[ 6 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى » زكريّا عليه السلام .
[ 7 ] « ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ » للمخلصين .
[ 8 ] « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ » للمضطرّين .
[ 9 ] « وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي . . » للداعين .
[ 10 ] « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ » فاطمة وزوجها عليهماالسلام .
وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يهتمّ لعشرة أشياء ، فآمنه اللّه منها ، وبشّره بها :
[ 1 ] لفراقه صلى الله عليه و آله وطنه .
فأنزل اللّه : « إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ » .
[ 2 ] ولتبديل القرآن بعده - كما فعل بسائر الكتب - .
فنزل : « إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ » .
[ 3 ] ولأمّته من العذاب .
فنزل : « وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » .
[ 4 ] ولظهور الدين .
« لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ » .
[ 5 ] وللمؤمنين بعده .
فنزل : « يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآْخِرَةِ » .
ص: 18
[ 6 ] ولخصمائهم .
فنزل : « يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » .
[ 7 ] وللشفاعة .
فنزل : « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى » .
[ 8 ] وللفتنة بعده على وصيّه .
فنزل : « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ »يعنى بعلي عليه السلام .
[ 9 ] ولثبات الخلافة في أولاده عليهم السلام .
فنزل : « لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ » .
[ 10 ] ولابنته عليهاالسلام حال الهجرة .
فنزل : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياما وَقُعُودا » الآيات .
ورأس التوّابين أربعة :
[ 1 ] آدم عليه السلام : « قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا » .
[ 2 ] ويونس عليه السلام : قال : « سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ » .
[ 3 ] وداود عليه السلام : « وَخَرَّ راكِعا وَأَنابَ » .
[ 4 ] وفاطمة عليهاالسلام : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياما وَقُعُودا » .
وخوّفت أربعة من الصالحات :
ص: 19
[ 1 ] آسية : عذّبت بأنواع العذاب ، فكانت تقول : « رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » .
[ 2 ] ومريم عليهاالسلام : خافت من الناس وهربت ، « فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي » .
[ 3 ] وخديجة عليهاالسلام : عذلها النساء في النبي صلى الله عليه و آله فهجرنها .
[ 4 ] فقالت فاطمة عليهاالسلام : أما كان أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ ألا يحفظ في ولده ؟ ما أسرع ما أحدثتم(1) ، وأعجل ما نكصتم!!(2) .
ورأس البكّائين ثمانية :
[ 1 ] آدم عليه السلام .
[ 2 ] ونوح عليه السلام .
[ 3 ] ويعقوب عليه السلام .
[ 4 ] ويوسف عليه السلام .
[ 5 ] وشعيب عليه السلام .
[ 6 ] وداود عليه السلام .
[ 7 ] وفاطمة عليهاالسلام .
[ 8 ] وزين العابدين عليه السلام .
ص: 20
قال الصادق عليه السلام : أمّا فاطمة عليهاالسلام فبكت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى تأذّى أهل المدينة ، فقالوا لها : آذيتنا بكثرة بكائك !! إمّا أن تبكي بالليل ، وإمّا أن تبكي بالنهار .
وكانت عليهاالسلام تخرج إلى مقابر الشهداء ، فتبكي(1) .
وخير نساء العالمين أربعة :
كتاب أبي بكر الشيرازي ، وروى أبو الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أبيه :
إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قرأ : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ » الآية ، فقال : يا علي ، خير نساء العالمين أربع :
مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله ، وآسية بنت مزاحم(2) .
أبو نعيم في الحلية ، وابن البيّع في المسند ، والخطيب في التاريخ ، وابن بطّة في الإبانة ، وأحمد السمعاني في الفضائل بأسانيدهم عن معمّر عن قتادة عن أنس .
ص: 21
وروى الثعلبي في تفسيره ، والسلامي في تاريخ خراسان ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين بأسانيدهم عن أبي هريرة .
وروى الشعبي عن جابر بن عبد اللّه وسعيد بن المسيّب .
وروى كريب عن ابن عباس ، وروى مقاتل عن سليمان عن الضحّاك عن ابن عباس .
وقد رواه أبو مسعود ، وعبد الرزّاق ، وأحمد ، وإسحاق ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله - واللّفظ للحلية - :
إنّه قال عليه السلام : حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله ، وآسية امرأة فرعون(1) .
وفي رواية مقاتل والضحّاك وعكرمة عن ابن عباس : وأفضلهنّ فاطمة عليهاالسلام .
الفضائل عن عبد الملك العكبري ، ومسند أحمد بإسنادهما عن كريب عن ابن عباس أنّه قال :
ص: 22
[ فاطمة ] سيّدة نساء أهل الجنّة(1) . . الخبر سواء . .
تاريخ بغداد بإسناد الخطيب عن حميد الطويل عن أنس قال النبي صلى الله عليه و آله : خير نساء العالمين(2) . . الخبر سواء . .
ثمّ إنّ النبي صلى الله عليه و آله فضّلها على سائر نساء العالمين في الدنيا والآخرة(3) .
روت عائشة وغيرها عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : يا فاطمة ، أبشري فإنّ
اللّه - تعالى - « اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ » ، وعلى نساء الإسلام ، وهو خير دين .
حذيفة : إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : أتاني ملك فبشّرني أنّ فاطمة سيّدة نساء الجنّة ، أو نساء أمّتي(4) .
البخاري ومسلم في صحيحهما ! وابن السعادات في فضائل العشرة ، وأبو بكر بن شيبة في أماليه ، والديلمي في فردوسه :
أنّه صلى الله عليه و آله قال : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة(5) .
ص: 23
حلية أبي نعيم : روى جابر عن سمرة عن النبي صلى الله عليه و آله في خبر : أما إنّها سيّدة النساء يوم القيامة(1) .
تاريخ البلاذري : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة عليهاالسلام : أنت أسرع أهلي لحاقا بي ، فوجمت(2) !
فقال لها : أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة ؟ فتبسّمت(3) .
الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : أسرّ النبي صلى الله عليه و آله إلى فاطمة عليهاالسلام
شيئا ، فضحكت .
فسألتها ، فقالت : قال لي : ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة ، أو نساء أمّتي(4) .
حلية الأولياء ، وكتاب الشيرازي : روى عمران بن حصين وجابر بن سمرة : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة عليهاالسلام فقال : كيف تجدينك يا بنيّة ؟
قالت : إنّي لوجعة ، وإنّه ليزيدني أنّه ما لي طعام آكله .
قال : يا بنيّة ، أما ترضين أنّك سيّدة نساء العالمين ؟
قالت : يا أبي ، فأين مريم بنت عمران عليهاالسلام ؟
قال : تلك سيّدة نساء عالمها ، وأنت سيّدة نساء عالمك ، أما - واللّه -
ص: 24
زوّجتك سيّدا في الدنيا والآخرة(1) .
وقيل للصادق عليه السلام : قول الرسول صلى الله عليه و آله : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ، أي سيّدة عالمها ؟
قال : ذاك مريم عليهاالسلام ، وفاطمة عليهاالسلام سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين
والآخرين(2) .
وفي الحديث : أنّ آسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران ، وخديجة يمشين أمام فاطمة عليهاالسلام كالحجّاب لها إلى الجنّة .
وفي الحساب :
من سيّدة الحور من ولد آدم كلّهم ، وزنه : أمّ الحجج فاطمة البتول .
عدد كلّ منهما ألف وستمائة وثمانية وتسعون .
وسأل بزل(3) الهروي الحسين بن روح رضى الله عنه ، فقال : كم بنات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال : أربع .
فقال : أيّتهنّ أفضل ؟ فقال : فاطمة .
ص: 25
قال : ولم صارت أفضل ، وكانت أصغرهن سنّا ، وأقلّهن صحبة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟
قال : لخصلتين خصّها اللّه بهما : أنّها ورثت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ونسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله منها ، ولم يخصّها بذلك إلاّ بفضل إخلاص عرفه من نيّتها(1) .
وقال المرتضى رضى الله عنه : التفضيل هو كثرة الثواب بأن يقع خلاص(2) ويقين ونيّة صافية ، ولا يمتنع من أن تكون عليهاالسلام قد فضّلت على أخواتها بذلك .
ويعتمد على أنّها أفضل نساء العالمين بإجماع الإمامية ، وعلى أنّه قد ظهر من تعظيم الرسول صلى الله عليه و آله لشأن فاطمة عليهاالسلام ، وتخصيصها من بين سائرهنّ ما ربما لا يحتاج إلى الاستدلال عليه .
قال مهيار :
يا ابنة المختار من كلّ الأذى روحي فداك
يا ابنة المختار إنّ اللّه بالفضل اجتباك
وارتضى بعلك للخلق جميعا وارتضاك
وعلى الأمّة جمعا فضّل اللّه أباك
* * *
وقال الزاهي :
وبمدح فاطمة البتول تنير لي
ظلم القيامة يوم ينفخ صورها
* * *
ص: 26
ص: 27
ص: 28
صحيح الدارقطني : رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمر بقطع لصّ ، فقال اللصّ : يا رسول اللّه ، قدّمته في الإسلام وتأمره بالقطع ؟
فقال : لو كانت ابنتي فاطمة !!!!!
فسمعت فاطمة عليهاالسلام فحزنت !!
فنزل جبرئيل عليه السلام بقوله : « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » فحزن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فنزل : « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا » .
فتعجّب النبي صلى الله عليه و آله من ذلك ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : كانت فاطمة عليهاالسلام حزنت من قولك ، فهذه الآيات لموافقتها لترضى .
سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي صالح في قوله : « وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ » قال : ما من مؤمن يوم القيامة إلاّ إذا قطع الصراط زوّجه اللّه على باب الجنّة بأربع نسوة من نساء الدنيا ، وسبعين ألف حورية من حور الجنّة ، إلاّ علي بن أبيطالب عليهماالسلام، فإنّه زوج البتول فاطمة عليهاالسلام في الدنيا، وهو زوجها
في الآخرة في الجنّة ، ليست له زوجة في الجنّة غيرها من نساء الدنيا، لكن له في الجنان سبعون ألف حوراء لكلّ حوراء سبعون ألف خادم .
ص: 29
وروي : أنّ فاطمة عليهاالسلام تمنّت وكيلاً عند غزاة علي عليه السلام ، فنزل « رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً » .
وسئل عالم ، فقيل : إنّ اللّه - تعالى - قد أنزل « هَلْ أَتى » في أهل البيت عليهم السلام ، وليس شيء من نعيم الجنّة إلاّ وذكر فيه إلاّ الحور العين !
قال : ذلك إجلالاً لفاطمة عليهاالسلام .
النبي صلى الله عليه و آله : لمّا خلق اللّه الجنّة خلقها من نور وجهه(1) ، ثمّ أخذ ذلك النور فقذفه ، فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة عليهاالسلام ثلث النور ، وأصاب عليا عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام ثلث النور .
فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد صلى الله عليه و آله ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد صلى الله عليه و آله(2) .
الحسين بن زيد بن علي عن الصادق عليه السلام ، وجابر الجعفي عن الباقر عليه السلام :
ص: 30
قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها(1) .
ابن شريح بإسناده عن الصادق عليه السلام ، وابن سعيد الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه و آله عن أمير المؤمنين عليه السلام .
وأبو صالح المؤذّن في الفضائل عن ابن عباس .
وأبو عبد اللّه العكبري في الإبانة ، ومحمود الإسفرائيني في الديانة ، رووا جميعا :
إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : يا فاطمة ، إنّ اللّه ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك .
وجاء سندل إلى الصادق عليه السلام وسأله عن ذلك ، فقال : يا سندل ، ألستم رويتم فيما تروون : أنّ اللّه - تعالى - يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟
قال : بلى .
قال : فما تنكر أن تكون فاطمة عليهاالسلام مؤمنة يغضب لغضبها ويرضى لرضاها .
فقال سندل : « اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ »(2) .
قال خطيب منبج :
وكان اللّه يرضى حين ترضى
ويغضب إن غدت في المغضبينا
* * *
ص: 31
تاريخ بغداد ، وكتاب السمعاني ، وأربعين ابن المؤذّن ، ومناقب فاطمة عليهاالسلام عن ابن شاهين بأسانيدهم عن حذيفة وابن مسعود :
قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ فاطمة عليهاالسلام أحصنت فرجها ، فحرّم اللّه ذرّيّتها على النار(1) .
وقال ابن منده : خاصّ الحسن والحسين عليهماالسلام(2) .
ويقال : أي مَن ولدته بنفسها ، وهو المروي عن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلام(3) ، والأولى كلّ مؤمن منهم .
سئل الصادق عليه السلام عن معنى « حيّ على خير العمل » .
فقال : خير العمل برّ فاطمة عليهاالسلام وولدها .
وفي خبر آخر : الولاية(4) .
ص: 32
قال الصاحب :
حبّ علي لي أمل
وملجئي من الوجل
إن لم يكن لي من عمل
فحبّه خير العمل(1)
* * *
وفي المحاضرات : روى أبو هريرة : أنّه سجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بخمس سجدات بلا ركوع ، فقلنا له في ذلك .
فقال : أتاني جبرئيل عليه السلام ، فقال : إنّ اللّه يحبّ عليا عليه السلام ، فسجدت .
فرفعت رأسي ، فقال : إنّ اللّه يحبّ الحسن عليه السلام ، فسجدت .
فرفعت رأسي ، فقال : إنّ اللّه يحبّ الحسين عليه السلام ، فسجدت .
ورفعت رأسي ، ثمّ قال : إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليهاالسلام ، فسجدت .
ثمّ قال : إنّ اللّه يحبّ من أحبّهم ، فسجدت(2) .
السمعاني في الرسالة القوامية ، والزعفراني في فضائل الصحابة ، والأشنهي في اعتقاد أهل السنّة ، والعكبري في الإبانة ، وأحمد في الفضائل ، وابن المؤذّن في الأربعين بأسانيدهم عن الشعبي عن أبي جحيفة ، وعن ابن عباس ، والأصبغ عن أبي أيّوب .
ص: 33
وقد روى حفص بن غياث عن القزويني عن عطاء عن أبي هريرة ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله قال :
إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي اللّه - تعالى - نادى مناد من وراء الحجاب :
أيّها الناس ، غضّوا من أبصاركم ، ونكّسوا من رؤوسكم ، فإنّ فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله تجوز على الصراط(1) .
وفي حديث أبي أيّوب : فيمرّ معها سبعون جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع(2) .
وروى أهل البيت عليهم السلام : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة عليهاالسلام على ناقة من نوق الجنّة ، مدبّجة(3) الجنبين ، خطامها(4)
ص: 34
من لؤلؤ رطب(1) ، قوائمها من الزمرّد الأخضر ، ذنبها من المسك الأذفر(2) ، عيناها ياقوتتان حمراوان ، عليها قبّة من نور ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، داخلها عفو اللّه ، وخارجها رحمة اللّه ، على رأسها تاج من نور ، للتاج سبعون ركنا ، كلّ ركن مرصّع بالدرّ والياقوت يضيء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء ، وعن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وجبرئيل عليه السلام آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته : غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليهاالسلام .
قال : فتسير حتى تحاذي عرش ربّها(3) . . الخبر .
قال البشنوي :
وقف الندا في موضع عبرت
فيه البتول عيونكم غضّوا
فتغضّ والأبصار خاشعة
وعلى بنان الظالم العضّ
تسودّ حينئذٍ وجوه
ووجوه أهل الحقّ تبيضّ
* * *
وقال خطيب منبج :
توافي في النشور على نجيب
به أملاك ربّك محدقونا
ويسمع من خلال العرش صوت
ينادي والخلائق شاخصونا
ص: 35
ألا إنّ البتول تجوز فيكم
فغضّوا من مهابتها العيونا
* * *
وقال أبو الحسين البوشنجي :
قال النبي المصطفى فيما روى
عنه علي وهو نور يقبس
نادى مناد من وراء الحجب في
يوم القيامة والخلائق أركسوا
هاتيك فاطمة سليلة أحمد
تهوى تجوز على الصراط ونكّسوا
* * *
النبي صلى الله عليه و آله في خبر تقدّم أوّله ، قال : فتسير - يعني فاطمة عليهاالسلام - حتى تحاذي عرش ربّها ، وترجع(1) نفسها عن ناقتها وتقول :
إلهي وسيدي ! احكم بيني وبين من ظلمني ، احكم بيني وبين من قتل ولدي .
فإذا النداء من قبل اللّه : يا حبيبتي وابنه حبيبي ، سليني تعطي ، واستشفعي تشفّعي ، فوعزّتي وجلالي ، لا جازني ظلم ظالم .
ص: 36
فتقول : إلهي وسيدي ! ذرّيّتي ، وشيعتي ، وشيعة ذرّيّتي ، ومحبّي ذرّيّتي .
فإذا النداء من قبل اللّه : أين ذرّية فاطمة وشيعتها ومحبّوها ومحبّوا ذرّيتها ؟! فيقبلون(1) ، وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة ، فتقدّمهم فاطمة عليهاالسلام كلّهم حتى تدخلهم الجنّة(2) .
وفي خبر آخر : تحشر فاطمة عليهاالسلام وتخلع عليها الحلل ، وهي آخذة بقميص الحسين عليه السلام ملطّخ بالدم ، وقد تعلّقت بقائم العرش تقول : ربّي احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين ، فيؤخذ لها بحقّها(3) .
قال مسعود بن عبد اللّه القايني :
لابدّ أن ترد القيامة فاطم
وقميصها بدم الحسين ملطّخ
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه
والصور في يوم القيامة ينفخ
* * *
وقال آخر :
حسب الذي قتل الحسين
من الخسارة والندامه
أنّ الشفيع لدى الإله
خصيمه يوم القيامه
* * *
ص: 37
وقال الصاحب :
سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم
إذا حان معشر التعديل
وأبوها وبعلها وبنوها
حولها والخصام غير قليل
وتنادي يا ربّ ذبح أولادي
لماذا وأنت أنت مديلي(1)
فينادي بمالك ألهب الناروأجّج وخذ بأهل الغلول
ويجازى كلّ بما كان منهمن عقاب التخليد والتنكيل(2)
* * *
وقال شاعر آخر :
كأنّي ببنت المصطفى قد تعلّقت
يداها بساق العرش والدمع أذرت(3)
وفي حجرها ثوب الحسين مضرّجاوعنها جميع العالمين بحسرة
تقول أيا عدل اقض بيني وبين منتعدّى على ابني بين قهر وقسوة
أجالوا عليه بالصوارم والقناوكم جال فيهم من سنان وشفرة(4)
ص: 38
فيقضي على قوم إليها تألّبوا(1)
بشرّ عذاب النار من غير فترة
* * *
أبو بكر مردويه في كتاب بالإسناد عن سنان الأوسي :
قال النبي صلى الله عليه و آله : حدّثني جبرئيل عليه السلام أنّ اللّه - تعالى - لمّا زوّج فاطمة عليا عليهماالسلام أمر رضوان ، فأمر شجرة طوبى ، فحملت رقاعا لمحبّي أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله ، ثمّ أمطرها ملائكة من نور بعدد تلك الرقاع ، فأخذ تلك الملائكة الرقاع .
فإذا كان يوم القيامة واستوت بأهلها أهبط اللّه الملائكة بتلك الرقاع ، فإذا لقى ملك من تلك الملائكة رجلاً من محبّي آل بيت محمد صلى الله عليه و آله دفع إليه رقعة براءة من النار(2)(3) .
ص: 39
ص: 40
ص: 41
وجاء في كثير من الكتب منها : كشف الثعلبي ، وفضائل أبي السعادات :
في معنى قوله : « لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا وَلا زَمْهَرِيرا » أنّه قال ابن عباس :
بينا أهل الجنّة في الجنّة بعد ما سكنوا رأوا نورا أضاء الجنان ، فيقول أهل الجنّة : يا ربّ ، إنّك قد قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل : « لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا » !
فينادي مناد : ليس هذا نور الشمس ، ولا نور القمر ، وإنّ عليا وفاطمة عليهماالسلام تعجّبا من شيء فضحكا ، فأشرقت الجنان من نورهما(1) .
ص: 42
شعبة بن الحجّاج عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في خبر قال :
سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : كنت جالسا ، وإذا نور ضرب وجهي ، فقلت لجبرئيل عليه السلام : ما هذا النور الذي رأيته ؟
قال : يا محمد ، هذا لا نور الشمس ، ولا نور القمر ، ولكن جارية من جواري علي بن أبى طالب اطلعت من قصرها ، فنظرت إليك فضحكت ، فهذا النور خرج من فيها ، وهي تدور في الجنّة إلى أن يدخلها أمير المؤمنين عليه السلام(1) .
قال الحميري :
وأخبرنا الإله بما وقاهم
ولقّاهم هناك من السرور
وأكرمهم لما صبروا جميعا
بجنّات وألوان الحرير
فلا شمسا يرون ولا حميما
ولا غسّاق بين الزمهرير(2)
* * *
وقال العبدي :
أو ليس الإله قال لنا
لا شمس فيها يرى ولا زمهريرا
وإذا بالنداء يا ساكن الجنّة
مهلاً أمنتم التغييرا
ص: 43
ذا علي الوصي داعب(1) مولا
تكم فاطما فأبدت سرورا
فبدا إذ تبسّمت ذلك النورفزادت كرامة وحبورا(2)
* * *
أبو صالح في الأربعين عن أبي حامد الإسفرائيني بإسناده عن أبي هريرة قال :
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة عليهاالسلام(3) .
ص: 44
ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة عليهاالسلام ، والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، وابن بطّة في الإبانة عن الكلبي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام :
قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : هل تدري لم سمّيت فاطمة ؟
قال علي عليه السلام : لم سمّيت فاطمة يا رسول اللّه ؟
قال : لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار(1) .
أبو علي السلامي في تاريخه بإسناده عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة :
قال علي عليه السلام : إنّما سمّيت فاطمة ، لأنّ اللّه فطم من أحبّها من النار(2) .
ابن شيرويه في الفردوس عن جابر الأنصاري : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّما سمّيت ابنتي فاطمة ، لأنّ اللّه فطمها وفطم محبّيها عن النار(3) .
ص: 45
الصادق عليه السلام : أتدري أيّ شيء تفسير فاطمة ؟ قلت : أخبرني يا سيدي ، قال : فطمت من الشرّ(1) .
ويقال : إنّها سمّيت فاطمة عليهاالسلام ، لأنّها فطمت عن الطمث(2) .
أبو صالح المؤذّن في الأربعين : سئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما البتول ؟
قال النبي صلى الله عليه و آله : لم تر حمرة قطّ ، ولم تحض ، فإنّ الحيض مكروه على بنات الأنبياء(3) .
وقال صلى الله عليه و آله لعائشة : يا حميراء ، إنّ فاطمة عليهاالسلام ليست كنساء الآدميّين ، لا تعتلّ كما يعتللن(4) .
أبو عبد اللّه عليه السلام قال : حرّم اللّه النساء على علي عليه السلام ما دامت فاطمة عليهاالسلام حيّة ، لأنّها طاهرة لا تحيض(5) .
ص: 46
وقال عبيد الهروي في الغريبين : سمّيت مريم عليهاالسلام بتولاً ، لأنّها بتلت(1) عن الرجال ، وسمّيت فاطمة عليه السلام بتولاً ، لأنّها بتلت عن النظير .
أبو هاشم العسكري : سألت صاحب العسكر عليه السلام لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام «الزهراء» ؟
فقال : كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند الغروب - غروب الشمس - كالكوكب الدرّي .
الحسن بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام
«الزهراء» ؟
قال : لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوتة حمراء ، ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة ، معلّقة بقدرة الجبّار ، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها ، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها ، لها مائة ألف باب ، وعلى كلّ باب ألف من الملائكة ، يراها أهل الجنّة كما يرى أحدكم الكوكب الدرّي الزاهر في أفق السماء ، فيقولون : هذه الزهراء لفاطمة عليهاالسلام .
ص: 47
قال منصور الفقيه :
إذا فخرت بنو الإسلام يوما
على من ليس من آل الرسول
قضيت لها كما أقضي عليها
بأنّ خيارها ولد البتول
* * *
وقال الصاحب :
قد قلت قولاً صادقا بيّنا
وليست النفس به آثمه
لكلّ شيء فاضل جوهر
وجوهر الناس بنو فاطمه(1)
* * *
ص: 48
ص: 49
ص: 50
جامع الترمذي ، وإبانة العكبري ، وأخبار فاطمة عليهاالسلام عن أبي علي الصولي ، وتاريخ خراسان عن السلامي مسندا :
إنّ جميعا التيمي قال : دخلت مع عمّتي على عائشة ، فقالت لها عمّتي : ما حملك على الخروج على علي عليه السلام ؟
فقالت عائشة : دعينا ، فواللّه ما كان أحد من الرجال أحبّ إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله من علي عليه السلام ، ولا من النساء أحبّ إليه من فاطمة عليهاالسلام(1) .
فضائل العشرة عن أبي السعادات ، وفضائل الصحابة عن السمعاني ، وفي روايات عن شريك ، والأعمش ، وكثير النوا ، وابن الحجّام ، كلّهم عن جميع بن عمير عن عائشة ، وعن أسامة عن النبي صلى الله عليه و آله .
وروى عن عبد اللّه بن عطاء عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال :
سألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّ النساء أحبّ إليك ؟
قال : فاطمة .
ص: 51
قلت : من الرجال ؟ قال : زوجها(1) .
جامع الترمذي : قال بريدة : كان أحبّ النساء إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام ، ومن الرجال علي عليه السلام(2) .
قوت القلوب عن أبي طالب المكّي ، والأربعين عن أبي صالح المؤذّن ، وفضائل الصحابة عن أحمد بالإسناد عن سفيان ، وعن الأعمش عن أبي الجحّاف عن جميع عن عائشة :
أنّه قال علي عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله - لمّا جلس بينه وبين فاطمة عليهاالسلام وهما مضطجعان - : أيّنا أحبّ إليك ، أنا أو هي ؟
فقال صلى الله عليه و آله : هي أحبّ إليّ ، وأنت أعزّ عليّ منها(3) .
ص: 52
وفي خبر عن جابر بن عبد اللّه : أنّه افتخر علي وفاطمة عليهماالسلامبفضائلهما ، فأخبر جبرئيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله أنّهما قد أطالا الخصومة !! في محبّتك فاحكم بينهما .
فدخل وقصّ عليهما مقالتهما ، ثمّ أقبل على فاطمة عليهاالسلام وقال : لك حلاوة الولد ، وله عزّ الرجال ، وهو أحبّ إليّ منك !
فقالت فاطمة عليهاالسلام : والذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك الأمّة ، لا زلت مقرّة له ما عشت .
حلية الأولياء في خبر عن كعب بن عجزة : أنّ المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّنا أولى به وأحبّ إليه ؟!
فقال : أما أنتم يا معشر الأنصار ، فإنّما أنا أخوكم ، فقالوا : اللّه أكبر ، ذهبنا به وربّ الكعبة .
وأمّا أنتم يا معشر المهاجرين ، فإنّما أنا منكم ، فقالوا : اللّه أكبر ، ذهبنا به وربّ الكعبة .
وأمّا أنتم يا بني هاشم ، فأنتم منّي وإليّ .
فقمنا وكلّنا راض مغتبط برسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .
ص: 53
عامر الشعبي ، والحسن البصري ، وسفيان الثوري ، ومجاهد ، وابن جبير ، وجابر الأنصاري ، ومحمد الباقر عليه السلام ، وجعفر الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال :
إنّما فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها فقد أغضبني(1) .
أخرجه البخاري عن المسور بن مخزمة .
وفي رواية جابر : فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى اللّه (2) .
وفي مسلم والحلية : إنّما فاطمة ابنتي بضعة منّي يريبني ما أرابها(3) ، ويؤذيني ما آذاها(4) .
سعدبن أبي وقّاص : سمعت النبي صلى الله عليه و آله
يقول : فاطمة بضعة منّي من سرّها
ص: 54
فقد سرّني ، ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعزّ البريّة عليّ(1) .
مستدرك الحاكم عن أبي سهل بن زياد عن إسماعيل ، وحلية أبي نعيم عن الزهري وابن أبي مليكة ، والمسور بن مخزمة :
أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إنّما فاطمة شجنة(2) منّي ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها(3) .
وجاء سهل بن عبد اللّه إلى عمر بن عبد العزيز فقال : إنّ قومك يقولون : إنّك تؤثر عليهم ولد فاطمة عليهاالسلام !
فقال عمر : سمعت الثّقة من الصحابة أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة منّي يرضيني ما أرضاها ، ويسخطني ما أسخطها ، فواللّه إنّي لحقيق أن أطلب رضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ورضاه ، ورضاها في رضى ولدها(4) .
ص: 55
وقد علموا أنّ النبي يسرّه
مسرّتها جدّا ويشني(1) اغتمامها(2)
* * *
قوله صلى الله عليه و آله هذا يدلّ على عصمتها ، لأنّها لو كانت ممّن تقارف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذيا له صلى الله عليه و آله على كلّ حال ، بل كان من فعل المستحقّ من ذمّها وإقامة الحدّ إن كان الفعل يقتضيه سارّا له ومطيعا(3) .
ص: 56
أبو ثعلبة الخشني قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا قدم من سفره يدخل على فاطمة عليهاالسلام ، فدخل عليها ، فقامت إليه واعتنقته وقبّلت بين عينيه .
الأربعين : عن ابن المؤذّن بإسناده عن النضر بن شميل عن ميسرة عن المنهال عن عائشة بنت طلحة عن عائشة بنت أبي بكر .
وفي فضائل السمعاني بإسناده عن عكرمة قالا : كان النبي صلى الله عليه و آله إذا قدم من مغازيه قبّل فاطمة عليهاالسلام(1) .
ورووا عن عائشة : أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت إذا دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله قام لها من مجلسه ، وقبّل رأسها(2) ، وأجلسها مجلسه ، وإذا جاء إليها لقيته وقبّل كلّ واحد منهما صاحبه وجلسا معا(3) .
ص: 57
أبو السعادات في فضائل العشرة ، وابن المؤذّن في الأربعين بالإسناد عن عكرمة عن ابن عباس ، وعن أبي ثعلبة الخشني ، وعن نافع عن ابن عمر قالوا :
كان النبي صلى الله عليه و آله إذا أراد سفرا كان آخر الناس عهدا بفاطمة عليهاالسلام ، وإذا قدم كان أوّل الناس عهدا بفاطمة عليهاالسلام(1) .
ولو لم يكن لها عند اللّه - تعالى - فضل عظيم لم يكن رسول اللّه صلى الله عليه و آله يفعل معها ذلك ، إذ كانت ولده ، وقد أمر اللّه بتعظيم الولد للوالد ، ولا يجوز أن يفعل معها ذلك وهو بضدّ ما أمر به أمّته عن اللّه تعالى .
أبو سعيد الخدري قال : كانت فاطمة عليهاالسلام من أعزّ الناس على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فدخل عليها يوما وهي تصلّي .
فسمعت كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله في رحلها ، فقطعت صلاتها ، وخرجت من المصلّى ، فسلّمت عليه ، فمسح يده على رأسها وقال : يا بنيّة ، كيف أمسيت رحمك اللّه ، عشّينا غفر اللّه لك ، وقد فعل(2) . . .
ص: 58
أخبار فاطمة عليهاالسلام عن أبي الصولي : قال عبد اللّه بن الحسن عليه السلام : دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله على فاطمة عليهاالسلام ، فقدّمت له كسرة يابسة من خبز شعير ، فأفطر عليها ، ثمّ قال : يا بنيّة ، هذا أوّل خبز أكل أبوك منذ ثلاثة أيّام(1) .
فجعلت فاطمة عليهاالسلام تبكي ورسول اللّه صلى الله عليه و آله يمسح وجهها بيده .
أبو صالح المؤذّن في الأربعين بالإسناد عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود قال :
سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : إنّ اللّه - تعالى - لمّا أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام ففعلت ، فقال لي جبرئيل عليه السلام :
إنّ اللّه بنى جنّة من لؤلؤة ، بين كلّ قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشذّرة بالذهب ، وجعل سقوفها زبرجدا أخضر ، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكلّلة بالياقوت .
ثمّ جعل غرفا ، لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، ولبنة من درّ ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد .
ثمّ جعل فيها عيونا تنبع من نواحيها ، وحفّ بالأنهار ، وجعل على الأنهار قبابا من درّ قد شعّبت(2) بسلاسل الذهب ، وحفّت بأنواع الشجر .
ص: 59
وبنى في كلّ قصر(1) [ قبّة ] ، وجعل في كلّ قبّة أريكة من درّة بيضاء ، غشاؤها السندس والإستبرق ، وفرش أرضها بالزعفران ، وفتق بالمسك والعنبر ، وجعل في كلّ قبّة حوراء .
والقبّة لها مائة باب ، على كلّ باب جاريتان وشجرتان ، في كلّ قبّة مفرش وكتاب مكتوب حول القباب « آية الكرسي » .
فقلت : يا جبرئيل ، لمن بنى اللّه هذه الجنّة ؟
قال : بناها لعلي بن أبي طالب وفاطمة عليهماالسلام ابنتك سوى جنانهما ، تحفة أتحفهما اللّه ، ولتقرّ بذلك عينك يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله(2) .
ابن عبد ربّه الأندلسي في العقد عن عبد اللّه بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال :
دخل الحسن بن علي عليهماالسلام على جدّه صلى الله عليه و آله وهو يتعثّر بذيله ، فأسرّ إلى النبي صلى الله عليه و آله سرّا ، فرأيته تغيّر لونه .
ثمّ قام النبي صلى الله عليه و آله حتى أتى فاطمة عليهاالسلام ، فأخذ بيدها ، فهزّها إليه هزّا
قويّا ، ثمّ قال : يا فاطمة ، إيّاك وغضب علي عليه السلام !!! فإنّ اللّه يغضب لغضبه ويرضى لرضاه .
ص: 60
ثمّ جاء علي عليه السلام ، فأخذ النبي صلى الله عليه و آله بيده ، ثمّ هزّها إليه هزّا خفيفا ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، إيّاك وغضب فاطمة !!! فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها .
فقلت : يا رسول اللّه ، مضيت مذعورا وقد رجعت مسرورا ! فقال : يا معاوية ، كيف لا أسرّ وقد أصلحت بين إثنين هما أكرم الخلق(1) .
ص: 61
وفي رواية عبد اللّه بن الحارث ، وخبيب بن ثابت ، وعلي بن إبراهيم :
.. إثنين أحبّ من في الأرض إليّ .
قال ابن بابويه : هذا غير معتمد ، لأنّهما منزّهان عن أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .
الباقر والصادق عليهماالسلام : أنّه كان صلى الله عليه و آله لا ينام حتى يقبّل عرض وجه فاطمة عليهاالسلام ، ويضع وجهه بين ثديي فاطمة عليهاالسلام ويدعو لها(2) .
وفي رواية : حتى يقبّل عرض وجنة فاطمة عليهاالسلام ، أو بين ثدييها(3) .
أبو بكر محمد بن عبد اللّه الشافعي ، وابن شهاب الزهري ، وابن المسيّب كلّهم عن سعد بن أبي وقّاص .
ص: 62
وأبو معاذ النحوي المروزي ، وأبو قتادة الحرّاني عن سفيان الثوري عن هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة .
والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، والأشنهي في الاعتقاد ، والسمعاني في الرسالة ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين ، وابن السعادات في الفضائل .
ومن أصحابنا : أبو عبيدة الحذّاء وغيره عن الصادق عليه السلام :
أنّه كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليهاالسلام ، فأنكرت عليه بعض نسائه ، فقال صلى الله عليه و آله : إنّه لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام ،
فأدخلني الجنّة ، فناولني من رطبها فأكلتها - وفي رواية : فناولني منها تفّاحة فأكلتها - فتحوّل ذلك نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة عليهاالسلام ، فحملت بفاطمة عليهاالسلام ، ففاطمة عليهاالسلام حوراء إنسيّة .
فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي(1) .
ودخل النبي صلى الله عليه و آله على فاطمة عليهاالسلام فرآها منزعجة، فقال لها: ما
لك ؟ قالت : الحميراء افتخرت على أمّي أنّها لم تعرف رجلاً قبلك! وأنّ أمّي عرفتها مسنّة !
فقال صلى الله عليه و آله : إنّ بطن أمّك كان للإمامة وعاء(2) .
ص: 63
ابن عبد ربّه في العقد : أنّ المهدي رأى في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه عنه ، فلمّا انتبه قصّ رؤياه على الربيع .
فقال : إنّ شريكا مخالف لك ، وإنّه فاطمي محضا .
قال المهدي : عليّ بشريك ، فأتى به .
فلمّا دخل عليه قال : بلغني أنّك فاطمي ؟
قال: أعيذك باللّه أن تكون غير فاطمي ، إلاّ أن تعني فاطمة بنت كسرى .
قال : لا ، ولكن أعني فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله .
قال : فتلعنها ؟
قال ، لا ، معاذ اللّه .
قال : فما تقول فيمن يلعنها ؟
قال : عليه لعنة اللّه .
قال : فالعن هذا - يعني الربيع - .
قال : لا - واللّه - ما ألعنها يا أمير المؤمنين .
قال له شريك : يا ماجن ، فما ذكرك لسيدة نساء العالمين عليهاالسلام وابنة سيّد المرسلين صلى الله عليه و آله في مجالس الرجال ؟
قال المهدي : فما وجه المنام ؟
قال : إنّ رؤياك ليست برؤيا يوسف عليه السلام ، وإنّ الدماء لا تستحلّ بالأحلام(1) .
ص: 64
وأتي برجل شتم فاطمة عليهاالسلام إلى الفضل بن الربيع ، فقال لابن غانم : انظر في أمره ما تقول .
قال : يجب عليه الحدّ .
قال له الفضل : هي ذا أمّك إن حددته ، فأمر بأن يضرب ألف سوط ويصلب في الطريق(1) .
قال ابن الحجّاج في ردّه على مروان بن أبي حفصة :
أكان قولك في الزهراء فاطمة
قول امرئ لهج بالنصب مفتون
عيّرتها بالرحى والحبّ تطحنه
لا زال زادك حبّا غير مطحون
وقلت إنّ رسول اللّه زوّجها
مسكينة بنت مسكين لمسكين
ستّ النساء غدا في الحشر يخدمها
أهل الجنان بحور الحرّ والعين
* * *
ص: 65
وقال آخر :
بني الضلالة دسّوا
رؤوسكم في التراب
بني الضلالة أنتم
أهل الخنا والمعاب
هجرتم آل طه
والحشر والأحزاب
هجرتم من أبوها
شفيع يوم الحساب
وزوجها أوّل الناس
من قام في المحراب
* * *
ص: 66
ص: 67
ص: 68
في الإحياء : أنّه قرأ ابن عباس : « وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ »
ولا نبي ولا محدّث(1) .
سليم قال : سمعت محمد بن أبي بكر قرأ : « وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ » ولا نبي ولا محدّث .
قلت : وهل تحدّث الملائكة إلاّ الأنبياء ؟
قال : مريم ، ولم تكن نبية وكانت محدّثة ، وأمّ موسى عليه السلام ، ولم تكن نبية وكانت محدّثة ، وسارة وقد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب عليهماالسلام، ولم تكن نبيّة، وفاطمة عليهاالسلام كانت محدّثة ولم تكن نبيّة(2).
وقد ذكر سعد القمّي في بصائر الدرجات ، ومحمد بن يعقوب الكليني في الكافي بابا في ذلك ، منها :
قال أبو عبد اللّه عليه السلام : الرسول الذي يظهر له الملك فيكلّمه ، والنبي الذي يؤتى في منامه ، وربما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد ، والمحدّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة(3) .
ص: 69
سهل بن أبي صالح عن ابن عباس : أنّه أغمي على النبي صلى الله عليه و آله في مرضه فدقّ بابه ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : من ذا ؟
قال: أنا رجل غريب أتيت أسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أتأذنون لي في الدخول عليه ؟
فأجابت عليهاالسلام : امض - رحمك اللّه - لحاجتك ، فرسول اللّه صلى الله عليه و آله عنك مشغول .
فمضى ثمّ رجع ، فدقّ الباب وقال : غريب يستأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أتأذنون للغرباء ؟
فأفاق رسول اللّه صلى الله عليه و آله من غشيته ، فقال : يا فاطمة ، أتدرين من هذا ؟
قالت : لا يا رسول اللّه .
قال : هذا مفرّق الجماعات ، ومنغّص اللّذات ، هذا ملك الموت ، ما استأذن - واللّه - على أحد قبلي ، ولا يستأذن لأحد من بعدي ، استأذن عليّ لكرامتي على اللّه ، ائذني له ، فقالت : ادخل رحمك اللّه .
فدخل كريحٍ هفّافة(1) ، وقال : السلام على أهل بيت رسول اللّه ، فأوصى النبي صلى الله عليه و آله إلى علي عليه السلام بالصبر عن الدنيا ، وبحفظ فاطمة عليهاالسلام ، وبجمع القرآن ، وبقضاء دينه ، وبغسله ، وأن يعمل حول قبره حائطا ، ويحفظ الحسن والحسين عليهماالسلام .
ص: 70
أبو عبيدة عن الصادق عليه السلام قال : بكت فاطمة عليهاالسلام على أبيها خمسة وسبعين يوما(1) ، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها ويخبرها بحال أبيها ، ويعزّيها ، ويخبرها بالحوادث بعدها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك(2) .
وهذا كقوله تعالى : « فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي » .
ص: 71
أبو علي الصولي في أخبار فاطمة عليهاالسلام ، وأبو السعادات في فضائل العشرة عن أبي ذر الغفاري قال :
بعثني النبي صلى الله عليه و آله أدعو عليا ، فأتيت بيته وناديته ، فلم يجبني ، فأخبرت النبي صلى الله عليه و آله ، فقال : عد إليه ، فإنّه في البيت .
فأتيت ودخلت عليه ، فرأيت الرحى تطحن ولا أحد عندها ، فقلت لعلي عليه السلام : إنّ النبي صلى الله عليه و آله يدعوك ، فخرج متوشّحا حتى أتى النبي صلى الله عليه و آله .
فأخبرت النبي صلى الله عليه و آله بما رأيت ، فقال : يا أبا ذر ، لا تعجب فإنّ للّه ملائكة سيّاحون في الأرض موكّلون بمعونة آل محمد صلى الله عليه و آله(1) .
الحسن البصري ، وابن إسحاق عن عمّار وميمونة أنّ كليهما قالا :
وجدت فاطمة عليهاالسلام نائمة والرحى تدور ، فأخبرت رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك .
فقال صلى الله عليه و آله: إنّ اللّه علم ضعف أمته، فأوحى إلى الرحى أن تدور فدارت(2).
وقد رواه أبو القاسم البستي في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين عن الشعبي بإسناده عن ميمونة ، وابن فيّاض في شرح الأخبار(3) .
ص: 72
وروي : أنّها عليهاالسلام ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها ، فربما بكى ولدها فرؤي المهد يتحرّك ، وكان ملك يحرّكه .
محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام قال : بعث رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسلمانا إلى فاطمة عليهاالسلام .
قال : فوقفت بالباب وقفة حتى سلّمت ، فسمعت فاطمة عليهاالسلام تقرأ القرآن من جوّا ، وتدور الرحى من برّا ما عندها أنيس .
وقال في آخر الخبر : فتبسّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : يا سلمان ، ابنتي فاطمة ملأ اللّه قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها ، تفرّغت لطاعة اللّه ، فبعث اللّه ملكا اسمه « زوقابيل »(1) - وفي خبر آخر : جبرئيل عليه السلام - فأدار لها الرحى ، وكفاها اللّه مؤنة الدنيا مع مؤنة الآخرة(2) .
قال ابن حمّاد :
وقالت أم أيمن جئت يوما
إلى الزهراء في وقت الهجير
فلمّا أن دنوت سمعت صوتا
وطحنا في الرحاء مع الهدير
فجئت الباب أقرعه مليّا
فما من سامع أو من مجير
إذ الزهراء نائمة سكوت
وطحن للرحاء بلا مدير
فجئت المصطفى فقصصت شأني
وما عاينت من أمر ذعور
فقال المصطفى شكرا لربّي
بإتمام الحباء لها جدير
ص: 73
رآها اللّه متعبة فألقى
عليها النوم ذو المنّ الكبير
ووكّل بالرحى ملكا مديرا
فعدت وقد ملئت من السرور
* * *
علي بن معمّر قال : خرجت أم أيمن إلى مكّة لمّا توفّيت فاطمة عليهاالسلام ، وقالت : لا أرى المدينة بعدها ، فأصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت على نفسها .
قال : فكسرت عينيها نحو السماء ، ثمّ قالت : يا ربّ ! أتعطشني وأنا خادمة بنت نبيّك صلى الله عليه و آله ؟!
قال : فنزل إليها دلو من ماء الجنّة ، فشربت ، ولم تجع ، ولم تطعم سنين(1) .
مالك بن دينار : رأيت في مودّع الحجّ امرأة ضعيفة على دابّة نحيفة ، والناس ينصحونها لتنكص .
فلمّا توسّطنا البادية كلّت دابتها ، فعذلتها في إتيانها .
ص: 74
فرفعت رأسها إلى السماء وقالت : لا في بيتي تركتني ، ولا إلى بيتك حملتني ، فوعزّتك وجلالك ، لو فعل بي هذا غيرك لما شكوته إلاّ إليك .
فإذا شخص أتاها من الفيفاء ، وفي يده زمام ناقة ، فقال لها : اركبي ، فركبت وسارت الناقة كالبرق الخاطف .
فلمّا بلغت المطاف رأيتها تطوف ، فحلّفتها : من أنت ؟
فقالت : أنا شهرة بنت مسكة بنت فضة خادمة الزهراء عليهاالسلام .
الثعلبي في تفسيره ، وابن المؤذّن في الأربعين بإسنادهما عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه :
أنّ النبي صلى الله عليه و آله أقام أيّاما لم يطعم طعاما ، وجاء إلى منازل أزواجه فلم يصب شيئا ، فجاء إلى فاطمة عليهاالسلام . . - القصّة بطولها - .
فإذا جفنة تفور فيها طعام ، فقال : « أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ » .
فقال النبي صلى الله عليه و آله : الحمد اللّه الذي لم يمتني حتى رأيت في ابنتي ما رآه زكريّا لمريم ، كان إذا « دَخَلَ عَلَيْها » « وَجَدَ عِنْدَها رِزْقا » ، فيقول لها : يا مريم ، « أَنّى لَكِ هذا » ؟ فتقول : « هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ »(1) .
ص: 75
ورهنت عليهاالسلام كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير .
فلمّا دخل زيد داره قال : ما هذه الأنوار في دارنا !
قالت : لكسوة فاطمة عليهاالسلام .
فأسلم في الحال ، وأسلمت امرأته وجيرانه ، حتى أسلم ثمانون نفسا(1)(2) .
وسألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله خاتما ، فقال: ألا أعلّمك ما هو خير من الخاتم؟ إذا صلّيت صلاة الليل فاطلبي من اللّه - عزّ وجلّ - خاتما، فإنّك تنالين حاجتك.
ص: 76
قالت : فدعت ربّها - تعالى - فإذا بهاتف يهتف : يا فاطمة، الذي طلبت منّي تحت المصلّى ، فرفعت المصلّى ، فإذا الخاتم ياقوت لا قيمة له ، فجعلته في أصبعها وفرحت .
فلمّا نامت في ليلتها رأت في منامها كأنّها في الجنّة ، فرأت ثلاثة قصور لم تر في الجنّة مثلها ، قالت : لمن هذه القصور ؟ قالوا : لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله .
قالت : فكأنّها دخلت قصرا من ذلك ، ودارت فيه ، فرأت سريرا قد مال على ثلاث قوائم ، فقالت : ما لهذا السرير قد مال على ثلاثة ؟
قالوا : لأنّ صاحبته طلبت من اللّه - تعالى - خاتما ، فنزع أحد القوائم وصيغ لها خاتم ، وبقي السرير على ثلاث قوائم .
فلمّا أصبحت دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقصّت القصّة ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : معاشر آل عبد المطّلب ، ليس لكم الدنيا إنّما لكم الآخرة ، وميعادكم الجنّة ، ما تصنعون بالدنيا ، فإنّها زائلة غرّارة .
فأمرها النبي صلى الله عليه و آله أن تردّ الخاتم تحت المصلّى ، فردّت ثمّ نامت على المصلّى ، فرأت في المنام أنّها دخلت الجنّة ، فدخلت ذلك القصر ، ورأت السرير على أربع قوائم ، فسألت عن حاله ، فقالوا : ردّت الخاتم ورجع السرير إلى هيئته !!!!!
أبو جعفر الطوسي في اختيار الرجال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن سلمان الفارسي :
ص: 77
أنّه لمّا استخرج أمير المؤمنين عليه السلام خرجت فاطمة عليهاالسلام حتى انتهت إلى القبر ، فقالت : خلّوا عن ابن عمّي ، فواللّه الذي بعث محمدا صلى الله عليه و آله بالحقّ لئن لم تخلّوا عنه لأنشرنّ شعري ، ولأضعنّ قميص رسول اللّه صلى الله عليه و آله على رأسي ، ولأصرخنّ إلى اللّه - تعالى - ، فما ناقة صالح بأكرم على اللّه من ولدي .
قال سلمان : فرأيت - واللّه - أساس حيطان المسجد تقلّعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ .
فدنوت منها وقلت : يا سيدتي ومولاتي ، إنّ اللّه - تبارك وتعالى - بعث إباك رحمة ، فلا تكوني نقمة !
فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها ، فدخلت في خياشيمنا(1) .
المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السلام في خبر : أنّ خديجة عليهاالسلام لمّا تزوج بها رسول اللّه صلى الله عليه و آله هجرها نساء مكّة ، فاستوحشت لذلك .
فلمّا حملت بفاطمة عليهاالسلام كانت فاطمة عليهاالسلام تحدّثها من بطنها ، فسمع ذلك يوما رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يبشّرني أنّها ابنتي ، وأنّها النسمة الطاهرة الميمونة ، وأنّ اللّه سيجعل نسلي منها .
ص: 78
قال : فلمّا حضرت ولادتها اغتمّت ، فدخل عليها أربع نسوة سمر طوال ، فقالت إحداهنّ : لا تحزني - يا خديجة - فإنّا رسل ربّك ، ونحن أخواتك ، وأنا سارة ، وهذه آسية ، وهذه مريم ، وهذه كلثم أخت موسى عليه السلام .
فجلسن عندها ، فوضعت فاطمة عليهاالسلام طاهرة ، فأشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكّة .
ودخل عشر من الحور العين معهنّ الأباريق والطاس ، وفي الأباريق ماء من الكوثر ، فغسلنها به ، ولففنها في خرقتين بيضاوين أشدّ بياضا من اللبن ، وأطيب ريحا من المسك .
فنطقت فاطمة عليهاالسلام وقالت : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله سيّد الأنبياء ، وأنّ بعلي عليه السلام سيّد الأوصياء ، وولدي سادة الأسباط .
ثم سلّمت عليهن ، وسمّت كلّ واحدة باسمها ، وتباشرت الحور العين ،
فقلن : خذيها - يا خديجة - طاهرة مطهّرة زكيّة ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها .
فكانت تنمو في اليوم كما ينمى الصبي في الشهر(1) .
قال ابن حمّاد :
زوّجه بفاطم
بأمر ربّ العالم
على اغترام الراغم
أبرى إلى اللّه أنا
واللّه لم يرض لها
في الخلق إلاّ شكلها
ص: 79
ومن يضاهي فعلها
وهو علي ذو الحجى
طيّبة لطيب
تفرّغا لمنصب
مطهّر مهذّب
قد شرّفا على الورى
* * *
ص: 80
ص: 81
ص: 82
حلية أبي نعيم ، ومسند أبى يعلى :
قالت عائشة : ما رأيت أحدا أصدق من فاطمة عليهاالسلام غير أبيها .
ورويا : أنّه كان بينهما شيء ، فقالت عائشة : يا رسول اللّه ، سلها فإنّها لا تكذب .
وقد روى الحديثين عطاء وعمرو بن دينار(1)(2) .
الحسن البصري : ما كان في هذه الأمّة أعبد من فاطمة عليهاالسلام ، كانت تقوم حتى تورّم قدماها(3) .
ص: 83
ص: 85
عمرو بن دينار عن الباقر عليه السلام قال : ما رؤيت فاطمة ضاحكة قطّ منذ قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى قبضت(1) .
وفي الحلية : الأوزاعي عن الزهري قال : لقد طحنت فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى مجلت(2) يداها ، وطبت(3) الرحى في يدها(4) .
وفي الصحيحين : أنّ عليا عليه السلام قال : اشتكي ممّا أندى بالقرب ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : واللّه إنّي اشتكي يدي ممّا أطحن بالرحى .
وكان عند النبي صلى الله عليه و آله أسارى ، فأمرها أن تطلب من النبي صلى الله عليه و آله خادما ، فدخلت على النبي صلى الله عليه و آله وسلّمت عليه ورجعت .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما لك ؟ قالت : واللّه ، ما استطعت أن أكلّم رسول اللّه من هيبته .
فانطلق علي عليه السلام معها إلى النبي صلى الله عليه و آله ، فقال لهما : جاءت بكما حاجة ؟
فقال علي عليه السلام مجاراتهما(5) .
ص: 86
فقال : لا ، ولكنّي أبيعهم وأنفق أثمانهم على أهل الصفّة ! وعلّمها تسبيح الزهراء عليهاالسلام(1) .
كتاب الشيرازي : أنّها لمّا ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا فاطمة ، والذي بعثني بالحقّ ، إنّ في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام ولا ثياب ، ولولا خشيتي خصلة لأعطيك ما سألت ، يا فاطمة ، إنّي لا أريد أن ينفكّ عنك أجرك إلى الجارية ، وإنّي أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي اللّه - عزّ وجلّ - إذا طلب حقّه منك ! ثمّ علّمها صلاة التسبيح .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : مضيت تريدين من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الدنيا !! فأعطانا اللّه ثواب الآخرة .
قال أبو هريرة : فلمّا خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من عند فاطمة عليهاالسلام أنزل اللّه على رسوله : « وَإِمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها » يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة عليهاالسلام « ابْتِغاءَ » ، يعني طلب « رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ » ، يعني رزقا من ربّك « تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا » يعني قولاً حسنا .
فلمّا نزلت هذه الآية أنفذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جارية إليها للخدمة ، وسمّاها « فضّة » .
تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام ، وتفسير القشيري عن جابر
ص: 87
الأنصاري : أنّه رأى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من أجلّة الإبل ، وهي تطحن بيديها ، وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا بنتاه ، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة .
فقالت عليهاالسلام : يا رسول اللّه ، الحمد اللّه على نعمائه ، والشكر للّه على آلائه ، فأنزل اللّه : « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى »(1) .
أبو منصور الكاتب في كتاب الروح والريحان عن أبي ذر في خبر :
إنّ فاطمة عليهاالسلام رأت رأس علي عليه السلام في حجر جارية أهداها جعفر مع أربعة آلاف درهم إليه ، فقالت : أتأذن لي أن أصير إلى منزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : قد أذنت لك .
فدخلت فاطمة عليهاالسلام ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا بنيّة ، جئت تشكين عليا !
فقالت : إي وربّ الكعبة !
فقال : ارجعي إلى علي وقولي : رغم أنفي لرضاك - ثلاثا - .
فلمّا رجعت وذكرت ذلك قال : يا فاطمة ، شكوتيني إلى خليلي وحبيبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أشهد اللّه - يا فاطمة - إنّ الجارية حرّة لوجه اللّه ، وأنّ الأربعة آلاف درهم صدقة على فقراء المسلمين .
ص: 88
ثمّ لبس وانتعل وأراد النبي صلى الله عليه و آله ، فهبط جبرئيل عليه السلام مرّة أخرى وقال : يا محمد ، إنّ اللّه يقرؤك السلام ويقول لك : قل لعلي : إنّي أعطيتك الجنّة بعتقك الجارية لرضى فاطمة ، والتصدّق بأربعة آلاف درهم ، فأدخل الجنّة برحمتي من شئت ، وأخرج من النار بعفوي من شئت .
فعندها قال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا قسيم الجنّة والنار(1) .
ابن شاهين في مناقب فاطمة عليهاالسلام ، وأحمد في مسند الأنصار بإسنادهما عن أبي هريرة وثوبان أنّهما قالا :
كان النبي صلى الله عليه و آله يبدأ في سفره بفاطمة عليهاالسلام ويختم بها ، فجعلت وقتا سترا من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها .
فلمّا رآه النبي صلى الله عليه و آله تجاوز عنها ، وقد عرف الغضب(2) في وجهه حتى جلس عند المنبر ، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها(3) ، ونزعت الستر ،
ص: 89
فبعثت به إلى أبيها وقالت : اجعل هذا في سبيل اللّه .
فلمّا أتاه قال صلى الله عليه و آله : قد فعلت فداها أبوها - ثلاث مرّات - ، ما لآل محمد وللدنيا ، فإنّهم خلقوا للآخرة ، وخلقت الدنيا لغيرهم(1) .
وفي رواية أحمد : فإنّ هؤلاء أهل بيتي ، ولا أحبّ أن يأكلوا طيّباتهم في حياتهم الدنيا(2) .
أبو صالح المؤذّن في كتابه بالإسناد عن علي عليه السلام : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على ابنته فاطمة عليهاالسلام فإذا في عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعتها فرمت بها ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أنت منّي يا فاطمة ، ثمّ جاءها سائل فناولته القلادة(3) .
وفي مسند الرضا عليه السلام أنّه قال : لا يغرّنّك الناس أن يقولوا بنت محمد صلى الله عليه و آله
وعليك لبس الجبابرة !!!
فقطعتها وباعتها ، واشترت بها رقبة فأعتقتها ، فسرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك(4) .
ص: 90
أبو القاسم القشيري في كتابه قال بعضهم : انقطعت في البادية عن القافلة ، فوجدت امرأة ، فقلت لها : من أنت ؟
فقالت : « قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ » ، فسلّمت عليها .
فقلت : ما تصنعين ها هنا ؟
قالت : « مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ »(1) .
فقلت : أمن الجنّ أنت أم من الإنس ؟
قالت : « يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ » .
فقلت : من أين أقبلت ؟
قالت : « يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ » .
فقلت : أين تقصدين ؟
قالت : « وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ » .
فقلت : متى انقطعت ؟
قالت : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ » .
فقلت : أتشتهين طعاما ؟
فقالت : « وَما جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ » فأطعمتها .
ثمّ قلت : هرولي وتعجّلي .
قالت : « لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسا إِلاّ وُسْعَها » .
ص: 91
فقلت : أردفك ؟
فقالت : « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا » .
فنزلت فأركبتها .
فقالت : « سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا » .
فلمّا أدركنا القافلة قلت لها : ألك أحد فيها ؟
قالت : « يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ » ، « وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ » ، « يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ » ، « يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللّهُ » .
فصحت بهذه الأسماء ، فإذا بأربعة شباب متوجّهين نحوها .
فقلت : من هؤلاء منك ؟
قالت : « الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا » .
فلمّا أتوها ، فقالت : « يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَْمِينُ » ، فكافوني بأشياء .
فقالت : « وَاللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ » ، فزادوا عليّ .
فسألتهم عنها ، فقالوا : هذه أمّنا « فضّة » جارية الزهراء عليهاالسلام ما تكلّمت منذ عشرين سنة إلاّ بالقرآن .
معقل بن يسار ، وأبو قبيل ، وابن إسحاق ، وحبيب بن أبي ثابت ، وعمران بن حصين ، وابن غسّان ، والباقر عليه السلام ، مع اختلاف الروايات واتفاق المعنى :
ص: 92
إنّ النسوة قلن : يا بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، خطبك فلان وفلان ، فردّهم أبوك وزوّجك عائلاً !
فدخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقالت : يا رسول اللّه ، زوّجتني عائلاً ! فهزّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بيده معصمها وقال : لا - يا فاطمة - ولكن زوّجتك أقدمهم سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، أما علمت - يا فاطمة - أنّه أخي في الدنيا والآخرة ، فضحكت وقالت : رضيت يا رسول اللّه (1) .
وفي رواية أبي قبيل : لم أزوّجك حتى أمرني جبرئيل عليه السلام(2) .
وفي رواية عمران بن الحصين وحبيب بن ثابت : أما إنّي قد زوّجتك خير من أعلم(3) .
ص: 93
وفي رواية ابن غسّان : زوّجتك خيرهم .
وفي كتاب ابن شاهين : عبد الرزّاق عن معمّر عن أيّوب عن عكرمة قال النبي صلى الله عليه و آله : أنكحتك أحبّ أهلي إليّ(1) .
قال العبدي :
إذ أتته البتول فاطم تبكي
وتوالى شهيقها والزفيرا
اجتمعن النساء عندي وأقبلن
يطلن التقريع والتعييرا
قلن إنّ النبي زوّجك اليوم
عليا بعلاً معيلاً فقيرا
قال يافاطم اصبري واشكري اللّه
فقد نلت منه فضلاً كبيرا
أمر اللّه جبرئيل فنادى
معلنا في السماء صوتا جهيرا
ص: 94
اجتمعن الأملاك حتى إذا ما
وردوا بيت ربّنا المعمورا
قام جبرئيل خاطبا يكثر التحميد
للّه جلّ والتكبيرا
خمس أرضي لها حلال فصيّره
على الخلق دونها مبرورا
نثرت عند ذاك طوبى وللحور
من المسك والعبير نثيرا
* * *
ص: 95
ص: 96
ص: 97
ص: 98
قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر الأنصاري ، وأنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وأم سلمة ، بألفاظ مختلفة ومعاني متّفقة :
إنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله مرّة بعد أخرى فردّهما .
وروى أحمد في الفضائل عن بريدة : أنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام فقال : إنّها صغيرة(1) .
وروى ابن بطّة في الإبانة : أنّه خطبها عبد الرحمن فلم يجبه .
وفي رواية غيره أنّه قال : بكذا من المهر ، فغضب صلى الله عليه و آله ومدّ يده إلى حصى فرفعها فسبّحت في يده ، وجعلها في ذيله فصارت درّا ومرجانا ، يعرض به جواب المهر(2) .
* * *
ص: 99
ولمّا خطب علي عليه السلام قال : سمعتك يا رسول اللّه تقول : كلّ سبب ونسب منقطع إلاّ سببي ونسبي .
فقال النبي صلى الله عليه و آله : أمّا السبب فقد سبّب اللّه ، وأمّا النسب فقد قرّب اللّه ، وهشّ وبشّ في وجهه ، وقال : ألك شيء أزوّجك منها ؟
فقال : لا يخفى عليك حالي ، إنّ لي فرسا وبغلاً وسيفا ودرعا .
فقال : بع الدرع(1) .
وروي أنّه أتى سلمان إليه وقال : أجب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا دخل عليه قال : أبشر - يا علي - فإنّ اللّه قد زوّجك بها في السماء قبل أن أزوّجكها في الأرض ، ولقد أتاني ملك وقال : أبشر - يا محمد - باجتماع الشمل وطهارة النسل . قلت : وما اسمك ؟
قال : نسطائيل من موكّلي قوائم العرش ، سألت اللّه هذه البشارة ، وجبرئيل على أثري(2) .
أبو بريدة عن أبيه : أنّ عليا عليه السلام خطب فاطمة عليهاالسلام ، فقال له النبي صلى الله عليه و آله : مرحبا وأهلاً ، فقيل لعلي عليه السلام : يكفيك من رسول اللّه صلى الله عليه و آله إحداهما ، أعطاك الأهل ، وأعطاك الرحب(3) .
ص: 100
قال الإصفهاني :
أمن بسيدة النساء قضى له
ربّي فأصبح أسعد الأختان
من بعد خطّاب أتوه فردّهم
ردّا يبيّن مضمر الأشجان
فأبان منعهما وقال صغيرة
تزويجها في سنّها لم يان
حتى إذا خطب الوصي أجابه
من غير تورية ولا استيذان
فاللّه زوّجه وأشهد في العلا
أملاكه وجماعة السكّان
واللّه قدّر نسله من صلبه
فلذا لأحمد لم يكن بنتان
* * *
ص: 101
تاريخ بغداد بالإسناد عن بلال بن حمامة : أطلع النبي صلى الله عليه و آله ووجهه مشرق كالبدر ، فسأل ابن عوف عن ذلك .
فقال : بشارة أتتني من ربّي لأخي وابن عمّي وابنتي ، واللّه زوّج عليا بفاطمة عليهماالسلام ، وأمر رضوان خازن الجنان ، فهزّ شجرة طوبى ، فحملت رقاعا بعدد محبّي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كلّ ملك صكّا براءة من النار بأخي وابن عمّي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمّتي .
وفي رواية : أنّه يكون في الصكوك : « براءة من العلي الجبّار لشيعة علي وفاطمة من النار(1) » .
ابن بطّة وابن المؤذّن والسمعاني في كتبهم بالإسناد عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا :
بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالس إذ جاء علي عليه السلام ، فقال : يا علي ما جاء بك ؟
قال : جئت أسلّم عليك .
ص: 102
قال : هذا جبرئيل يخبرني أنّ اللّه زوّجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك ، وأوحى اللّه إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ والياقوت ، فابتدرن إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت ، وهنّ يتهادينه بينهنّ إلى يوم القيامة(1) ، وكانوا يتهادون ويقولون : هذه
تحفة خير النساء .
وفي رواية ابن بطّة عن عبد اللّه : فمن أخذ منه - يومئذٍ - شيئا أكثر من صاحبه أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة(2) .
ابن مردويه في كتابه بإسناده عن علقمة قال : لمّا تزوّج علي فاطمة عليهماالسلام
تناثر ثمار الجنّة على الملائكة(3) .
عبد الرزّاق بإسناده إلى أمّ أيمن في خبر طويل عن النبي صلى الله عليه و آله :
وعقد جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام في السماء نكاح علي وفاطمة عليهماالسلام ، فكان جبرئيل عليه السلام المتكلّم عن علي عليه السلام ، وميكائيل عليه السلام الرادّ عنّي(4) .
ص: 103
وفي حديث خبّاب بن الأرت : أنّ اللّه - تعالى - أوحى إلى جبرئيل عليه السلام : زوّج النور من النور ، وكان الوليّ اللّه ، والخطيب جبرئيل عليه السلام ، والمنادي ميكائيل عليه السلام ، والداعي إسرافيل عليه السلام ، والناثر عزرائيل عليه السلام، والشهود ملائكة السماوات والأرضين .
ثمّ أوحى إلى شجرة طوبى أن انثري ما عليك ، فنثرت الدرّ الأبيض ، والياقوت الأحمر ، والزبرجد الأخضر ، واللؤلؤ الرطب ، فبادرن الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهنّ إلى بعض .
الصادق عليه السلام في خبر : أنّه دعاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : ابشر يا علي ، فإنّ اللّه قد كفاني ما كان من همّتي(1) تزويجك ، أتاني جبرئيل عليه السلام ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها ، فتناولتهما ، وأخذتهما فشممتهما ، فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنقل ؟
قال : إنّ اللّه أمر سكّان الجنّة من الملائكة ومن فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها ، وأمر ريحها فهبّت بأنواع العطر والطيب ، وأمر حور عينها بالقراءة فيها « طه » و« يس » و« طواسين » و« حم » و« عسق » .
ثمّ نادى مناد من تحت العرش : ألا إنّ اليوم يوم وليمة علي عليه السلام ، ألا إنّي أشهدكم أنّي زوّجت فاطمة من علي رضى منّي ببعضهما لبعض .
ثمّ بعث اللّه - سبحانه - سحابة بيضاء ، فقطرت من لؤلؤها وزبرجدها
ص: 104
ويواقيتها ، وقامت الملائكة فنثرن من سنبلها وقرنفلها ، وهذا ممّا نثرت الملائكة(1) . . إلى آخر الخبر .
قال ديك الجنّ :
أوّل خلق جاء فيها خاطبا
إلى النبي جائيا وذاهبا
جبريل حتى تمّ تزويج النبي
بقدرة اللّه العظيم من علي
فلاحت الأنوار منه الساطعه
وصفّ أملاك السماء السابعه
وقام جبريل عليهم يخطب
فتمّم اللّه لهم ما طلبوا
ثمّ قضى اللّه إلى الجنان
أن عجن من دانية الأغصان
فأمطرتهم حللاً وحليا
حتى وعى ذلك منها وعيا
فمن حوى الأكثر منها افتخر
ما عاش في عالمه على الآخر
* * *
وفي خبر : أنّه كان الخطيب راحيل(2) .
وقد جاء في بعض الكتب : أنّه خطب راحيل في البيت المعمور في جمع من أهل السماوات السبع ، فقال :
ص: 105
الحمد للّه الأوّل قبل أوّلية الأوّلين ، الباقي بعد فناء العالمين ، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيّين ، وبربوبيّته مذعنين ، وله على ما أنعم علينا شاكرين ، حجبنا من الذنوب ، وسترنا من العيوب ، أسكننا في السماوات ، وقرّبنا إلى السرادقات ، وحجب عنّا النهم للشهوات ، وجعل نهمتنا وشهوتنا في تقديسه وتسبيحه ، الباسط رحمته ، الواهب نعمته ، جلّ على إلحاد أهل الأرض من المشركين ، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين .
ثمّ قال بعد كلام : اختار الملك الجبّار صفوة كرمه ، وعبد عظمته لأمته ، سيّدة النساء بنت خير النبيّين ، وسيّد المرسلين ، وإمام المتّقين ، فوصل حبله بحبل رجل من أهله وصاحبه ، المصدّق دعوته ، المبادر إلى كلمته ، علي الوصول ، بفاطمة البتول ، ابنة الرسول .
وروي أنّ جبرئيل روى عن اللّه - تعالى - عقيبهما قوله عزّ وجلّ :
الحمد ردائي ، والعظمة كبريائي ، والخلق كلّهم عبيدي وإمائي ، زوّجت فاطمة أمتي ، من علي صفوتي ، اشهدوا ملائكتي .
قال ابن حمّاد :
وجاء جبريل في الأملاك قال له
جئنا نهنّيك إطنابا وإسهابا
وكنت خاطبها واللّه واليها
وشاهدوها الكرام الغرّ أحسابا
وصيّر الطيب من طوبى نثارهما
أكرم بذاك نثارا ثم إنهابا
وأقبل الحور يلقطن النثار معا
فهنّ يهدينه فخرا وتحبابا
ص: 106
وقال الحميري :
نصب الجليل لجبرئيل منبرا
في ظلّ طوبى من متون زبرجد
شهد الملائكة الكرام وربّهم
وكفى بهم وبربّهم من شهد
وتناثرت طوبى عليهم لؤلؤا
وزمرّدا متتابعا لم يعقد
وملاك فاطمة الذي ما مثله
في متهم شرف ولا في منجد
* * *
وله أيضا :
واللّه زوّجه الزكيّة فاطما
في ظلّ طوبى مشهدا محضورا
كان الملائك ثمّ في عدد الحصى
جبريل يخطبهم بها مسرورا
يدعو له ولها وكان دعاؤه
لهما بخير دائما مذكورا
حتى إذا فرغ الخطيب تتابعت
طوبى تساقط لؤلؤا منثورا
وتهيل ياقوتا عليهم مرّة
وتهيل درّا تارة وشذورا
فترى نساء الحور ينتهبونه
حورا بذلك يهتدين الحورا
فإلى القيامة بينهنّ هديّة
ذاك النثار عشيّة وبكورا
* * *
وقال خطيب منبج :
ملاك كانت الأملاك فيه
لتزويج الزكيّة شاهدينا
وكان وليّها جبريل منهم
وميكائيل خير الخاطبينا
وزخرفت الجنان فظلّ فيها
لها ولدانها متزيّنينا
وكان نثارها حللاً وحليا
وياقوتا ومرجانا ثمينا
ص: 107
وعقيانا وحور العين فيها
وولدان كرام لاقطونا
وكان من النثار كما روينا
صكاك ينتشرن وينطوينا
بها للشيعة الأبرار عتق
جرى من عند ربّ العالمينا
* * *
وكان بين تزويج أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام في السماء إلى تزويجها في الأرض أربعين يوما ، زوّجها رسول اللّه صلى الله عليه و آله من علي عليه السلام أوّل يوم من ذي الحجّة .
وروي : أنّه كان يوم السادس منه(1) .
علي بن جعفر : قال موسى بن جعفر عليهماالسلام : بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها ، فقال له : حبيبي جبرئيل عليه السلام لم أرك في هذه الصورة ؟!!
قال الملك : لست بجبرئيل ! أنا محمود ، بعثني اللّه أن أزوّج النور من النور .
قال : من بمن ؟
قال : فاطمة من علي عليهماالسلام .
ص: 108
فلمّا ولّى الملك إذا بين كتفيه « محمد رسول اللّه علي وصيّه » .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟
قال : من قبل أن يخلق اللّه آدم بإثنين وعشرين ألف عام .
وفي رواية : بأربعة وعشرين ألف عام(1) .
عبد اللّه بن ميمون ، حدّثنا أبو هريرة عن أبي الزبير عن جابر الأنصاري حديث محمود ، وأنبأني أبو العلى العطّار ، وأبو المؤيّد الخطيب بنحو هذا الخبر ، إلاّ أنّهما رويا :
ملك له عشرون رأسا في كلّ رأس ألف لسان ، وكان اسم الملك « صرصائيل »(2) .
أبو بكر مردويه في فضائل أمير المؤمنين صلى الله عليه و آله بالإسناد عن أنس بن مالك ، وكتاب أبي القاسم سليمان الطبري بإسناده عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود كلاهما :
إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إنّ اللّه - تعالى - أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام(3) .
ص: 109
كتاب ابن مردويه : قال ابن سيرين : قال عبيدة :
إنّ عمر بن الخطّاب ذكر عليا عليه السلام فقال : ذاك صهر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، نزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : إنّ اللّه يأمرك أن تزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام(1) .
ابن شاهين بالإسناد عن أبي أيّوب الأنصاري : قال النبي صلى الله عليه و آله : أمرت بتزويجك من البيضاء(2) .
وفي رواية : من السماء(3) .
ص: 110
الضحّاك : إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة عليهاالسلام : إنّ علي بن أبي طالب ممّن قد عرفت قرابته وفضله من الإسلام ، وإنّى سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟
فسكتت ، فخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يقول : اللّه أكبر سكوتها إقرارها(1) .
وخطب النبي صلى الله عليه و آله على المنبر في تزويج فاطمة عليهاالسلام خطبة ، رواها يحيى بن معين في أماليه ، وابن بطّة في الإبانة بإسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا ، ورويناها عن الرضا عليه السلام فقال :
الحمد اللّه المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع في سلطانه ، المرغوب إليه فيما عنده ، المرهوب من عذابه ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّه محمد صلى الله عليه و آله .
ص: 111
إنّ اللّه - تعالى - جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وشّج بها الأرحام ، وألزمها الأنام ، قال اللّه تعالى : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَرا
فَجَعَلَهُ نَسَبا وَصِهْرا » .
ثمّ إنّ اللّه - تعالى - أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام ، وقد زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضّة ، إن رضيت يا علي ؟
قال : رضيت يا رسول اللّه (1) .
وروى ابن مردويه قال صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : تكلّم خطيبا لنفسك ، فقال :
الحمد للّه الذي قرب من حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنّة من يتّقيه ، وأنذر بالنار من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد من يعلم أنّه خالقه وباريه ، ومميته ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به ونستكفيه .
ونشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة تبلغه وترضيه ، وأنّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و آله ، صلاة تزلفه وتحظيه ، وترفعه وتصطفيه .
والنكاح ما أمر اللّه به ويرضيه ، واجتماعنا ممّا قدّره اللّه وأذن فيه ، وهذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله زوّجني ابنته فاطمة عليهاالسلام على خمسمائة درهم ، وقد رضيت ،
فاسألوه ، واشهدوا(2) .
ص: 112
وفي خبر : زوّجتك ابنتي فاطمة عليهاالسلام على ما زوّجك الرحمن ، وقد رضيت بما رضي اللّه لها ، فدونك أهلك ، فإنّك أحقّ بها منّي(1) .
وفي خبر : فنعم الأخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضى اللّه رضى .
فخرّ علي عليه السلام ساجدا شكرا للّه - تعالى - وهو يقول : « رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ » الآية . فقال النبي : آمين(2) .
فلمّا رفع رأسه قال النبي صلى الله عليه و آله : بارك اللّه عليكما ، وأسعد جدّكما ، وجمع بينكما ، وأخرج منكما الكثير الطيّب .
ثمّ أمر النبي صلى الله عليه و آله بطبق بسر وأمر بنهبه(3) ، ودخل حجرة النساء ، وأمر بضرب الدفّ(4)(5) .
ص: 113
ص: 114
الحسين بن علي عليهماالسلام في خبر : زوّج النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليا عليهماالسلام على أربعمائة وثمانين درهما(1) .
وروي : أنّ مهرها أربعمائة مثقال فضّة(2) .
وروي : أنّه كان خمسمائة درهم(3) ، وهو أصحّ .
وسبب الخلاف في ذلك هو ما روى عمرو بن المقدام ، وجابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان صداق فاطمة عليهاالسلام برد حبرة(4) وإهاب(5) شاة(6) على عرار(7) .
وروي عن الصادق عليه السلام قال : كان صداق فاطمة عليهاالسلام درع حطمية وإهاب كبش(8) أو جدي .
رواه أبو يعلى في المسند عن مجاهد(9) .
ص: 115
كافي الكليني : زوّج النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام من جرد(1) برد(2) .
وقيل للنبي صلى الله عليه و آله : وقد علمنا مهر فاطمة عليهاالسلام في الأرض ، فما مهرها في السماء ؟
قال : سل عمّا يعنيك ودع ما لا يعنيك !
قيل : هذا ممّا يعنينا يا رسول اللّه !!
قال : كان مهرها في السماء خمس الأرض ، فمن مشى عليها مبغضا لها ولولدها مشى عليها حراما إلى أن تقوم الساعة(3) .
وفي الجلاء والشفاء : في خبر طويل عن الباقر عليه السلام :
وجعلت نحلتها من علي عليه السلام خمس الدنيا وثلثي الجنّة ، وجعلت لها في الأرض أربعة أنهار : الفرات ، ونيل مصر ، ونهروان ، ونهر بلخ ، فزوّجها - يا محمد - بخمسمائة درهم تكون سنّة لأمّتك(4) . . الخبر .
وفي حديث خبّاب بن الأرت : ثمّ قال النبي صلى الله عليه و آله : زوّجت ابنتي فاطمة عليهاالسلام منك بأمر اللّه - تعالى - على صداق : خمس الأرض وأربعمائة وثمانين درهما ، للآجل خمس الأرض ، والعاجل أربعمائة وثمانين درهما .
وقد روي حديث خمس الأرض عن الصادق عليه السلام من يعقوب بن شعيب.
ص: 116
إسحاق بن عمّار وأبو بصير : قال الصادق عليه السلام : إنّ اللّه - تعالى - مهر فاطمة عليهاالسلام ربع الدنيا ، فربعها لها ، وأمهرها الجنّة والنار ، فتدخل أولياءها الجنّة ، وأعداءها النار(1) .
قال العبدي :
وزوّج في السماء بأمر ربّي
بفاطمة المهذّبة الطهور
وصيّر مهرها خمسا بأرض
لما تحويه من كرم وحور
فذا خير الرجال وتلك خير
النساء ومهرها خير المهور
* * *
وله أيضا :
وزوّجه بفاطم ذو المعالي
على الإرغام من أهل النفاق
وخمس الأرض كان لها صداقا
ألا للّه ذلك من صداق
* * *
وله أيضا :
صدّيقة خلقت لصدّيق
شريف في المناسب
اختاره واختارها
طهرين من دنس المعايب
أسماهما قرنا على
سطر بظلّ العرش راتب
كان الإله وليّها
وأمينه جبريل خاطب
والمهر خمس الأرض
موهبة تعالت في المواهب
ونهابها من حمل طوبى
طيّبت تلك المناهب
ص: 117
أمالي الطوسي : قال الصادق عليه السلام في خبر : وسكب الدراهم في حجره ، فأعطى منها :
قبضة كانت ثلاثة وستّين - أو ستّة وستّين - إلى أمّ أيمن لمتاع البيت .
وقبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب .
وقبضة إلى أمّ سلمة للطعام .
وأنفذ عمّارا وأبا بكر وبلالاً لابتياع ما يصلحها ، وكان ممّا اشتروه :
قميص بسبعة دراهم .
وخمار بأربعة دراهم .
وقطيفة(1) سوداء خيبرية .
وفراشان من خيش(4) مصر ، حشو أحدهما ليف ، وحشو الآخر من جزّ الغنم(5) .
وأربع مرافق(6) من أدم(7) الطائف ، حشوها إذخر(8) .
ص: 118
وستر من صوف .
وحصير هجري .
ورحاء اليد .
وسقاء من أدم .
ومخضب(1) من نحاس .
وقعب(2) للبن .
وشنّ(3) للماء .
وجرّة خضراء .
وكيزان خزف .
وفي رواية : ونطع من أدم .
وعباء قطراني (6).
وقربة ماء(7) .
ص: 119
وهب بن وهب القرشي : وكان من تجهيز علي عليه السلام داره :
انتشار رمل ليّن .
ونصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب .
وبسط إهاب(1) كبش .
ومخدّة ليف .
أبو بكر مردويه في حديثه : فمكث علي عليه السلام تسعة وعشرين ليلة ، فقال له جعفر وعقيل عليهماالسلام : سله أن يدخل عليك أهلك ، فعرفت أم أيمن ذلك وقالت : هذا من أمر النساء .
فخلت به صلى الله عليه و آله أمّ سلمة ، فطالبته بذلك ، فدعاه النبي صلى الله عليه و آله وقال : حبّا وكرامة .
فأتى الصحابة بالهدايا ، فأمر بطحن البرّ ، وخبز ، وأمر عليا عليه السلام بذبح البقر والغنم ، فكان النبي صلى الله عليه و آله يفصل ولم ير على يده أثر دم .
فلمّا فرغوا من الطبخ أمر النبي صلى الله عليه و آله أن ينادى على رأس داره : أجيبوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وذلك لقوله : « وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ » .
فأجابوا من النخلات والزروع ، فبسط النطوع في المسجد ، وصدر
ص: 120
الناس ، وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، وسائر نساء المدينة ، ورفعوا منها ما أرادوا ، ولم ينقص من الطعام شيء .
ثمّ عادوا في اليوم الثاني ، وأكلوا .
وفي اليوم الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيّوب .
ثمّ دعا رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالصحاف(1) فملئت ، ووجّه إلى منازل أزواجه ، ثمّ أخذ صحفة وقال : هذا لفاطمة وبعلها عليهماالسلام .
ثمّ دعا فاطمة عليهاالسلام وأخذ يدها فوضعها في يد علي عليه السلام ، وقال : بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه ، يا علي نعم الزوج فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل علي عليه السلام(2) .
وكان النبي صلى الله عليه و آله أمر نساءه أن يزيّنّها ويصلحن من شأنها في حجرة أمّ سلمة ، فاستدعين من فاطمة عليه السلام طيبا فأتت بقارورة ، فسألت عنها .
فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيقول لي : يا فاطمة ، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك ، فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شيء ، فيأمرني بجمعه .
فسئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن ذلك ، فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل عليه السلام(3) .
ص: 121
وأتت بماء ورد ، فسئلت أمّ سلمة عنه ، فقالت : هذا عرق رسول اللّه صلى الله عليه و آله كنت آخذه عند قيلولة النبي صلى الله عليه و آله عندي .
وروي أنّ جبرئيل عليه السلام أتى بحلّة قيمتها الدنيا ، فلمّا لبستها تحيّرت نسوة قريش منها ، وقلن : من أين لك هذا ؟
قالت : هذا من عند اللّه .
تاريخ الخطيب ، وكتاب ابن مردويه ، وابن المؤذّن ، وابن شيرويه الديلمي ، بأسانيدهم عن علي بن الجعد عن ابن بسطام عن شعبة بن الحجّاج ، وعن علوان عن شعبة عن أبي حمزة الضبعي عن ابن عباس وجابر :
أنّه لمّا كانت الليلة التي زفّت فاطمة عليهاالسلام إلى علي عليه السلام كان النبي صلى الله عليه و آله
أمامها ، وجبرئيل عليه السلام عن يمينها ، وميكائيل عليه السلام عن يسارها ، وسبعون ملك من خلفها يسبّحون اللّه ويقدّسونه حتى طلع الفجر(1) .
كتاب مولد فاطمة
عليهاالسلام عن ابن بابويه في خبر : أمر النبي صلى الله عليه و آله بنات عبد المطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة عليهاالسلام ، وأن يفرحن ويرجزن ويكبّرن ويحمدن ، ولا يقولنّ ما لا يرضي اللّه .
ص: 122
قال جابر : فأركبها على ناقته - وفي رواية : على بغلته الشهباء - وأخذ سلمان زمامها ، وحولها سبعون حوراء ، والنبي صلى الله عليه و آله وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت عليهم السلام يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ، ونساء النبي صلى الله عليه و آله قدّامها يرجزن .
فأنشأت أم سلمة :
سرن بعون اللّه جاراتي
واشكرنه في كلّ حالات
واذكرن ما أنعم ربّ العلى
من كشف مكروه وآفات
فقد هدانا بعد كفر وقد
أنعشنا ربّ السماوات
وسرن مع خير نساء الورى
تفدى بعمّات وخالات
يا بنت من فضّله ذو العلى
بالوحي منه والرسالات
* * *
ثمّ قالت عائشة :
يا نسوة استرن بالمعاجر
واذكرن ما يحسن في المحاضر
واذكرن ربّ الناس إذ خصّنا
بدينه مع كلّ عبد شاكر
فالحمد للّه على إفضاله
والشكر للّه العزيز القادر
سرن بها فاللّه أعطى ذكرها
وخصّها منه بطهر طاهر
* * *
ثمّ قالت حفصة :
فاطمة خير نساء البشر
ومن لها وجه كوجه القمر
فضّلك اللّه على كلّ الورى
بفضل من خصّ بآي الزمر
ص: 123
زوّجك اللّه فتى فاضلاً
أعني عليا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها إنّها
كريمة بنت عظيم الخطر
* * *
ثمّ قالت معاذة أمّ سعد بن معاذ :
أقول قولاً فيه ما فيه
وأذكر الخير وأبديه
محمد خير بني آدم
ما فيه من كبر ولا تيه
بفضله عرّفنا رشدنا
فاللّه بالخير مجازيه
ونحن مع بنت نبي الهدى
ذي شرف قد مكّنت فيه
في ذروة شامخة أصلها
فما أرى شيئا يدانيه
* * *
وكانت النسوة يرجعن أوّل بيت من كلّ رجز ، ثمّ يكبّرن، ودخلن الدار.
ثمّ أنفذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى علي عليه السلام ودعاه إلى المسجد ، ثمّ دعا فاطمة عليهاالسلام ، فأخذ يديها ووضعها في يده ، وقال : بارك اللّه [ لك ] في ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .
كتاب ابن مردويه : أنّ النبي صلى الله عليه و آله سأل ماءا ، فأخذ منه جرعة ، فتمضمض بها ، ثمّ مجّها في القعب ، ثمّ صبّها على رأسها .
ثمّ قال : اقبلي ، فلمّا أقبلت نضح من بين ثدييها .
ص: 124
ثمّ قال : ادبري ، فلمّا أدبرت نضح من بين كتفيها ، ثمّ دعا لهما(1) .
أبو عبيد في غريب الحديث أنّه قال : اللّهم أُونسهما ، أي ثبّت الودّ(2) .
كتاب ابن مردويه : اللّهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبليهما(3) .
وروي أنّه قال : اللّهم إنّهما أحبّ خلقك إليّ ، فأحبّهما وبارك في ذرّيّتهما ، واجعل عليهما منك حافظا ، وإنّي أعيذهما بك وذرّيّتهما من الشيطان الرجيم(4) .
وروي : أنّه دعا لها ، فقال : أذهب اللّه عنك الرجس وطهّرك تطهيرا(5) .
وروي : أنّه قال : مرحبا ببحرين يلتقيان ، ونجمين يقترنان ، ثمّ خرج إلى الباب يقول : طهّركما وطهّر نسلكما ، أنا سلم لمن سالمكما ، وحرب لمن حاربكما ، أستودعكما اللّه وأستخلفه عليكما(6) .
وباتت عندهما أسماء بنت عميس أسبوعا بوصيّة خديجة عليهاالسلام إليها ، فدعا لها النبي صلى الله عليه و آله في دنياها وآخرتها .
ص: 125
ثمّ أتاهما في صبيحتهما وقال : السلام عليكم ، ادخل رحمكم اللّه ؟
ففتحت أسماء الباب ، وكانا نائمين تحت كساء ، فقال : على حالكما ، فأدخل رجليه بين أرجلهما .
فأخبر اللّه عن أورادهما « تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ » الآية .
فسأل عليا عليه السلام : كيف وجدت أهلك ؟
قال : نعم العون على طاعة اللّه .
وسأل فاطمة عليهاالسلام ، فقالت : خير بعل .
فقال : اللّهم اجمع شملهما ، وألّف بين قلوبهما ، واجعلهما وذرّيّتهما من ورثة جنّة النعيم ، وارزقهما ذرّيّة طاهرة طيّبة مباركة ، واجعل في ذرّيّتهما البركة ، واجعلهم أئمّة يهدون بأمرك إلى طاعتك ، ويأمرون بما يرضيك .
ثمّ أمر بخروج أسماء وقال : جزاك اللّه خيرا ، ثمّ خلا بها بإشارة الرسول صلى الله عليه و آله(1) .
وروى شرحبيل بإسناده قال : لمّا كان صبيحة عرس فاطمة عليهاالسلام جاء النبي صلى الله عليه و آله بعسّ(2) فيه لبن ، فقال لفاطمة عليهاالسلام : اشربي فداك أبوك ، وقال لعلي عليه السلام : اشرب فداك ابن عمّك(3) .
ص: 126
نقول(1) :
سماء صلب المرتضى لفاطم
عن ابتسال الحسنين انفطرت
وبانفطار نورها في أرضهم
كواكب فيها علينا انتثرت
إذ البحار منهما آبينا
بالعلم والتأويل فينا انفجرت
وعلمت من اهتدى بهديها
ما حالها إذ القبور بعثرت
فعلمت ما قدّمت في يومها
من كتبها بعقدها وأخّرت
* * *
ص: 127
ص: 128
ص: 129
ص: 130
أنس بن مالك قال : سألت أمّي عن صفة فاطمة عليهاالسلام .
فقالت : كانت كأنّها القمر ليلة البدر(1) ، أو الشمس كفرت(2) غماما ، أو خرجت من السحاب ، وكانت بيضاء بضّة(3)(4) .
عطاء عن أبي رياح قال : كانت فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله تعجن ، وإنّ قصبتها(5) تضرب إلى الجفنة(6)(7) .
ص: 131
وروي : أنّها كانت مشرقة الرباعية(1)(2) .
جابر بن عبد اللّه : ما رأيت فاطمة عليهاالسلام تمشي إلاّ ذكرت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، تميل على جانبها الأيمن مرّة ، وعلى جانبها الأيسر مرّة(3)(4) .
ولدت فاطمة عليهاالسلام بمكّة بعد النبوة بخمس سنين ، وبعد الإسراء بثلاث سنين ، في العشرين من جمادى الآخرة .
وأقامت مع أبيها بمكّة ثماني سنين ، ثمّ هاجرت معه إلى المدينة ، فزوّجها من علي عليه السلام بعد مقدمها المدينة بسنتين ، أوّل يوم من ذي الحجّة .
وروي أنّه كان يوم السادس .
ودخل بها يوم الثلاثاء لستّ خلون من ذي الحجّة بعد بدر .
وقبض النبي صلى الله عليه و آله ولها - يومئذٍ - ثماني عشر سنة وسبعة أشهر .
ص: 132
وعاشت بعده صلى الله عليه و آله إثنان وسبعون يوما(1) .
ويقال : خمسة وسبعون يوما(2) .
وقيل : أربعة أشهر .
وقال القرباني : قد قيل : أربعين يوما ، وهو أصحّ(3) .
وولدت الحسن عليه السلام ولها إثنتا عشر سنة(4) .
وتوفّيت ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة !
ومشهدها بالبقيع .
وقالوا : أنّها دفنت في بيتها .
وقالوا : قبرها بين قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبين منبره(5) .
ص: 133
وكناها عليهاالسلام :
أمّ الحسن ، وأمّ الحسين ، وأمّ المحسن ، وأمّ الأئمّة ، وأمّ أبيها .
وأسماؤها عليهاالسلام على ما ذكره أبو جعفر القمّي :
فاطمة عليهاالسلام ، البتول، الحصان ، الحرّة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء، المباركة ، الطاهرة ، الزكيّة ، الراضية ، المرضيّة ، المحدّثة ، مريم الكبرى ، الصدّيقة الكبرى .
ويقال لها في السماء :
النورية ، السماوية ، الحانية .
وقلنا :
الصدّيقة بالأقوال ، والمباركة بالأحوال ، والطاهرة بالأفعال .
الزكيّة بالعدالة ، والرضيّة بالمقالة ، والمرضيّة بالدلالة .
المحدّثة بالشفقة ، والحرّة بالنفقة ، والسيّدة بالصدقة .
الحصان بالمكان ، والبتول في الزمان ، والزهراء بالإحسان .
مريم الكبرى في الستر ، وفاطم بالسرّ ، وفاطمة بالبرّ .
النورية بالشهادة ، والسماوية بالعبادة ، والحانية بالزهادة ، والعذراء بالولادة .
ص: 134
الزاهدة الصفيّة ، العابدة الرضيّة ، الراضية المرضيّة ، المتهجّدة الشريفة ، القانتة العفيفة .
سيّدة النسوان ، وحبيبة حبيب الرحمن ، والمحتجبة عن خزّان الجنان ، وصفيّة الرحمن ، ابنة خير المرسلين ، وقرّة عين سيّد الخلائق أجمعين ، وواسطة العقد بين سيّدات نساء العالمين .
المتظلّمة بين يدي العرش يوم الدين .
ثمرة النبوّة ، وأمّ الأئمة ، وزهرة فؤاد شفيع الأمّة .
الزهراء المحترمة ، والغرّاء المحتشمة .
المكرّمة تحت القبّة الخضراء ، والإنسيّة الحوراء ، والبتول العذراء .
ستّ النساء ، وارثة سيّد الأنبياء ، وقرينه الأوصياء ، فاطمة الزهراء عليهاالسلام .
الصدّيقة الكبرى ، راحة روح المصطفى ، حاملة البلوى من غير فزع ولا شكوى ، وصاحبة شجرة طوبى ، ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها وأولادها سورة « هل أتى » .
ابنة النبي صلى الله عليه و آله ، وصاحبة الوصي عليه السلام ، وأمّ السبطين عليهماالسلام ، وجدّة الأئمّة عليهم السلام ، وسيّدة نساء الدنيا والآخرة .
زوجة المرتضى عليهماالسلام ، ووالدة المجتبى عليهماالسلام ، وابنة المصطفى صلى الله عليه و آله .
السيدة المفقودة ، الكريمة ، المظلومة ، الشهيدة ، السيدة الرشيدة ، شقيقة مريم ، وابنة محمد الأكرم صلى الله عليه و آله .
المقطوعة من كلّ شرّ ، المعلومة بكلّ خير ، المنعوتة في الإنجيل ، الموصوفة بالبرّ والتبجيل .
ص: 135
درّة صاحب الوحي والتنزيل ، جدّها الخليل ، ومادحها الجليل ، وخاطبها المرتضى بأمر المولى جبرئيل .
ص: 137
ص: 138
ص: 139
قال سلامة الموصلي :
يا نفس أن تلتقي ظلما فقد ظلمت
بنت النبي رسول اللّه وابناها
تلك التي أحمد المختار والدها
وجبرئيل أمين اللّه ربّاها
اللّه طهرها من كلّ فاحشة
وكلّ ريب وصفّاها وزكّاها(1)
* * *
ولبعض الموصليّين :
حرّ صدري واشتياقي فالأسى
واحتراقي واكتئابي والحرب(2)
لابنة الهادي الرضي فاطمةحقّها بعد أبيها يغتصب
بل لما نال بني فاطمةمن بني الطمث الملاعين العيب
يا لقومي ما أتى الدهر بهممن خطوب مفظعات ونوب
* * *
ص: 140
بريدة : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ ملك الموت خيّرني فاستنظرته إلى نزول جبرئيل عليه السلام ، فتجلّى ابنته فاطمة عليهاالسلام الغشيُ .
فقال لها : يا ابنتي احفظي عليك فإنّك وبعلك وابنيك معي في الجنّة .
* * *
ص: 141
بشّرت مريم عليهاالسلام بولدها : « إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ » ، وبشّرت فاطمة عليهاالسلام بالحسن والحسين عليهماالسلام .
في الحديث : إنّ النبي صلى الله عليه و آله بشّرها عند ولادة كلّ منهما ، بأن يقول لها : ليهنئك أن ولدت إماما يسود أهل الجنّة .
وأكمل اللّه - تعالى - ذلك في عقبها قوله : « وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ »يعني عليا عليه السلام .
أبو عبد اللّه عليه السلام : كانت مدّة حملها في تسع ساعات(1) .
وولدت فاطمة الحسن والحسين عليهم السلام وبينهما ستّة أشهر(2) . على رواية وردت .
ومريم ابنة عمران وفاطمة بنت محمد عليهم السلام وشرف النساء(3) بآبائهم .
ص: 142
ونذرت أمّ مريم للّه محرّرا ، ومحمد صلى الله عليه و آله أكثر الخلق تقرّبا إلى اللّه - تعالى - في سائر الأحوال ، وذلك يوجب أن يكون قد أتى عند إنساله(1) الزهراء عليهاالسلام بأضعاف ما قالت أمّ مريم بموجب فضله على الخلائق .
وكان نذرها من قبل الأمّ وهو يقتضي نصف منزلة ما ينذره الأب .
قوله: « وَكَفَّلَها زَكَرِيّا » ، والزهراء عليهاالسلام كفّلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولا خلاف في فضل كفالة رسول اللّه صلى الله عليه و آله على كلّ كفالة .
وكفالة اليتيم مندوب إليها ، وكفالة الولد واجبة .
ولدت مريم بعيسى عليهماالسلام في أيّام الجاهلية ، وولدت فاطمة بالحسن والحسين عليهم السلام على فطرة الإسلام .
وكان اللّه أعلم مريم عليهاالسلام بسلامتها وسلامة ما حملته فلا يجوز أن يتطرّق إليها خوف ، والزهراء عليهاالسلام حملت بهما وهي لا تعلم ما يكون من حالها في الحمل والوضع من السلامة والعطب ، فينبغي أن يكون في ذلك مثوبة زائدة ، ولذلك فضّل المسلمون على الملائكة يوم بدر في القتال ، لأنّهم كانوا بين الخوف والرجاء في سلامتهم ، والملائكة ليسوا كذلك .
وقيل لها: « أَلاّ تَحْزَنِي » وقال النبي صلى الله عليه و آله: يافاطمة، إنّ اللّه يرضى لرضاك(2).
ص: 143
وقيل لها : « فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا » ، وفاطمة عليهاالسلام خامسة أهل العباء ، وافتخار جبرئيل عليه السلام بكلّ واحد منهم ، قوله : من مثلي وأنا سادس خمسة(1) .
ولها : « تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي » يحتمل أنّ النخلة والنهر(2) كانا موجودين قبل ذلك ، لأنّه لم يبق لهما أثر مثل ما بقي لزمزم والمقام ، وموضع التنّور ، وانفلاق البحر ، وردّ الشمس ، وللزهراء عليهاالسلام حديث التمر الصيحاني وقدس(3) الماء .
وروي أنّه بكت أمّ أيمن وقالت : يا رسول اللّه ، فاطمة زوّجتها ولم تنثر عليها شيئا .
فقال : يا أمّ أيمن لم تكذبين ؟ فإنّ اللّه - تعالى - لمّا زوّج فاطمة عليا عليهماالسلام أمر أشجار الجنّة أن تنثر عليهم من حليّها وحللها وياقوتها ودرّها وزمرّدها واستبرقها ، فأخذوا منها ما لا يعلمون(4) .
ص: 144
وتكلّمت الملائكة مع مريم عليهاالسلام : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ » أراد نساء عالم أهل زمانها(1) ، كقوله لبني إسرائيل : « وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ » ، وليسوا بأفضل من المسلمين ، قوله : « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ » .
ثمّ إنّ الصفات في هذه الآيات يشاركها غيرها ، قوله : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ » إلى قوله : « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ » ، وفاطمة عليهاالسلام وذرّيّتها من جملتهم .
وقال النبي صلى الله عليه و آله : فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وإنّها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من المقرّبين ، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم عليهاالسلام فيقولون : يا فاطمة « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ »(2) .
وأنّه « كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الِْمحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقا » .
وليس في نفس الآية أنّ ذلك كان اللّه - تعالى - يخلقه اختراعا أو يأتيها
ص: 145
به الملك ، وإنّما هو يدلّ على كثرة شكرها للّه تعالى ، كما تقول : رزقني اللّه اليوم درهما ، كما قال : « قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ » .
وللزهراء عليهاالسلام من هذا الباب ما لا ينكره مسلم من حديث المقداد ، وخبر الطائر ، والرمّان والعنب والتفّاح والسفرجل وغيرها ، وذلك ممّا يقطع على أنّها كانت تأكل ما لم يكن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم وحواء عليهماالسلام .
وفي الحديث : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة عليهاالسلام وهي في مصلاّها وخلفها جفنة يفور دخانها ، فأخرجت فاطمة عليهاالسلام الجفنة فوضعتها بين أيديهما ، فسأل علي عليه السلام : « أَنّى لَكِ هذا » ؟
قالت : هو من فضل اللّه ورزقه « إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ »(1) .
ورزق مريم عليهاالسلام من الجنّة ، وخلق فاطمة عليهاالسلام من رزق الجنّة ، وفي الحديث : فناولني جبرئيل عليه السلام رطبة من رطبها فأكلتها ، فتحوّلت ذلك نطفة في صلبي(2) .
ص: 146
قد مدح اللّه - تعالى - مريم في القرآن بعشرين مدحة ، وصحّ في الأخبار لفاطمة عشرون اسما ، كلّ اسم يدلّ على فضيلة ، ذكرها ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة عليهاالسلام .
وقال تعالى : « وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها » يريد بذلك العفاف لا الملامسة والذرّية ، لأنّه لو لم يكن كذلك لجعل حملها له ووضعها ومخاضها بغير ما جرت به العادة ، فلمّا جعله على مجرى العادة دلّ على مقالنا ، ويؤكّد ذلك الأخبار الواردة في مدح التزويج وطلب الولد وذمّ العزبة .
وقال - تعالى - للزهراء ولأولادها : « لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ » .
قال حسّان بن ثابت :
وإن مريم أحصنت فرجها
وجاءت بعيسى كبدر الدجى
فقد أحصنت فاطم بعدها
وجاءت بسبطي نبي الهدى
* * *
وأنشدت الزهراء عليهاالسلام بعد وفاة أبيها :
وقد رزينا به محضا خليقته
صافي الضرائب والأعراق والنسب
ص: 147
وكنت بدرا ونورا يستضاء به
عليك تنزل من ذي العزّة الكتب
وكان جبريل روح القدس زائرنا
فغاب عنّا وكلّ الخير محتجب
فليت قبلك كان الموت صادفنا
لمّا مضيت وحالت دونك الحجب
إنّا رزينا بما لم يرز ذو شجن
من البريّة لا عجم ولا عرب
ضاقت عليّ بلاد بعد ما رحبت
وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب
فأنت واللّه خير الخلق كلّهم
وأصدق الناس حيث الصدق والكذب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت
منّا العيون بتهمال لها سكب
* * *
ص: 148
ص: 149
ص: 150
السمعاني في الرسالة ، وأبو نعيم في الحلية ، وأحمد في فضائل الصحابة ، والنطنزي في الخصائص ، وابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، والزمخشري في الفائق عن جابر :
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام قبل موته : السلام عليك أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتي من الدنيا ، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك .
قال : فلمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال علي عليه السلام : هذا أحد الركنين .
فلمّا ماتت فاطمة عليهاالسلام ، قال علي عليه السلام : هذا الركن الثاني(1) .
البخاري ومسلم والحلية ومسند أحمد بن حنبل : روت عائشة أنّ النبي صلى الله عليه و آله دعا فاطمة عليهاالسلام في شكواه الذي قبض فيه ، فسارّها بشيء فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت ، فسئلت عن ذلك .
ص: 151
فقالت : أخبرني النبي صلى الله عليه و آله أنّه مقبوض فبكيت ، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت(1) .
كتاب ابن شاهين : قالت أمّ سلمة وعائشة : أنّها لمّا سئلت عن بكائها وضحكها .
قالت : أخبرني النبي صلى الله عليه و آله أنّه مقبوض ، ثمّ أخبر أنّ بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت ، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت(2) .
وفي رواية أبي بكر الجعابي ، وأبى نعيم الفضل بن دكين ، والشعبي عن مسروق ، وفي السنن عن القزويني ، والإبانه عن العكبري ، والمسند عن الموصلي ، والفضائل عن أحمد بأسانيدهم عن عروة عن مسروق ، قالت عائشة :
أقبلت فاطمة عليهاالسلام تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مرحبا بابنتي ، فأجلسها عن يمينه ، وأسرّ إليها حديثا فضحكت ، فسألتها عن ذلك ، فقالت : ما أفشي سرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حتى إذا قبض سألتها .
فقالت : إنّه أسرّ إليّ فقال : إنّ جبرئيل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة ، وإنّه يعارضني به العام مرّتين ، ولا أراني إلاّ وقد حضر أجلي ، وإنّك لأوّل أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك ، بكيت لذلك .
ص: 152
ثمّ قال : ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين المؤمنين ، فضحكت لذلك(1) .
قال الحميري :
إنّها أسرع أهل بيته
ولحاقا به فلا تفشى الجزع
فمضى واتبعته والها
بعد غيض جرعته ووجع
* * *
وروي أنّها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدّة الركن ، باكية العين ، محترقة القلب ، يغشى عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول لولديها :
أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرّة بعد مرّة !
أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما ، فلا يدعكما تمشيان على الأرض !
ص: 153
ص: 155
ص: 156
ص: 157
ص: 158
ص: 159
ص: 160
ص: 161
ص: 162
ص: 163
ص: 164
ص: 165
ص: 166
ص: 167
ص: 168
ص: 169
ثمّ مرضت ومكثت أربعين ليلة ، ثمّ دعت أمّ أيمن وأسماء بنت عميس وعليا عليه السلام ، وأوصت إلى علي عليه السلام بثلاث :
أن يتزوّج بابنة أختها أمامة لحبّها أولادها .
وأن يتّخذ نعشا كأنّها كانت رأت الملائكة تصوّروا صورته ، ووصفته له .
وأن لا يشهد أحد جنازتها ممّن ظلمها(1) ، وأن لا يترك أن يصلّي عليها أحد منهم(2) .
وذكر مسلم عن عبد الرزّاق عن معمّر عن الزهري عن عروة عن عائشة .
وفي حديث الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عائشة ، في خبر طويل يذكر فيه :
ص: 170
إنّ فاطمة عليهاالسلام أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللّه صلى الله عليه و آله . . القصّة ، قال : وهجرته ولم تكلّمه حتى توفّيت ، ولم تؤذن أبا بكر يصلّي عليها(1) .
الواقدي : أنّ فاطمة عليهاالسلام لمّا حضرتها الوفاة أوصت عليا عليه السلام أن لا يصلّي عليها أبو بكر وعمر ، فعمل بوصيّتها(2) .
عيسى بن مهران عن مخوّل بن إبراهيم عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن ابن جبير عن ابن عباس قال :
أوصت فاطمة عليهاالسلام أن لا يعلم - إذا ماتت - أبو بكر ولا عمر ، ولا يصلّيا عليها .
قال : فدفنها علي عليه السلام ليلاً ، ولم يعلمهما بذلك(3) .
ص: 172
ص: 173
علي عليه السلام ليلاً وصلّى عليها(1) .
وروى فيه عن سفيان بن عيينة ، وروى الحسن بن محمد ، وعبد اللّه بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطّان عن معمّر عن الزهري :
إنّ فاطمة عليهاالسلام دفنت ليلاً(2) .
وعنه في هذا الكتاب : أنّ أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلامدفنوها
ليلاً ، وغيّبوا قبرها(3) .
وفي تاريخ الطبري : أنّ فاطمة عليهاالسلام دفنت ليلاً ، ولم يحضرها إلاّ العباس
وعلي عليه السلام والمقداد والزبير(4) .
وفي رواياتنا : أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسين وعقيل عليهم السلام ، وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة(5) .
ص: 174
وفي رواية : والعباس وابنه الفضل .
وفي رواية : وحذيفة وابن مسعود .
الأصبغ بن نباتة : أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلاً ، فقال : إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها ، وحرام على من يتولاّهم أن يصلّي على أحد من ولدها(1) .
وروي : أنّه سوّى قبرها مع الأرض مستويا .
وقالوا : سوّى حواليها قبورا مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها(2) .
وروي : أنّه رشّ أربعين قبرا حتى لا يبين قبرها من غيره فيصلّوا عليها(3)(4) .
ص: 175
قال سلامة الموصلي :
لمّا قضت فاطم الزهراء غسّلها
عن أمرها بعلها الهادي وسبطاها
وقام حتى أتى بطن البقيع بها
ليلاً فصلّى عليها ثمّ واراها
ولم يصلّ عليها منهم أحد
حاشا لها من صلاة القوم حاشاها
ص: 176
وقال الحميري :
وفاطم قد أوصت بأن لا يصلّيا
عليها وأن لا يدنوا من رجا القبر
عليا ومقداد وأن يخرجوا به
رويدا بليل في سكون وفي سرّ
* * *
وقال ابن حمّاد :
وقد أوصت أبا حسن عليا
بحقّي أن على الأرجاس تغشى
فغسّلها الوصيّ أبو حسين
وواراها وجنح الليل مغش
* * *
أبو عبد اللّه حمويه بن علي البصري ، وأحمد بن حنبل ، وأبو عبد اللّه بن بطّة بأسانيدهم :
قالت أمّ سلمى امرأة أبي رافع : اشتكت فاطمة عليهاالسلام شكواها التي قبضت فيها ، وكنت أمرّضها ، فأصبحت يوما أسكن ما كانت ، فخرج علي عليه السلام إلى بعض حوائجه ، فقالت : اسكبي لي غسلاً ، فسكبت .
وقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ، ثمّ لبست أثوابها الجدد .
ثمّ قالت : افرشي فراشي وسط البيت ، ثمّ استقبلت القبلة ونامت ، وقالت : أنا مقبوضة ، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد ، ثمّ وضعت خدّها على يدها وماتت(1) .
ص: 177
وقالت أسماء بنت عميس : أوصت إليّ فاطمة عليهاالسلام ألاّ يغسلها إذا ماتت إلاّ أنا وعلي عليه السلام ، فأعنت عليا عليه السلام على غسلها(1) .
كتاب البلاذري : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام غسلها من معقد الإزار ، وإنّ أسماء بنت عميس غسلتها من أسفل ذلك .
أبو الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعية : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن فاطمة عليهاالسلام من غسلها ؟ فقال : غسلها أمير المؤمنين عليه السلام ، لأنّها كانت صدّيقة ، لم يكن ليغسلها إلاّ صدّيق(2) .
يعني بالنعش(1) .
ص: 179
وروي : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها عليهاالسلام :
السلام عليك يا رسول اللّه عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والسريعة اللّحاق بك ، قلّ عن صفيّتك صبري ، ورقّ فيها تجلّدي ، إلاّ أنّ التأسّي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك موضع تعزّ ، فلقد وسّدتك في ملحود قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، « إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » .
فلقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة ، أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، إلى أن يختار اللّه لي دارك التي أنت بها مقيم ، وينقلني من الأكدار والتأثيم ، وستنبئك ابنتك فاحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق الذكر .
والسلام عليكما سلام مودّع لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد اللّه الصابرين(1) .
وروي : أنّه لمّا صار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولها وانصرف .
عبد الرحمن الهمداني وحميد الطويل : أنّه عليه السلام أنشأ على شفير قبرها عليهاالسلام :
ذكرت أبا ودّي فبتّ كأنّني
بردّ الهموم الماضيات وكيل
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
وكلّ الذي دون الفراق قليل
وإنّ افتقادي فاطم بعد أحمد
دليل على أن لا يدوم خليل
ص: 180
فأجاب هاتف :
يريد الفتى أن لا يدوم خليله
وليس له إلاّ الممات سبيل
فلابدّ من موت ولابدّ من بلى
وإنّ بقائي بعدكم لقليل
إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي
فإنّ بكاء الباكيات قليل
ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي
ويحدث بعدي للخليل بديل(1)
* * *
وقال صلى الله عليه و آله : منبري على ترعة من ترع الجنّة(1) .
وقالوا : حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد(2) .
أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قبر فاطمة عليهاالسلام .
فقال : دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد(3) .
ص: 182
ص: 184
ص: 185
ص: 186
نفسي تقرّ بأنّها
يوم القيامة غانمه
بنبيّها ووصيّها
والسيدين وفاطمه
* * *
قال ديك الجنّ :
يا قبر الذي فاطمة ما مثله
قبرا بطيبة طاب فيه مبيتا
إذ فيك حلّت زهرة الدنيا التي
بحلى محاسن وجهها حلّيتا
فسقى ثراك الغيث ما بقيت به
نور القبور بطيبة وبقيتا
فلقد بريّاها ظللت مطيبا
وغداك مسكا في الأنوف قتيتا
* * *
ص: 187
ص: 188
باب : مناقب فاطمة الزهراء عليهاالسلام
فصل 1 : في تفضيلها على النساء
( 7 - 26 )
الآيات··· 9
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ··· 9
وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ··· 13
لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى··· 13
وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُْنْثى··· 14
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ··· 14
لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ . .··· 15
نساء ذكرهنّ القرآن على وجه الكناية··· 15
نساء ذكرهنّ القرآن بخصال··· 16
أعطى اللّه عشرة أشياء لعشرة من النساء··· 17
أعطى اللّه الإجابة لعشرة··· 17
ص: 189
اهتمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعشرة أشياء فآمنه اللّه وبشّره بها··· 18
رأس التوّابين أربعة··· 19
خوّفت أربعة من الصالحات··· 19
رأس البكّائين ثمانية··· 20
خير نساء العالمين أربعة··· 21
فضّلها النبي صلى الله عليه و آله على سائر النساء في الدارين··· 23
في الحساب··· 25
علّة تفضيلها على أخواتها··· 25
فصل 2 : في منزلتها عند اللّه تعالى
( 27 - 48 )
آيات لموافقتها لترضى··· 29
زوجة أمير المؤمنين عليه السلام في الدنيا والآخرة··· 29
اللّه تعالى وكيل فاطمة عليهاالسلام··· 30
لم يذكر اللّه الحور في « هَلْ أَتى »··· 30
أصاب فاطمة عليهاالسلام ثلث النور الذي خلق اللّه منه الجنّة··· 30
إنّ اللّه ليغضب لغضبها ويرضى لرضاها··· 30
حرّم اللّه ذرّيّتها على النار··· 32
خير العمل برّ فاطمة عليهاالسلام وولدها··· 32
إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليهاالسلام ويحبّ من يحبّها··· 33
ص: 190
غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليهاالسلام··· 33
تظلّمها عليهاالسلام في القيامة··· 36
تظلّمها عليهاالسلام لولدها الحسين عليه السلام··· 37
رقاع زواج فاطمة عليهاالسلام··· 39
ضحكت فاطمة عليهاالسلام فأشرقت الجنان من نورها··· 42
ضحكت جارية الإمام عليه السلام فأشرق النور من فيها··· 43
فاطمة عليهاالسلام أوّل من يدخل الجنّة··· 44
علل أسمائها عليه السلام··· 45
لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام ؟··· 45
فطم محبّها عليهاالسلام من النار··· 45
فطمت من الشرّ··· 46
فطمت من الطمث··· 46
لم سمّيت بتولاً ؟··· 47
لم سمّيت الزهراء ؟··· 47
فصل 3 : في حبّ النبي صلى الله عليه و آله إيّاها
( 49 - 66 )
فاطمة عليهاالسلام أحبّ النساء إلى النبي صلى الله عليه و آله··· 51
بين أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام··· 52
بين المهاجرين والأنصار وبني هاشم··· 53
ص: 191
إنّما فاطمة عليهاالسلام بضعة منّي··· 54
دلالة هذا القول على عصمتها عليهاالسلام··· 56
زيارتها عليهاالسلام قبل وبعد كلّ سفر وتقبيلها··· 57
دلالة فعل النبي صلى الله عليه و آله··· 58
النبي صلى الله عليه و آله يمسح على رأسها عليهاالسلام ووجهها··· 58
جنّة فاطمة وعلي عليهماالسلام الخاصّة··· 59
فاطمة وعلي عليهماالسلام أكرم الخلق وأحبّهم إلى النبي صلى الله عليه و آله··· 60
لا ينام صلى الله عليه و آله حتى يقبّل فاطمة عليهاالسلام··· 62
كان صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليهاالسلام فغارت . .··· 62
رؤيا العباسي وتأويل الربيع الناصب··· 64
رجل شتم فاطمة عليهاالسلام··· 65
فصل 4 : في معجزاتها عليهاالسلام
( 67 - 80 )
كانت عليهاالسلام محدّثة··· 69
إستئذان ملك الموت من فاطمة عليهاالسلام لقبض النبي صلى الله عليه و آله··· 70
نزول جبرئيل لمواساة فاطمة عليهاالسلام··· 71
للّه ملائكة موكّلون بمعونة فاطمة عليهاالسلام··· 72
توسّل أم أيمن بفاطمة عليهاالسلام··· 74
كرامة شهرة بنت فضّة خادمة فاطمة عليهاالسلام··· 74
كلّما دخل عليها صلى الله عليه و آله وجد عندها رزقا··· 75
ص: 192
أسلم ثمانون ببركة أنوار كسوة فاطمة عليهاالسلام··· 76
سألت ربّها خاتما فأعطاها··· 76
خلّوا ابن عمّي أو لأكشف للدعاء . .··· 77
معجزاتها عليهاالسلام أيّام الحمل بها وولادتها··· 78
فصل 5 : في سيرتها عليهاالسلام
( 81 - 96 )
صدقها عليهاالسلام··· 83
عبادتها عليهاالسلام··· 83
علمها وسترها وحجابها··· 84
حزنها بعد أبيها··· 86
عملها في البيت··· 86
رضيت عليهاالسلام عن علي عليهماالسلام فجعله اللّه قسيم الجنّة والنار··· 88
فداها أبوها . . أنت منّي يا فاطمة··· 89
فضّة جارية فاطمة عليهاالسلام تتكلّم بالقرآن··· 91
زوّجتك أخي في الدنيا والآخرة··· 92
فصل 6 : في تزويجها عليهاالسلام
( 97 - 128 )
ردّ صلى الله عليه و آله جميع خطّابها··· 99
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام··· 100
ص: 193
الزواج في السماء··· 102
نثار الزواج··· 102
الخطبة والزواج في السماء··· 103
خطبة راحيل عليه السلام··· 105
زوّجهما اللّه وأشهد ملائكته··· 106
تاريخ زواج النورين··· 108
نزول الملك محمود بأمر الزواج··· 108
الأمر الإلهي بالتزويج··· 109
الزواج في الأرض··· 111
النبي صلى الله عليه و آله يستأمر فاطمة عليهاالسلام··· 111
خطبة النبي صلى الله عليه و آله··· 111
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام والعقد المبارك··· 112
مقدار المهر··· 115
جهاز فاطمة عليهاالسلام··· 118
تجهيز أمير المؤمنين عليه السلام داره··· 120
الوليمة والزفاف··· 120
أراجيز الزفاف··· 122
دعاء النبي صلى الله عليه و آله لهما عند الزفاف··· 124
مبيت أسماء عندها أسبوعا··· 125
زيارتهما صبيحة العرس··· 126
ص: 194
فصل 7 : في حليتها وتواريخها عليهاالسلام
( 129 - 148 )
حليتها عليهاالسلام··· 131
تواريخها عليهاالسلام··· 132
مشهدها وقبرها عليهاالسلام··· 133
كناها عليهاالسلام··· 134
أسماؤها عليهاالسلام··· 134
أولادها عليهم السلام··· 136
في المفردات··· 141
بشّرها النبي صلى الله عليه و آله وبعلها وابنيها بالجنّة··· 141
بين فاطمة ومريم عليهماالسلام··· 142
البشارة لهما عليهماالسلام بالولد··· 142
مدّة الحمل··· 142
شرف الآباء والكفالة والولادة··· 142
المفاخر··· 143
نثار فاطمة عليهاالسلام··· 144
كلام الملائكة معها واصطفاؤها··· 145
رزق اللّه الخاصّ لفاطمة عليهاالسلام··· 145
خلقت فاطمة عليهاالسلام من رزق الجنّة ومريم . .··· 146
لفاطمة عليهاالسلام عشرون اسما ومريم . .··· 147
طهارة مريم وطهارة فاطمة وولدها عليهم السلام··· 147
ص: 195
فصل 8 : في وفاتها وزيارتها عليهاالسلام
( 149 - 188 )
عن قليل ينهدّ ركناك··· 151
إخبارها أنّها أوّل أهله لحوقا به··· 151
حالها بعد أبيها··· 153
وصيّتها عليهاالسلام··· 170
دفنها عليهاالسلام ليلاً والصلاة عليها وتغييب قبرها··· 171
غسلها عليهاالسلام··· 177
اتّخاذ النعش··· 178
وقوف أمير المؤمنين عليه السلام على قبرها عليهاالسلام··· 180
موضع قبرها عليهاالسلام··· 181
زيارتها عليهاالسلام··· 183
الفهرست··· 189
ص: 196