مناقب آل ابی طالب المجلد 8

اشارة

عنوان و نام پديدآور:مناقب آل ابی طالب/ تالیف رشید الدین ابی عبد الله محمد بن علی بن شهر آشوب. تحقیق علی السید جمال اشرف الحسینی.

مشخصات نشر:قم: المکتبه الحیدریه، 1432ق = 1390.

مشخصات ظاهری:12ج

وضعیت فهرست نویسی:در انتظار فهرستنویسی (اطلاعات ثبت)

يادداشت:ج.9. (چاپ اول)

شماره کتابشناسی ملی:2481606

ص: 1

اشارة

مناقب آل أبي طالب

تأليف الإمام الحافظ رشيد الدين أبي عبد اللّه محمد بن علي بن شهرآشوب

ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي المازندراني

تحقيق السيد علي السيد جمال أشرف الحسيني

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

باب مناقب فاطمة الزهراء عليهاالسلام

اشارة

ص: 5

ص: 6

فصل 1 : في تفضيلها على النساء

اشارة

ص: 7

ص: 8

الآيات

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ

الخركوشي في كتابيه اللوامع ، وشرف المصطفى صلى الله عليه و آله ، بإسناده عن سلمان .

وأبو بكر الشيرازي في كتابه عن أبي صالح ، وأبو إسحاق الثعلبي ، وعلي بن أحمد الطائي ، وأبو محمد بن الحسن بن علوية القطّان في تفاسيرهم عن سعيد بن جبير ، وسفيان الثوري .

وأبو نعيم الإصفهاني في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام عن حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس ، وعن أبي مالك عن ابن عباس .

والقاضي النطنزي عن سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق عليه السلام - واللّفظ

له - :

في قوله : « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » قال : علي وفاطمة عليهماالسلام بحران عميقان ، لا يبغي أحدهما على صاحبه .

وفي رواية : « بَيْنَهُما بَرْزَخٌ » رسول اللّه صلى الله عليه و آله « يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤلُؤ وَالْمَرْجانُ » الحسن والحسين عليهماالسلام(1).

ص: 9


1- شرف النبي صلى الله عليه و آله للخركوشي : 258 ، تفسير الثعلبي : 9/182 ، تفسير القمّي : 2/344 ، تفسير فرات : 410 ، روضة الواعظين : 148 ، الخصال : 65 ، شواهد التنزيل : 2/285 ، خصائص الوحي المبين : 212 .

أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس : إنّ فاطمة عليهاالسلام بكت للجوع والعري ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : اقنعي - يا فاطمة - بزوجك ، فواللّه ، إنّه سيّد في الدنيا سيّد(1) في الآخرة ، وأصلح بينهما(2) ،

ص: 10


1- في البحار : « وسيد » .
2- كلّ ما روي عن طرق العامّة ممّا يتضمّن أو يوحي بوجود خلاف بين الصدّيقة سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام ، وسيّد الأوصياء والصدّيقين أمير المؤمنين عليه السلام فهو غير معتمد ، ولا يؤخذ به ، لأنّهما معصومان وحجّة اللّه على خلقه في الأخلاق والسلوك والرضا والقناعة وكلّ محامد الأخلاق وكرائم الصفات . وممّا لا شكّ فيه فإنّ « فاطمة عليهاالسلام أجلّ من أن تغضب أمير المؤمنين عليه السلام وأتقى وأرفع من ذلك ، وهي الصدّيقة التي أذهب اللّه عنها الرجس وطهّرها تطهيرا بنصّ الكتاب العزيز . . كما أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أجلّ وأتقى وأرفع من أن يغضب فاطمة عليهاالسلام ، وسيرته وتطهير اللّه له من الرجس وكلّ مشين بنصّ كتابه العزيز ، أدلّ دليل على ذلك . . وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام - وكأنّه يشير إلى ما سوف يفتريه عليه الحاقدون - : فواللّه ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر ، حتى قبضها اللّه - عزّ وجلّ - ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرا ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان . أضف إلى أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قسيم الجنّة والنار ، فلم يكن ليؤذي اللّه - تبارك وتعالى - والنبي صلى الله عليه و آله . . . لأنّ جزاء من يؤذي اللّه ورسوله صلى الله عليه و آله ليس هو الجنّة قطعا . . وقد قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ من آذى فاطمة عليهاالسلام فقد آذاه ، ومن أغضبها فقد أغضبه » . . انظر موسوعة الزهراء عليهاالسلام للزنجاني : 9/50 عن السيّد جعفر مرتضى العاملي . نعم ، يؤخذ بما تضمّنه الخبر من مناقبهما ، ويطرح الزائد الدخيل الذي لا يتّفق مع الإعتقاد بعصمتهما ومقامهما عند اللّه .

فأنزل اللّه : « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » يقول : أنا اللّه أرسلت البحرين : علي بن أبي طالب عليهماالسلام بحر العلوم ، وفاطمة عليهاالسلام بحر النبوّة « يَلْتَقِيانِ »

يتّصلان ، أنا اللّه أوقعت الوصلة بينهما .

ثمّ قال : « بَيْنَهُما بَرْزَخٌ » مانع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يمنع علي بن أبي طالب عليهماالسلام أن يحزن لأجل الدنيا ، ويمنع فاطمة عليهاالسلام أن تخاصم(1) بعلها لأجل الدنيا .

ص: 11


1- شرف النبي صلى الله عليه و آله للخركوشي : 258 ، تفسير الثعلبي : 9/182 ، تفسير القمّي : 2/344 ، تفسير فرات : 410 ، روضة الواعظين : 148 ، الخصال : 65 ، خصائص الوحي المبين : 212 ، شواهد التنزيل : 2/285 . حاشا أمير المؤمنين عليه السلام أن يحزن حبيبة رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوحبيبته من أجل الدنيا ، وحاشا سيّدة النساء الصدّيقة عليهاالسلام التي أذهب اللّه عنها الرجس وطهّرها تطهيرا أن تخاصم أمير المؤمنين عليه السلاممن أجل الدنيا ، وما هي الدنيا وما خطرها عند أهل البيت عليهم السلامالذين طلّقوها ثلاثا على سنّة أمير المؤمنين عليه السلام حتى يتخاصموا أو يحزنوا من أجلها ، وهي لا تساوي عندهم جناح بعوضة ، وقد ملّكهم اللّه الدنيا والآخرة بأسرها . والخبر لا ينتهي إلى معصوم ، وربما كان فيه تبرير وتسويغ لفعل زوجة النبي صلى الله عليه و آله التي كانت تخاصمه وتغضبه المرّة تلو الأخرى من أجل الدنيا وبدافع الحسد والغيرة المقيتة ، فهو يريد أن يجعل من فعلها الذي تستوجب به النار وسخط المنتقم الجبّار أمرا مألوفا « وهو من مقتضيات الحياة الزوجية . . وإذن . . فلا غضاضة فيه على أحد . . ولا موجب للطعن والإشكال على أيّ كان . . فزوجة النبي صلى الله عليه و آله تتصرّف كما تتصرّف بنت النبي صلى الله عليه و آله .. انظر موسوعة الزهراء عليهاالسلام للزنجاني : 9/51 عن السيّد مرتضى العاملي . كما أنّه تسويغ وتبرير لما فعله الأوّل والثاني حيث أغضبا سيّدة النساء التي جعل اللّه رضاها رضاه وسخطها سخطه ، بدعوى أنّهما لم ينفردا في ما ارتكباه في جنب اللّه من إغضاب سيّدة النساء وانتهاك حرمتها التي هي حرمة اللّه حتى رحلت إلى ربّها وهي ساخطة عليهما وعلى أتباعهما ، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام - وحاشاه سيّدي حاشاه والعياذ باللّه - قد أغضبها أيضا . والخبر يحمل نفس من لا يعرف للمعصوم قدرا ولا يعرف له منزلة ، بل لا يعرف مولى الموحدين وسيّد والوصيّين وأمير المؤمنين وزوجته سيّدة نساء العالمين وسيّدة نساء أهل الجنّة أجمعين عليهماالسلام ، ومن عرفهما ، فضلاً عن الإعتقاد بعصمتهما ومقامهما فإنّه لا يقول ذلك في حقّهما ، فما ورد في الخبر من كلام فيه بيان لفضيلة الصدّيقة وبعلها أمير المؤمنين عليهماالسلام فهو حقّ وما سوى ذلك فهو مطروح لا قيمة له وهو من زيادات الرواة .

« فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما » يا معشر الجنّ والإنس « تُكَذِّبانِ » بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام ، وحبّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام .

ف- « اللُّؤلُؤ » الحسن عليه السلام « وَالْمَرْجانُ » الحسين عليه السلام ، لأنّ اللؤلؤ الكبار ، والمرجان الصغار .

* * *

ولا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما وكثرة خيرهما ، فإنّ البحر سمّي بحرا لسعته ، وأجرى النبي صلى الله عليه و آله فرسا ، فقال : وجدته بحرا .

قال البشنوي :

ما عبد شمس ولا تيم وناصبها

من جندها الغيث والطير الأبابيل

في البرزخ الشأن لمّا أنزلت مرج

البحرين إذ يخرج المرجان واللولو

* * *

وقال محمد بن منصور السرخسي :

وأراد ربّ العرش أن يلقى بها

شجر كريم العرق والأغصان

فقضى فزوّجها عليّا أنّه

كان الكفي لها بلا نقصان

وقضى الإله بأن تولّد منهما

ولدان كالقمرين يلتقيان

ص: 12

سبطا محمد الرسول وفلذتا

كبد البتول كذاك يفتلقان

فبنى الإمامة والخلافة والهدى

بعد الرسالة ذانك الولدان

* * *

وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ

تفسير ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد ، وابن جبير ، والكلبي ، والحسن ، وأبي صالح ، والقزويني ، والمغربي ، والوالبي .

وفي صحيح مسلم ، وشرف الخركوشي ، واعتقاد الأشنهي :

في قوله تعالى : « وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » كانت فاطمة عليهاالسلام فقط ، وهو المروي عن الصادق عليه السلام ، وعن سائر أهل البيت عليهم السلام(1) .

لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى

عمار بن ياسر في قوله تعالى : « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى » .

ص: 13


1- شرف النبي صلى الله عليه و آله للخركوشي : 261 ، مسلم : 7/120 ، سنن الترمذي : 5/293 ، معرفة علوم الحديث للحاكم : 50 ، تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 660 ، تفسير العياشي : 177 ح 58 ، تفسير فرات : 86 ، تفسير القرآن للصنعاني : 1/122 ، تفسير جامع البيان : 3/408، تفسير ابن أبي حاتم : 2/667، تفسير السمرقندي : 1/245 ، تفسير ابن زمين : 1/293 ، أسباب النزول للواحدي : 68 ، تفسير السمعاني : 1/327 ، شواهد التنزيل : 1/156 . ولا أظنّ أنّ هذا ممّا يحتاج الى توثيق بعد أن صارت قضية المباهلة من الضروريات .

قال : فالذكر علي عليه السلام ، والأنثى فاطمة عليهاالسلام ، وقت الهجرة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الليلة(1) .

وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُْنْثى

الباقر عليه السلام في قوله : « وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُْنْثى » ، فالذكر أمير المؤمنين عليه السلام ، والأنثى فاطمة عليهاالسلام .

« إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى » لمختلف .

« فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » بقوته ، وصام حتى وفى بنذره ، وتصدّق بخاتمه وهو راكع ، وآثر المقداد بالدينار على نفسه .

قال : « وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » وهي الجنّة ، والثواب من اللّه .

« فَسَنُيَسِّرُهُ » لذلك ، وجعله إماما في الخير ، وقدوة وأبا للأئمّة ، يسّره اللّه « لِلْيُسْرى » .

وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ

الباقر عليه السلام في قوله : « وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ » : « كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ذرّيّتهم عليهم السلام » ، كذا نزلت على محمد صلى الله عليه و آله(2) .

ص: 14


1- أمالي الطوسي : 472 مج 16 ح 1031 ، الاختصاص للمفيد : 147 .
2- بصائر الدرجات : 91 باب 7 ح 4 ، الكافي : 1/416 ح 23 .
لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ . .

القاضي أبو بكر محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام : قالت فاطمة عليهاالسلام :

لمّا نزلت : « لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضا » هبت رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن أقول له : يا أبه ، فكنت أقول : يا رسول اللّه .

فأعرض عنّي مرّة وإثنتين أو ثلاثا ، ثمّ أقبل عليّ ، فقال : يا فاطمة ! إنّها لم تنزل فيك ، ولا في أهلك ، ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ(1) والكبر ، قولي : يا أبه ، فإنّها أحيى للقلب ، وأرضى للربّ .

نساء ذكرهنّ القرآن على وجه الكناية

واعلم أنّ اللّه ذكر إثنتي عشرة امرأة في القرآن على وجه الكناية :

[ 1 ] « اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ » حوّاء عليه السلام .

[ 2 ] « ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ » .

[ 3 ] « إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » امرأة فرعون .

[ 4 ] « وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ » لإبراهيم عليه السلام .

[ 5 ] « وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ » لزكريّا عليه السلام .

[ 6 ] « الآْنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ » زليخا .

ص: 15


1- البذخ : الفخر والتطاول .

[ 7 ] « وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ » لأيّوب عليه السلام .

[ 8 ] « إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ » بلقيس .

[ 9 ] « إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ » لموسى عليه السلام .

[ 10 ] « وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثا » حفصة وعائشة .

[ 11 ] « وَوَجَدَكَ عائِلاً » خديجة عليهاالسلام .

[ 12 ] « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ » فاطمة عليهاالسلام .

نساء ذكرهنّ القرآن بخصال

ثمّ ذكرهنّ بخصال :

[ 1 ] التوبة من حوّاء : « قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا » .

[ 2 ] والشوق من آسية : « رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » .

[ 3 ] والضيافة من سارة : « وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ » .

[ 4 ] والعقل من بلقيس : « إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً » .

[ 5 ] والحياء من امرأة موسى : « فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ » .

[ 6 ] والإحسان من خديجة عليهاالسلام : « وَوَجَدَكَ عائِلاً » .

[ 7 ] والنصيحة(1) ! لعائشة وحفصة : « يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ » إلى قوله : « وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ » .

[ 8 ] والعصمة من فاطمة عليهاالسلام : « وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » .

ص: 16


1- سياق الآيات الكريمة سياق التهديد لا النصيحة ، واللّه العالم .
أعطى اللّه عشرة أشياء لعشرة من النساء

وأنّ اللّه - تعالى - أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء :

[ 1 ] التوبة لحوّاء زوجة آدم عليهماالسلام .

[ 2 ] والجمال لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام .

[ 3 ] والحفاظ لرحيمة زوجة أيّوب عليه السلام .

[ 4 ] والحرمة لآسية زوجة فرعون .

[ 5 ] والحكمة ! لزليخا زوجة يوسف عليه السلام .

[ 6 ] والعقل لبلقيس زوجة سليمان عليه السلام .

[ 7 ] والصبر لبرحانة أمّ موسى عليه السلام .

[ 8 ] والصفوة لمريم أمّ عيسى عليهماالسلام .

[ 9 ] والرضى لخديجة عليهاالسلام زوجة المصطفى صلى الله عليه و آله .

[ 10 ] والعلم(1) ! لفاطمة زوجة المرتضى عليهماالسلام .

أعطى اللّه الإجابة لعشرة

والإجابة لعشرة :

[ 1 ] « وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الُْمجِيبُونَ » .

[ 2 ] « فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ » يوسف عليه السلام .

[ 3 ] « قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما » موسى وهارون عليهماالسلام .

[ 4 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ » يونس عليه السلام .

ص: 17


1- لقد جمع اللّه - تبارك وتعالى - في سيّدة النساء كلّ الكمالات .

[ 5 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ » أيّوب عليه السلام .

[ 6 ] « فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى » زكريّا عليه السلام .

[ 7 ] « ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ » للمخلصين .

[ 8 ] « أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ » للمضطرّين .

[ 9 ] « وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي . . » للداعين .

[ 10 ] « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ » فاطمة وزوجها عليهماالسلام .

اهتمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعشرة أشياء فآمنه اللّه وبشّره بها

وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يهتمّ لعشرة أشياء ، فآمنه اللّه منها ، وبشّره بها :

[ 1 ] لفراقه صلى الله عليه و آله وطنه .

فأنزل اللّه : « إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ » .

[ 2 ] ولتبديل القرآن بعده - كما فعل بسائر الكتب - .

فنزل : « إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ » .

[ 3 ] ولأمّته من العذاب .

فنزل : « وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » .

[ 4 ] ولظهور الدين .

« لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ » .

[ 5 ] وللمؤمنين بعده .

فنزل : « يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآْخِرَةِ » .

ص: 18

[ 6 ] ولخصمائهم .

فنزل : « يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » .

[ 7 ] وللشفاعة .

فنزل : « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى » .

[ 8 ] وللفتنة بعده على وصيّه .

فنزل : « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ »يعنى بعلي عليه السلام .

[ 9 ] ولثبات الخلافة في أولاده عليهم السلام .

فنزل : « لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ » .

[ 10 ] ولابنته عليهاالسلام حال الهجرة .

فنزل : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياما وَقُعُودا » الآيات .

رأس التوّابين أربعة

ورأس التوّابين أربعة :

[ 1 ] آدم عليه السلام : « قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا » .

[ 2 ] ويونس عليه السلام : قال : « سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ » .

[ 3 ] وداود عليه السلام : « وَخَرَّ راكِعا وَأَنابَ » .

[ 4 ] وفاطمة عليهاالسلام : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياما وَقُعُودا » .

خوّفت أربعة من الصالحات

وخوّفت أربعة من الصالحات :

ص: 19

[ 1 ] آسية : عذّبت بأنواع العذاب ، فكانت تقول : « رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الْجَنَّةِ » .

[ 2 ] ومريم عليهاالسلام : خافت من الناس وهربت ، « فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي » .

[ 3 ] وخديجة عليهاالسلام : عذلها النساء في النبي صلى الله عليه و آله فهجرنها .

[ 4 ] فقالت فاطمة عليهاالسلام : أما كان أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ ألا يحفظ في ولده ؟ ما أسرع ما أحدثتم(1) ، وأعجل ما نكصتم!!(2) .

رأس البكّائين ثمانية

ورأس البكّائين ثمانية :

[ 1 ] آدم عليه السلام .

[ 2 ] ونوح عليه السلام .

[ 3 ] ويعقوب عليه السلام .

[ 4 ] ويوسف عليه السلام .

[ 5 ] وشعيب عليه السلام .

[ 6 ] وداود عليه السلام .

[ 7 ] وفاطمة عليهاالسلام .

[ 8 ] وزين العابدين عليه السلام .

ص: 20


1- في النسخ : « أخذتم » ، وما أثبتناه من دلائل الإمامة .
2- دلائل الإمامة : 125 .

قال الصادق عليه السلام : أمّا فاطمة عليهاالسلام فبكت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى تأذّى أهل المدينة ، فقالوا لها : آذيتنا بكثرة بكائك !! إمّا أن تبكي بالليل ، وإمّا أن تبكي بالنهار .

وكانت عليهاالسلام تخرج إلى مقابر الشهداء ، فتبكي(1) .

خير نساء العالمين أربعة

وخير نساء العالمين أربعة :

كتاب أبي بكر الشيرازي ، وروى أبو الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أبيه :

إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قرأ : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ » الآية ، فقال : يا علي ، خير نساء العالمين أربع :

مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله ، وآسية بنت مزاحم(2) .

أبو نعيم في الحلية ، وابن البيّع في المسند ، والخطيب في التاريخ ، وابن بطّة في الإبانة ، وأحمد السمعاني في الفضائل بأسانيدهم عن معمّر عن قتادة عن أنس .

ص: 21


1- أمالي الصدوق : 204 مج 29 ح 221، روضة الواعظين : 172، مكارم الأخلاق : 315 .
2- الآحاد والمثاني: 5/364 رقم 2961، المعجم الكبير للطبراني: 22/402، الاستيعاب: 1821 ، الكامل لابن عدي : 4/217 ، تاريخ دمشق : 70/111 ، المناقب لابن مردويه : 194 رقم 264 ، إعلام الورى : 1/295 .

وروى الثعلبي في تفسيره ، والسلامي في تاريخ خراسان ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين بأسانيدهم عن أبي هريرة .

وروى الشعبي عن جابر بن عبد اللّه وسعيد بن المسيّب .

وروى كريب عن ابن عباس ، وروى مقاتل عن سليمان عن الضحّاك عن ابن عباس .

وقد رواه أبو مسعود ، وعبد الرزّاق ، وأحمد ، وإسحاق ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله - واللّفظ للحلية - :

إنّه قال عليه السلام : حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله ، وآسية امرأة فرعون(1) .

وفي رواية مقاتل والضحّاك وعكرمة عن ابن عباس : وأفضلهنّ فاطمة عليهاالسلام .

الفضائل عن عبد الملك العكبري ، ومسند أحمد بإسنادهما عن كريب عن ابن عباس أنّه قال :

ص: 22


1- حلية الأولياء : 3/344 ، مسند أحمد : 3/135 ، سنن الترمذي : 5/367 رقم 3981 ، المستدرك للحاكم : 3/157 ، المصنّف للصنعاني : 11/430 رقم 20919 ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : 7/530 رقم 5 ، الآحاد والمثاني للضحّاك : 5/363 رقم 2960 ، مسند أبي يعلى : 5/380 ، رقم 3039 ، كتاب ابن حبّان : 15/464 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/402 ، الاستيعاب : 4/1822 ، تفسير التبيان للطوسي : 2/456 ، تفسير مجمع البيان : 2/282 ، تفسير السمرقندي : 3/449 ، تفسير الثعلبي : 3/55 ، تفسير البغوي : 1/301 ، تاريخ دمشق : 52/102 ، السيرة لابن إسحاق : 5/227 ، إعلام الورى : 1/295 ، فضائل الصحابة لأحمد : 2/850 .

[ فاطمة ] سيّدة نساء أهل الجنّة(1) . . الخبر سواء . .

تاريخ بغداد بإسناد الخطيب عن حميد الطويل عن أنس قال النبي صلى الله عليه و آله : خير نساء العالمين(2) . . الخبر سواء . .

فضّلها النبي صلى الله عليه و آله على سائر النساء في الدارين

ثمّ إنّ النبي صلى الله عليه و آله فضّلها على سائر نساء العالمين في الدنيا والآخرة(3) .

روت عائشة وغيرها عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : يا فاطمة ، أبشري فإنّ

اللّه - تعالى - « اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ » ، وعلى نساء الإسلام ، وهو خير دين .

حذيفة : إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : أتاني ملك فبشّرني أنّ فاطمة سيّدة نساء الجنّة ، أو نساء أمّتي(4) .

البخاري ومسلم في صحيحهما ! وابن السعادات في فضائل العشرة ، وأبو بكر بن شيبة في أماليه ، والديلمي في فردوسه :

أنّه صلى الله عليه و آله قال : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة(5) .

ص: 23


1- في نسخة : « دار الأضواء » : « سيّدة نساء أهل الجنّة مريم ! ! » .
2- تاريخ بغداد : 7/194 .
3- تفسير السمعاني : 4/302 ، الفردوس للديلمي : 3/145 .
4- تفسير مجمع البيان : 2/311 ، سنن الترمذي : 5/326 ، فضائل الصحابة للنسائي : 58، الآحاد والمثاني للضحّاك : 5/366، المستدرك للحاكم : 3/151 ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : 7/527 رقم 3 ، التاريخ الكبير للبخاري : 1/232 .
5- البخاري : 4/209 .

حلية أبي نعيم : روى جابر عن سمرة عن النبي صلى الله عليه و آله في خبر : أما إنّها سيّدة النساء يوم القيامة(1) .

تاريخ البلاذري : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة عليهاالسلام : أنت أسرع أهلي لحاقا بي ، فوجمت(2) !

فقال لها : أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة ؟ فتبسّمت(3) .

الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : أسرّ النبي صلى الله عليه و آله إلى فاطمة عليهاالسلام

شيئا ، فضحكت .

فسألتها ، فقالت : قال لي : ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة ، أو نساء أمّتي(4) .

حلية الأولياء ، وكتاب الشيرازي : روى عمران بن حصين وجابر بن سمرة : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة عليهاالسلام فقال : كيف تجدينك يا بنيّة ؟

قالت : إنّي لوجعة ، وإنّه ليزيدني أنّه ما لي طعام آكله .

قال : يا بنيّة ، أما ترضين أنّك سيّدة نساء العالمين ؟

قالت : يا أبي ، فأين مريم بنت عمران عليهاالسلام ؟

قال : تلك سيّدة نساء عالمها ، وأنت سيّدة نساء عالمك ، أما - واللّه -

ص: 24


1- حلية الأولياء : 2/42 .
2- الواجم : الذي اشتدّ حزنه حتى أمسك عن الكلام .
3- البخاري : 4/183 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/27 .
4- المستدرك للحاكم : 3/156 ، أمالي الطوسي : 333 ح 669 ، وفي الأوّل : « سيّدة نساء العالمين وسيّدة نساء هذه الأمّة وسيّدة نساء المؤمنين » .

زوّجتك سيّدا في الدنيا والآخرة(1) .

وقيل للصادق عليه السلام : قول الرسول صلى الله عليه و آله : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ، أي سيّدة عالمها ؟

قال : ذاك مريم عليهاالسلام ، وفاطمة عليهاالسلام سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين

والآخرين(2) .

وفي الحديث : أنّ آسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران ، وخديجة يمشين أمام فاطمة عليهاالسلام كالحجّاب لها إلى الجنّة .

في الحساب

وفي الحساب :

من سيّدة الحور من ولد آدم كلّهم ، وزنه : أمّ الحجج فاطمة البتول .

عدد كلّ منهما ألف وستمائة وثمانية وتسعون .

علّة تفضيلها على أخواتها

وسأل بزل(3) الهروي الحسين بن روح رضى الله عنه ، فقال : كم بنات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال : أربع .

فقال : أيّتهنّ أفضل ؟ فقال : فاطمة .

ص: 25


1- حلية الأولياء : 2/42 ، الاستيعاب : 4/1895 ، تاريخ دمشق : 42/134 .
2- أمالي الصدوق : 187 مج 26 ح 196 ، روضة الواعظين : 149 .
3- كذا في النسخ ، وفي أحد احتمالي نسخة النجف : « بديل » ، ولعلّه هو الصحيح ، والمقصود بديل بن أحمد الهروي المحدّث ، واللّه العالم .

قال : ولم صارت أفضل ، وكانت أصغرهن سنّا ، وأقلّهن صحبة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟

قال : لخصلتين خصّها اللّه بهما : أنّها ورثت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ونسل رسول اللّه صلى الله عليه و آله منها ، ولم يخصّها بذلك إلاّ بفضل إخلاص عرفه من نيّتها(1) .

وقال المرتضى رضى الله عنه : التفضيل هو كثرة الثواب بأن يقع خلاص(2) ويقين ونيّة صافية ، ولا يمتنع من أن تكون عليهاالسلام قد فضّلت على أخواتها بذلك .

ويعتمد على أنّها أفضل نساء العالمين بإجماع الإمامية ، وعلى أنّه قد ظهر من تعظيم الرسول صلى الله عليه و آله لشأن فاطمة عليهاالسلام ، وتخصيصها من بين سائرهنّ ما ربما لا يحتاج إلى الاستدلال عليه .

قال مهيار :

يا ابنة المختار من كلّ الأذى روحي فداك

يا ابنة المختار إنّ اللّه بالفضل اجتباك

وارتضى بعلك للخلق جميعا وارتضاك

وعلى الأمّة جمعا فضّل اللّه أباك

* * *

وقال الزاهي :

وبمدح فاطمة البتول تنير لي

ظلم القيامة يوم ينفخ صورها

* * *

ص: 26


1- الغيبة للطوسي : 388 .
2- في بحار الأنوار : 43/38 عن المناقب : « إخلاص » .

فصل 2 : في منزلتها عند اللّه تعالى

اشارة

ص: 27

ص: 28

آيات لموافقتها لترضى

صحيح الدارقطني : رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمر بقطع لصّ ، فقال اللصّ : يا رسول اللّه ، قدّمته في الإسلام وتأمره بالقطع ؟

فقال : لو كانت ابنتي فاطمة !!!!!

فسمعت فاطمة عليهاالسلام فحزنت !!

فنزل جبرئيل عليه السلام بقوله : « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » فحزن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فنزل : « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا » .

فتعجّب النبي صلى الله عليه و آله من ذلك ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : كانت فاطمة عليهاالسلام حزنت من قولك ، فهذه الآيات لموافقتها لترضى .

زوجة أمير المؤمنين عليه السلام في الدنيا والآخرة

سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي صالح في قوله : « وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ » قال : ما من مؤمن يوم القيامة إلاّ إذا قطع الصراط زوّجه اللّه على باب الجنّة بأربع نسوة من نساء الدنيا ، وسبعين ألف حورية من حور الجنّة ، إلاّ علي بن أبيطالب عليهماالسلام، فإنّه زوج البتول فاطمة عليهاالسلام في الدنيا، وهو زوجها

في الآخرة في الجنّة ، ليست له زوجة في الجنّة غيرها من نساء الدنيا، لكن له في الجنان سبعون ألف حوراء لكلّ حوراء سبعون ألف خادم .

ص: 29

اللّه تعالى وكيل فاطمة عليهاالسلام

وروي : أنّ فاطمة عليهاالسلام تمنّت وكيلاً عند غزاة علي عليه السلام ، فنزل « رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً » .

لم يذكر اللّه الحور في « هَلْ أَتى »

وسئل عالم ، فقيل : إنّ اللّه - تعالى - قد أنزل « هَلْ أَتى » في أهل البيت عليهم السلام ، وليس شيء من نعيم الجنّة إلاّ وذكر فيه إلاّ الحور العين !

قال : ذلك إجلالاً لفاطمة عليهاالسلام .

أصاب فاطمة عليهاالسلام ثلث النور الذي خلق اللّه منه الجنّة

النبي صلى الله عليه و آله : لمّا خلق اللّه الجنّة خلقها من نور وجهه(1) ، ثمّ أخذ ذلك النور فقذفه ، فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة عليهاالسلام ثلث النور ، وأصاب عليا عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام ثلث النور .

فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد صلى الله عليه و آله ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد صلى الله عليه و آله(2) .

إنّ اللّه ليغضب لغضبها ويرضى لرضاها

الحسين بن زيد بن علي عن الصادق عليه السلام ، وجابر الجعفي عن الباقر عليه السلام :

ص: 30


1- في الخصال : « العرش » في الروضة : « عرشه » . .
2- الخصال : 188 ح 258 ، روضة الواعظين : 148 .

قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها(1) .

ابن شريح بإسناده عن الصادق عليه السلام ، وابن سعيد الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه و آله عن أمير المؤمنين عليه السلام .

وأبو صالح المؤذّن في الفضائل عن ابن عباس .

وأبو عبد اللّه العكبري في الإبانة ، ومحمود الإسفرائيني في الديانة ، رووا جميعا :

إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : يا فاطمة ، إنّ اللّه ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك .

وجاء سندل إلى الصادق عليه السلام وسأله عن ذلك ، فقال : يا سندل ، ألستم رويتم فيما تروون : أنّ اللّه - تعالى - يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟

قال : بلى .

قال : فما تنكر أن تكون فاطمة عليهاالسلام مؤمنة يغضب لغضبها ويرضى لرضاها .

فقال سندل : « اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ »(2) .

قال خطيب منبج :

وكان اللّه يرضى حين ترضى

ويغضب إن غدت في المغضبينا

* * *

ص: 31


1- أمالي المفيد : 95 مج 11 ح 4 ، بشارة المصطفى : 324 ح 6، معاني الأخبار : 303 ح 2.
2- أمالي الصدوق : 467 مج 61 ح 622 ، روضة الواعظين : 149 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/29 ، أمالي الطوسي : /427 ح 645 ، الاحتجاج : 2/103 .

حرّم اللّه ذرّيّتها على النار

تاريخ بغداد ، وكتاب السمعاني ، وأربعين ابن المؤذّن ، ومناقب فاطمة عليهاالسلام عن ابن شاهين بأسانيدهم عن حذيفة وابن مسعود :

قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ فاطمة عليهاالسلام أحصنت فرجها ، فحرّم اللّه ذرّيّتها على النار(1) .

وقال ابن منده : خاصّ الحسن والحسين عليهماالسلام(2) .

ويقال : أي مَن ولدته بنفسها ، وهو المروي عن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلام(3) ، والأولى كلّ مؤمن منهم .

خير العمل برّ فاطمة عليهاالسلام وولدها

سئل الصادق عليه السلام عن معنى « حيّ على خير العمل » .

فقال : خير العمل برّ فاطمة عليهاالسلام وولدها .

وفي خبر آخر : الولاية(4) .

ص: 32


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/68 ح 264 ، المستدرك للحاكم : 3/152 ، الكامل لابن عدي : 5/59 ، تاريخ دمشق : 14/174 ، المناقب للخوارزمي : 353 رقم 403 ، حلية الأولياء : 42/188 .
2- تاريخ بغداد : 3/266 ، أخبار اصبهان للاصبهاني : 1/242 .
3- معاني الأخبار : 106 ح 1 .
4- علل الشرائع : 2/368 باب 90 ح 4 و5 ، التوحيد للصدوق : 241 ح 2 ، معاني الأخبار : 41 ح 1 .

قال الصاحب :

حبّ علي لي أمل

وملجئي من الوجل

إن لم يكن لي من عمل

فحبّه خير العمل(1)

* * *

إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليهاالسلام ويحبّ من يحبّها

وفي المحاضرات : روى أبو هريرة : أنّه سجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بخمس سجدات بلا ركوع ، فقلنا له في ذلك .

فقال : أتاني جبرئيل عليه السلام ، فقال : إنّ اللّه يحبّ عليا عليه السلام ، فسجدت .

فرفعت رأسي ، فقال : إنّ اللّه يحبّ الحسن عليه السلام ، فسجدت .

فرفعت رأسي ، فقال : إنّ اللّه يحبّ الحسين عليه السلام ، فسجدت .

ورفعت رأسي ، ثمّ قال : إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليهاالسلام ، فسجدت .

ثمّ قال : إنّ اللّه يحبّ من أحبّهم ، فسجدت(2) .

غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليهاالسلام

السمعاني في الرسالة القوامية ، والزعفراني في فضائل الصحابة ، والأشنهي في اعتقاد أهل السنّة ، والعكبري في الإبانة ، وأحمد في الفضائل ، وابن المؤذّن في الأربعين بأسانيدهم عن الشعبي عن أبي جحيفة ، وعن ابن عباس ، والأصبغ عن أبي أيّوب .

ص: 33


1- ديوان الصاحب : 260 تسلسل 166 .
2- محاضرات الأدباء : 2/496 .

وقد روى حفص بن غياث عن القزويني عن عطاء عن أبي هريرة ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله قال :

إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي اللّه - تعالى - نادى مناد من وراء الحجاب :

أيّها الناس ، غضّوا من أبصاركم ، ونكّسوا من رؤوسكم ، فإنّ فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله تجوز على الصراط(1) .

وفي حديث أبي أيّوب : فيمرّ معها سبعون جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع(2) .

وروى أهل البيت عليهم السلام : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة عليهاالسلام على ناقة من نوق الجنّة ، مدبّجة(3) الجنبين ، خطامها(4)

ص: 34


1- مسند زيد : 460 ، ثواب الأعمال : 220 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/36 ح 55 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2/477 ، المستدرك للحاكم : 3/153 ، المعجم الكبير للطبراني : 1/108 ، المعجم الأوسط للطبراني : 3/35 ، الكامل لابن عدي : 5/5 ، تاريخ بغداد : 8/136 .
2- تفسير فرات : 269 ح 362 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/63 .
3- في النسخ « مدلجة » : وهي العلبة الكبيرة التي ينقل فيها اللبن . لسان العرب - مادة دلج . وما أثبتناه من المصادر ، والمدبج : المزيّن بالديباج ، فارسي معرّب ، والذيباج : الثياب المتّخذة من الإبريسم سداه ولحمته . وفي بعض المصادر : « مدبّجة الجبين » ، وفي بعضها : « مدبّجة الجنبين » ، وفي بعض آخر : « مدبّجة الجبينين » .
4- الخطام : زمام البعير ، لأنّه يقع على الخطم ، وهو الأنف .

من لؤلؤ رطب(1) ، قوائمها من الزمرّد الأخضر ، ذنبها من المسك الأذفر(2) ، عيناها ياقوتتان حمراوان ، عليها قبّة من نور ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، داخلها عفو اللّه ، وخارجها رحمة اللّه ، على رأسها تاج من نور ، للتاج سبعون ركنا ، كلّ ركن مرصّع بالدرّ والياقوت يضيء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء ، وعن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وجبرئيل عليه السلام آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته : غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليهاالسلام .

قال : فتسير حتى تحاذي عرش ربّها(3) . . الخبر .

قال البشنوي :

وقف الندا في موضع عبرت

فيه البتول عيونكم غضّوا

فتغضّ والأبصار خاشعة

وعلى بنان الظالم العضّ

تسودّ حينئذٍ وجوه

ووجوه أهل الحقّ تبيضّ

* * *

وقال خطيب منبج :

توافي في النشور على نجيب

به أملاك ربّك محدقونا

ويسمع من خلال العرش صوت

ينادي والخلائق شاخصونا

ص: 35


1- الرطب : ضدّ اليابس ، والرطب : الناعم .
2- المسك الأذفر : أي ذكي الريح .
3- أمالي الصدوق : 69 مج 5 ح 36 ، دلائل الإمامة : 153 ، ثواب الأعمال للصدوق : 219 ، روضة الواعظين : 148 ، تفسير فرات : 299 ، بشارة المصطفى : 42 ح 31 . .

ألا إنّ البتول تجوز فيكم

فغضّوا من مهابتها العيونا

* * *

وقال أبو الحسين البوشنجي :

قال النبي المصطفى فيما روى

عنه علي وهو نور يقبس

نادى مناد من وراء الحجب في

يوم القيامة والخلائق أركسوا

هاتيك فاطمة سليلة أحمد

تهوى تجوز على الصراط ونكّسوا

* * *

تظلّمها عليهاالسلام في القيامة

النبي صلى الله عليه و آله في خبر تقدّم أوّله ، قال : فتسير - يعني فاطمة عليهاالسلام - حتى تحاذي عرش ربّها ، وترجع(1) نفسها عن ناقتها وتقول :

إلهي وسيدي ! احكم بيني وبين من ظلمني ، احكم بيني وبين من قتل ولدي .

فإذا النداء من قبل اللّه : يا حبيبتي وابنه حبيبي ، سليني تعطي ، واستشفعي تشفّعي ، فوعزّتي وجلالي ، لا جازني ظلم ظالم .

ص: 36


1- في نسخة : « ترجّ » ، وهو الاهتزاز والاضطراب .

فتقول : إلهي وسيدي ! ذرّيّتي ، وشيعتي ، وشيعة ذرّيّتي ، ومحبّي ذرّيّتي .

فإذا النداء من قبل اللّه : أين ذرّية فاطمة وشيعتها ومحبّوها ومحبّوا ذرّيتها ؟! فيقبلون(1) ، وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة ، فتقدّمهم فاطمة عليهاالسلام كلّهم حتى تدخلهم الجنّة(2) .

تظلّمها عليهاالسلام لولدها الحسين عليه السلام

وفي خبر آخر : تحشر فاطمة عليهاالسلام وتخلع عليها الحلل ، وهي آخذة بقميص الحسين عليه السلام ملطّخ بالدم ، وقد تعلّقت بقائم العرش تقول : ربّي احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين ، فيؤخذ لها بحقّها(3) .

قال مسعود بن عبد اللّه القايني :

لابدّ أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطّخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

* * *

وقال آخر :

حسب الذي قتل الحسين

من الخسارة والندامه

أنّ الشفيع لدى الإله

خصيمه يوم القيامه

* * *

ص: 37


1- في النسخ : «فيقولون» ، وما أثبتناه من الأمالي والروضة ، وفي البشارة : «فيقومون» .
2- أمالي الصدوق : 70 مج 5 ح 36 ، روضة الواعظين : 149 ، بشارة المصطفى : 43 .
3- أمالي الصدوق : 70 مج 5 ح 36 ، روضة الواعظين : 149 ، بشارة المصطفى : 43 .

وقال الصاحب :

سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم

إذا حان معشر التعديل

وأبوها وبعلها وبنوها

حولها والخصام غير قليل

وتنادي يا ربّ ذبح أولادي

لماذا وأنت أنت مديلي(1)

فينادي بمالك ألهب الناروأجّج وخذ بأهل الغلول

ويجازى كلّ بما كان منهمن عقاب التخليد والتنكيل(2)

* * *

وقال شاعر آخر :

كأنّي ببنت المصطفى قد تعلّقت

يداها بساق العرش والدمع أذرت(3)

وفي حجرها ثوب الحسين مضرّجاوعنها جميع العالمين بحسرة

تقول أيا عدل اقض بيني وبين منتعدّى على ابني بين قهر وقسوة

أجالوا عليه بالصوارم والقناوكم جال فيهم من سنان وشفرة(4)

ص: 38


1- أدال فلانا على فلان : نصره وغلبه عليه .
2- ديوان الصاحب : 263 تسلسل 169 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2/150 .
3- أذرت العين دمعها : أسالته .
4- الشفرة : ما عرّض وحدّد من الحديد ، كحدّ السيف والسكين .

فيقضي على قوم إليها تألّبوا(1)

بشرّ عذاب النار من غير فترة

* * *

رقاع زواج فاطمة عليهاالسلام

أبو بكر مردويه في كتاب بالإسناد عن سنان الأوسي :

قال النبي صلى الله عليه و آله : حدّثني جبرئيل عليه السلام أنّ اللّه - تعالى - لمّا زوّج فاطمة عليا عليهماالسلام أمر رضوان ، فأمر شجرة طوبى ، فحملت رقاعا لمحبّي أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله ، ثمّ أمطرها ملائكة من نور بعدد تلك الرقاع ، فأخذ تلك الملائكة الرقاع .

فإذا كان يوم القيامة واستوت بأهلها أهبط اللّه الملائكة بتلك الرقاع ، فإذا لقى ملك من تلك الملائكة رجلاً من محبّي آل بيت محمد صلى الله عليه و آله دفع إليه رقعة براءة من النار(2)(3) .

ص: 39


1- تألّبوا : تجمّعوا .
2- المناقب لابن مردويه : 194 رقم 266 .
3- قد ورد في حبّها ونجاة شيعتها أحاديث كثيرة لا تكاد تحصى كثرة نذكر منها نموذجا : ففي كتاب مائة منقبة : 126 م 61 ، ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 59 ، والإرشاد للمفيد : 112 ، وغيرها : عن سلمان الفارسي قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا سلمان من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي ، ومن أبغضها فهو في النار . يا سلمان ، حبّ فاطمة عليهاالسلام ينفع في مائة من المواطن أيسرها : الموت ، والقبر ، والميزان ، والمحشر ، والصراط ، والعرض ، والحساب ، فمن رضيت ابنتي عنه رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي اللّه عنه ، ومن غضبت عليه فاطمة عليهاالسلام غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب اللّه عليه . يا سلمان ، ويل لمن يظلمها ، ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا عليه السلام ، وويل لمن يظلم شيعتها وذرّيّتها . تفسير فرات الكوفي : 298 بإسناده عن الصادق عليه السلام قال : قال جابر لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك - يا ابن رسول اللّه - حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة عليهاالسلام إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك . قال أبو جعفر عليه السلام : حدّثني أبي عن جدّي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور ، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثمّ يقول اللّه : يا محمد اخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها . ثمّ ينصب للأوصياء منابر من نور ، وينصب لوصيّي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور ، فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثمّ يقول اللّه : ياعلي اخطب ، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها . ثمّ ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لابني وسبطي وريحانتي أيّام حياتي منبر من نور ، ثمّ يقال لهما : اخطبا فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلها . ثمّ ينادي المنادي ، وهو جبرئيل عليه السلام : أين فاطمة بنت محمد ؟ أين خديجة بنت خويلد ؟ أين مريم بنت عمران ؟ أين آسية بنت مزاحم ؟ أين أمّ كلثوم أمّ يحيى بن زكريّا ؟ فيقمن ، فيقول اللّه - تبارك وتعالى - : يا أهل الجمع لمَن الكرم اليوم ؟ فيقول محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام : « لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ » . فيقول اللّه تعالى : يا أهل الجمع ، إنّي قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، يا أهل الجمع طأطئوا الرؤوس وغضّوا الأبصار ، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة . فيأتيها جبرئيل عليه السلام بناقة من نوق الجنّة مدبّجة الجنبين ، خطامها من اللؤلو الرطب ، عليها رحل من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها ، فيبعث اللّه مائة ألف ملك ليسيروا عن يمينها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك عن يسارها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم ، حتى يصيّروها على باب الجنّة . فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت ، فيقول اللّه : يا بنت حبيبي ، ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي ! فتقول : يا ربّ ، أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم . فيقول اللّه : يا بنت حبيبي ، ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيّتك خذي بيده فأدخليه الجنّة . قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه يا جابر ، إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديء . فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي اللّه في قلوبهم أن يلتفتوا ، فإذا التفتوا يقول اللّه : يا أحبّائي ، ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟ فيقولون : يا ربّ ، أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم . فيقول اللّه : يا أحبّائي ، ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة ، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة ، فخذوا بيده وأدخلوه الجنّة . قال أبو جعفر عليه السلام : واللّه ، لا يبقى في الناس إلاّ شاكّ أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال اللّه تعالى : « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ » ، فيقولون :« فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ » . قال أبو جعفر عليه السلام : هيهات هيهات ، منعوا ما طلبوا « وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ » . قال أبو القاسم الصنوبري الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء عليهاالسلامللأنصاري : 21/130 : حبّ النبي محمد ووصيّه مع حبّ فاطمة وحبّ بنيهاأهل الكساء الخمسة الغرر التي يبني العلا بعلاهم بانيهاكم نعمة أوليت يا مولاهم في حبّهم فالحمد للموليهاإنّ السفاه بشغل مدحي عنهم فيحقّ لي أن لا أكون سفيهاهم صفوة الكرم الذي أصفاهم ودّي وأصفيت الذي يصفيهاأرجو شفاعتهم فتلك شفاعة يلتذّ برد رجائها راجيهاصلّوا على بنت النبي محمد الصلاة على النبي أبيهاوابكوا دماء لو تشاهد سفكها في كربلاء لما ونت تبكيها

ص: 40

ص: 41

ضحكت فاطمة عليهاالسلام فأشرقت الجنان من نورها

وجاء في كثير من الكتب منها : كشف الثعلبي ، وفضائل أبي السعادات :

في معنى قوله : « لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا وَلا زَمْهَرِيرا » أنّه قال ابن عباس :

بينا أهل الجنّة في الجنّة بعد ما سكنوا رأوا نورا أضاء الجنان ، فيقول أهل الجنّة : يا ربّ ، إنّك قد قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل : « لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا » !

فينادي مناد : ليس هذا نور الشمس ، ولا نور القمر ، وإنّ عليا وفاطمة عليهماالسلام تعجّبا من شيء فضحكا ، فأشرقت الجنان من نورهما(1) .

ص: 42


1- تفسير الثعلبي : 10/102 ، أمالي الصدوق : 333 مج 44 ح 11 ، روضة الواعظين : 163 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلامللكوفي : 1/183 .

ضحكت جارية الإمام عليه السلام فأشرق النور من فيها

شعبة بن الحجّاج عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في خبر قال :

سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : كنت جالسا ، وإذا نور ضرب وجهي ، فقلت لجبرئيل عليه السلام : ما هذا النور الذي رأيته ؟

قال : يا محمد ، هذا لا نور الشمس ، ولا نور القمر ، ولكن جارية من جواري علي بن أبى طالب اطلعت من قصرها ، فنظرت إليك فضحكت ، فهذا النور خرج من فيها ، وهي تدور في الجنّة إلى أن يدخلها أمير المؤمنين عليه السلام(1) .

قال الحميري :

وأخبرنا الإله بما وقاهم

ولقّاهم هناك من السرور

وأكرمهم لما صبروا جميعا

بجنّات وألوان الحرير

فلا شمسا يرون ولا حميما

ولا غسّاق بين الزمهرير(2)

* * *

وقال العبدي :

أو ليس الإله قال لنا

لا شمس فيها يرى ولا زمهريرا

وإذا بالنداء يا ساكن الجنّة

مهلاً أمنتم التغييرا

ص: 43


1- المناقب للخوارزمي : 318 رقم 321 الفصل 19 ، مائة منقبة : 149 ح 82 ، فرائد السمطين : 1/137 .
2- قيل : الحميم يحرق بحرّه ، والغسّاق يحرق ببرده ، ويقال : الغسّاق : هو البارد المنتن ، والزمهرير : شدّة البرد .

ذا علي الوصي داعب(1) مولا

تكم فاطما فأبدت سرورا

فبدا إذ تبسّمت ذلك النورفزادت كرامة وحبورا(2)

* * *

فاطمة عليهاالسلام أوّل من يدخل الجنّة

أبو صالح في الأربعين عن أبي حامد الإسفرائيني بإسناده عن أبي هريرة قال :

قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة عليهاالسلام(3) .

ص: 44


1- داعب : مازح .
2- الحبور : الابتهاج والسرور .
3- كنز العمّال : 12/51 رقم 34234 ، لسان الميزان : 4/16 عن أبي صالح المؤذّن ، ميزان الاعتدال : 4/351 عن المؤذّن ، التدوين في أخبار قزوين : 1/457 .

علل أسمائها عليه السلام

لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام ؟
فطم محبّها عليهاالسلام من النار

ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة عليهاالسلام ، والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، وابن بطّة في الإبانة عن الكلبي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام :

قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : هل تدري لم سمّيت فاطمة ؟

قال علي عليه السلام : لم سمّيت فاطمة يا رسول اللّه ؟

قال : لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار(1) .

أبو علي السلامي في تاريخه بإسناده عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة :

قال علي عليه السلام : إنّما سمّيت فاطمة ، لأنّ اللّه فطم من أحبّها من النار(2) .

ابن شيرويه في الفردوس عن جابر الأنصاري : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّما سمّيت ابنتي فاطمة ، لأنّ اللّه فطمها وفطم محبّيها عن النار(3) .

ص: 45


1- شرف النبي صلى الله عليه و آله للخركوشي : 258 ، علل الشرائع : 1/179 باب 143 ح 5 ، دلائل الإمامة : 148 ح 57 .
2- علل الشرائع : 1/178 باب 142 ج 1 ، نوادر المعجزات للطبري : 81 ح 2 .
3- الفردوس للديلمي : 1/426 رقم 1395 .
فطمت من الشرّ

الصادق عليه السلام : أتدري أيّ شيء تفسير فاطمة ؟ قلت : أخبرني يا سيدي ، قال : فطمت من الشرّ(1) .

فطمت من الطمث

ويقال : إنّها سمّيت فاطمة عليهاالسلام ، لأنّها فطمت عن الطمث(2) .

أبو صالح المؤذّن في الأربعين : سئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما البتول ؟

قال النبي صلى الله عليه و آله : لم تر حمرة قطّ ، ولم تحض ، فإنّ الحيض مكروه على بنات الأنبياء(3) .

وقال صلى الله عليه و آله لعائشة : يا حميراء ، إنّ فاطمة عليهاالسلام ليست كنساء الآدميّين ، لا تعتلّ كما يعتللن(4) .

أبو عبد اللّه عليه السلام قال : حرّم اللّه النساء على علي عليه السلام ما دامت فاطمة عليهاالسلام حيّة ، لأنّها طاهرة لا تحيض(5) .

ص: 46


1- أمالي الصدوق : 688 مج 76 ح 945 ، الخصال : 414 ح 3 ، علل الشرائع : 1/178 باب 142 ح 3 ، روضة الواعظين : 148 .
2- علل الشرائع : 1/179 باب 143 ح 4 .
3- روضة الواعظين : 149 ، علل الشرائع : 1/181 باب 145 ح 1 ، معاني الأخبار : 64 ح 17 ، دلائل الإمامة : 150 .
4- المعجم الكبير للطبراني : 22/401 ، إعلام الورى : 1/291 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 64 .
5- تهذيب الأحكام للطوسي : 7/475 ح 1908 ، أمالي الطوسي : 43 مج 2 ح 48 ، بشارة المصطفى : 381 ح 23 .
لم سمّيت بتولاً ؟

وقال عبيد الهروي في الغريبين : سمّيت مريم عليهاالسلام بتولاً ، لأنّها بتلت(1) عن الرجال ، وسمّيت فاطمة عليه السلام بتولاً ، لأنّها بتلت عن النظير .

لم سمّيت الزهراء ؟

أبو هاشم العسكري : سألت صاحب العسكر عليه السلام لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام «الزهراء» ؟

فقال : كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند الغروب - غروب الشمس - كالكوكب الدرّي .

الحسن بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام

«الزهراء» ؟

قال : لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوتة حمراء ، ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة ، معلّقة بقدرة الجبّار ، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها ، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها ، لها مائة ألف باب ، وعلى كلّ باب ألف من الملائكة ، يراها أهل الجنّة كما يرى أحدكم الكوكب الدرّي الزاهر في أفق السماء ، فيقولون : هذه الزهراء لفاطمة عليهاالسلام .

ص: 47


1- بتلت : أي انقطعت .

قال منصور الفقيه :

إذا فخرت بنو الإسلام يوما

على من ليس من آل الرسول

قضيت لها كما أقضي عليها

بأنّ خيارها ولد البتول

* * *

وقال الصاحب :

قد قلت قولاً صادقا بيّنا

وليست النفس به آثمه

لكلّ شيء فاضل جوهر

وجوهر الناس بنو فاطمه(1)

* * *

ص: 48


1- ديوان الصاحب : 274 تسلسل 193 .

فصل 3 : في حبّ النبي صلى الله عليه و آله إيّاها عليهاالسلام

اشارة

ص: 49

ص: 50

فاطمة عليهاالسلام أحبّ النساء إلى النبي صلى الله عليه و آله

جامع الترمذي ، وإبانة العكبري ، وأخبار فاطمة عليهاالسلام عن أبي علي الصولي ، وتاريخ خراسان عن السلامي مسندا :

إنّ جميعا التيمي قال : دخلت مع عمّتي على عائشة ، فقالت لها عمّتي : ما حملك على الخروج على علي عليه السلام ؟

فقالت عائشة : دعينا ، فواللّه ما كان أحد من الرجال أحبّ إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله من علي عليه السلام ، ولا من النساء أحبّ إليه من فاطمة عليهاالسلام(1) .

فضائل العشرة عن أبي السعادات ، وفضائل الصحابة عن السمعاني ، وفي روايات عن شريك ، والأعمش ، وكثير النوا ، وابن الحجّام ، كلّهم عن جميع بن عمير عن عائشة ، وعن أسامة عن النبي صلى الله عليه و آله .

وروى عن عبد اللّه بن عطاء عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال :

سألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّ النساء أحبّ إليك ؟

قال : فاطمة .

ص: 51


1- سنن الترمذي : 5/362 رقم 3965 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/194 ، المسترشد : 449 ، المستدرك للحاكم : 3/157 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/403 ، تاريخ بغداد : 11/428 ، تاريخ دمشق : 42/261 ، الفضائل لابن عقدة : 27 ، المناقب للخوارزمي : 79 .

قلت : من الرجال ؟ قال : زوجها(1) .

جامع الترمذي : قال بريدة : كان أحبّ النساء إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام ، ومن الرجال علي عليه السلام(2) .

بين أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام

قوت القلوب عن أبي طالب المكّي ، والأربعين عن أبي صالح المؤذّن ، وفضائل الصحابة عن أحمد بالإسناد عن سفيان ، وعن الأعمش عن أبي الجحّاف عن جميع عن عائشة :

أنّه قال علي عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله - لمّا جلس بينه وبين فاطمة عليهاالسلام وهما مضطجعان - : أيّنا أحبّ إليك ، أنا أو هي ؟

فقال صلى الله عليه و آله : هي أحبّ إليّ ، وأنت أعزّ عليّ منها(3) .

ص: 52


1- سنن الترمذي : 5/362 ، تاريخ بغداد : 11/428 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/194 ، المستدرك للحاكم : 3/157 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/55 ، عيون المعجزات : 51 ، الاستيعاب : 4/1897 .
2- سنن الترمذي : 5/360 رقم 3960 ، المستدرك للحاكم : 3/155 ، المعجم الأوسط للطبراني : 7/199 ، الاستيعاب : 4/197 ، تاريخ دمشق : 42/260 .
3- مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/212 ح 681 ، مسند الحميدي : 1/23 رقم 38 ، الآحاد والمثاني : 5/360 رقم 2951 ، السنن الكبرى للنسائي : 5/151 ، المعجم الأوسط للطبراني : 7/342 ، فضائل سيّدة النساء لابن شاهين : 40 ، الفائق للزمخشري : 1/254 ، تاريخ دمشق : 42/124 ، المناقب لابن مردويه : 195 ، إعلام الورى : 1/95 .

وفي خبر عن جابر بن عبد اللّه : أنّه افتخر علي وفاطمة عليهماالسلامبفضائلهما ، فأخبر جبرئيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله أنّهما قد أطالا الخصومة !! في محبّتك فاحكم بينهما .

فدخل وقصّ عليهما مقالتهما ، ثمّ أقبل على فاطمة عليهاالسلام وقال : لك حلاوة الولد ، وله عزّ الرجال ، وهو أحبّ إليّ منك !

فقالت فاطمة عليهاالسلام : والذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك الأمّة ، لا زلت مقرّة له ما عشت .

بين المهاجرين والأنصار وبني هاشم

حلية الأولياء في خبر عن كعب بن عجزة : أنّ المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أيّنا أولى به وأحبّ إليه ؟!

فقال : أما أنتم يا معشر الأنصار ، فإنّما أنا أخوكم ، فقالوا : اللّه أكبر ، ذهبنا به وربّ الكعبة .

وأمّا أنتم يا معشر المهاجرين ، فإنّما أنا منكم ، فقالوا : اللّه أكبر ، ذهبنا به وربّ الكعبة .

وأمّا أنتم يا بني هاشم ، فأنتم منّي وإليّ .

فقمنا وكلّنا راض مغتبط برسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .

ص: 53


1- حلية الأولياء : 4/357 ، المعجم الكبير للطبراني : 19/133 .

إنّما فاطمة عليهاالسلام بضعة منّي

اشارة

عامر الشعبي ، والحسن البصري ، وسفيان الثوري ، ومجاهد ، وابن جبير ، وجابر الأنصاري ، ومحمد الباقر عليه السلام ، وجعفر الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال :

إنّما فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها فقد أغضبني(1) .

أخرجه البخاري عن المسور بن مخزمة .

وفي رواية جابر : فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى اللّه (2) .

وفي مسلم والحلية : إنّما فاطمة ابنتي بضعة منّي يريبني ما أرابها(3) ، ويؤذيني ما آذاها(4) .

سعدبن أبي وقّاص : سمعت النبي صلى الله عليه و آله

يقول : فاطمة بضعة منّي من سرّها

ص: 54


1- البخاري : 4/210 ومواضع أخرى منه ، مسند زيد : 459 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان:3/31، فضائل الصحابة للنسائي:5/97 رقم 8371، خصائص أميرالمؤمنين عليه السلامللنسائي : 121 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/404 .
2- علل الشرائع : 1/186 ، دلائل الإمامة : 135 ، الفصول المختارة : 88 ، تفسير القمّي : 2/196 ، إعلام الورى : 1/164 .
3- يريبني ما أرابها : أي يسؤني ما يسؤها ويزعجني ما أزعجها . مجمع البحرين .
4- مسلم : 7/141 ، مسند زيد : 459 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/60 ح 981 ، مسند أحمد : 4/328 ، البخاري : 6/158، سنن ابن ماجة : 1/644 رقم 1998، سنن أبي داود : 1/460 ، سنن الترمذي : 5/359 رقم 3959 ، فضائل الصحابة للنسائي : 784 ، الآحاد والمثاني للضحّاك : 5/361 رقم 3955 ، ابن حبّان : 15/406 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/404، أسباب النزول للواحدي : 529 ، حلية الأولياء : 7/325، الفردوس للديلمي : 1/282 رقم 886 .

فقد سرّني ، ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعزّ البريّة عليّ(1) .

مستدرك الحاكم عن أبي سهل بن زياد عن إسماعيل ، وحلية أبي نعيم عن الزهري وابن أبي مليكة ، والمسور بن مخزمة :

أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إنّما فاطمة شجنة(2) منّي ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها(3) .

وجاء سهل بن عبد اللّه إلى عمر بن عبد العزيز فقال : إنّ قومك يقولون : إنّك تؤثر عليهم ولد فاطمة عليهاالسلام !

فقال عمر : سمعت الثّقة من الصحابة أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة منّي يرضيني ما أرضاها ، ويسخطني ما أسخطها ، فواللّه إنّي لحقيق أن أطلب رضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ورضاه ، ورضاها في رضى ولدها(4) .

ص: 55


1- أمالي المفيد : 260 مج 31 ح 2، أمالي الطوسي : 24 ح 30، بشارة المصطفى : 119 .
2- الشجن : العضو المشتبك ، والشعبة من كلّ شيء .
3- المعجم الكبير للطبراني : 22/405، المستدرك للحاكم : 3/158، الآحاد والمثاني : 5/362 رقم 2956 .
4- الموسوعة الكبرى للأنصاري : 21/147 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب : 250 : قال ابن شهرآشوب في مثالبه: في ذكر فاطمة عليهاالسلام وعائشة . . . إلى أن قال: واعجباه ! إنّهم يساوون فاطمة الزهراء عليهاالسلام المعصومة بنت المعصوم معها وهي غير معصومة وابنة غير معصوم . . . فإن صحَّ مساواتهما صحَّ مساواة أبويهما ، وفاطمة عليهاالسلامبنت النبي صلى الله عليه و آلهوهي بنت أبي بكر، ولذلك قالت فاطمة عليهاالسلام : لو طلَّقك رسول اللّه صلى الله عليه و آلهلخرجت إلى أبي بكر ، ولو طلَّقني علي عليه السلام خرجت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وقال النبي صلى الله عليه و آله : علي عليه السلاممنّي وأنا منه ، وقال: فاطمة عليهاالسلام بضعة منّي . فعائشة تكون بضعة من أبي بكر . وفيها أيضا : 20/242 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب: 27 : عن ابن شهرآشوب، قال: ... ومن عجب أمركم أنه يجب أن يحفظ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي زوجته ولا يوجبون أن يحفظ في ابنته فاطمة عليهاالسلام! ثم إنه إنما يجب الاحترام لزوجتَيه اللتَين تظاهرتا عليه، فكان ذلك لمكان أبويهما لا لمكانة النبي صلى الله عليه و آله بل لبغضهما أهل البيت عليهم السلاموخروجهما على أمير المؤمنين عليه السلام قولاً وفعلاً. ثم يلعنون من ظلم عائشة يعنون عليا عليه السلامويثنون على قاتله ، وهو خال المؤمنين يخفون أمره، ولا يستطيعون أن يسمعوا لعن من ظلم فاطمة عليهاالسلام ... . وفيها أيضا : 14/159 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب مخطوط: 33. في مثالب ابن شهرآشوب، قال: ... ومن العجب أن فاطمة عليهاالسلام سيّدة نساء العالمين بنت رسول رب العالمين صلى الله عليه و آله تخرج في ظلامة لها فلا يساعدها بشر، مع قرب العهد برسول اللّه صلى الله عليه و آله. ثم تخرج عائشة بنت أبي بكر فتحرض الناس على قتال أمير المؤمنين عليه السلام وقتال من معه وتستحلُّ دماءِ أولاده وشيعته، فيجيبها عالَم إلى أن يهلك أكبرهم بين يديها ... .

وقد علموا أنّ النبي يسرّه

مسرّتها جدّا ويشني(1) اغتمامها(2)

* * *

دلالة هذا القول على عصمتها عليهاالسلام

قوله صلى الله عليه و آله هذا يدلّ على عصمتها ، لأنّها لو كانت ممّن تقارف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذيا له صلى الله عليه و آله على كلّ حال ، بل كان من فعل المستحقّ من ذمّها وإقامة الحدّ إن كان الفعل يقتضيه سارّا له ومطيعا(3) .

ص: 56


1- يشني : يبغض .
2- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/59 ح 977 .
3- الشافي في الإمامة : 4/95 .

زيارتها عليهاالسلام قبل وبعد كلّ سفر وتقبيلها

اشارة

أبو ثعلبة الخشني قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا قدم من سفره يدخل على فاطمة عليهاالسلام ، فدخل عليها ، فقامت إليه واعتنقته وقبّلت بين عينيه .

الأربعين : عن ابن المؤذّن بإسناده عن النضر بن شميل عن ميسرة عن المنهال عن عائشة بنت طلحة عن عائشة بنت أبي بكر .

وفي فضائل السمعاني بإسناده عن عكرمة قالا : كان النبي صلى الله عليه و آله إذا قدم من مغازيه قبّل فاطمة عليهاالسلام(1) .

ورووا عن عائشة : أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت إذا دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله قام لها من مجلسه ، وقبّل رأسها(2) ، وأجلسها مجلسه ، وإذا جاء إليها لقيته وقبّل كلّ واحد منهما صاحبه وجلسا معا(3) .

ص: 57


1- المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : 3/460 رقم 1، مناقب أمير المؤمنين عليه السلامللكوفي : 2/196 ح 668 ، ألقاب الرسول وعترته : 44 .
2- في المصادر : « قبّل يديها » ، أو « قبّل يدها » .
3- إعلام الورى : 1/196 ، أمالي الطوسي : 400 ح 892 ، سنن أبي داود : 2/522 باب 155 رقم 5217 ، سنن الترمذي: 5/361 رقم 3964 ، فضائل الصحابة للنسائي : 78، المستدرك للحاكم : 3/154 و3/160 .. ، السنن الكبرى للبيهقي : 7/101 ، الأدب المفرد للبخاري : 209 باب 444 رقم 1000 ، الآحاد والمثاني : 5/368 ، الذرّية الطاهرة للدولابي: 140، السنن الكبرى للنسائي : 5/96، ابن حبّان : 15/403، المعجم الأوسط للطبراني : 4/242 ، الرخصة في تقبيل اليد للمقري : 91، بشارة المصطفى : 389 ... وفيها بالإسناد: «عن عائشة قالت : ما رأيت من الناس أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن فاطمة عليهاالسلام ، كانت إذا دخلت عليه رحّب بها ، وقبّل يديها - وفي بعضها : قبّل يدها - وأجلسها في مجلسه ، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحّبت به ، وقبّلت يديه» .

أبو السعادات في فضائل العشرة ، وابن المؤذّن في الأربعين بالإسناد عن عكرمة عن ابن عباس ، وعن أبي ثعلبة الخشني ، وعن نافع عن ابن عمر قالوا :

كان النبي صلى الله عليه و آله إذا أراد سفرا كان آخر الناس عهدا بفاطمة عليهاالسلام ، وإذا قدم كان أوّل الناس عهدا بفاطمة عليهاالسلام(1) .

دلالة فعل النبي صلى الله عليه و آله

ولو لم يكن لها عند اللّه - تعالى - فضل عظيم لم يكن رسول اللّه صلى الله عليه و آله يفعل معها ذلك ، إذ كانت ولده ، وقد أمر اللّه بتعظيم الولد للوالد ، ولا يجوز أن يفعل معها ذلك وهو بضدّ ما أمر به أمّته عن اللّه تعالى .

النبي صلى الله عليه و آله يمسح على رأسها عليهاالسلام ووجهها

أبو سعيد الخدري قال : كانت فاطمة عليهاالسلام من أعزّ الناس على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فدخل عليها يوما وهي تصلّي .

فسمعت كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله في رحلها ، فقطعت صلاتها ، وخرجت من المصلّى ، فسلّمت عليه ، فمسح يده على رأسها وقال : يا بنيّة ، كيف أمسيت رحمك اللّه ، عشّينا غفر اللّه لك ، وقد فعل(2) . . .

ص: 58


1- المستدرك للحاكم : 3/56 ، الآحاد والمثاني : 5/359 رقم 2949 .
2- مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 1/203 ، أمالي الطوسي : 617 ح 269 ، الخرائج : 2/532 ، تفسير فرات : 84 « آل عمران » .

أخبار فاطمة عليهاالسلام عن أبي الصولي : قال عبد اللّه بن الحسن عليه السلام : دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله على فاطمة عليهاالسلام ، فقدّمت له كسرة يابسة من خبز شعير ، فأفطر عليها ، ثمّ قال : يا بنيّة ، هذا أوّل خبز أكل أبوك منذ ثلاثة أيّام(1) .

فجعلت فاطمة عليهاالسلام تبكي ورسول اللّه صلى الله عليه و آله يمسح وجهها بيده .

جنّة فاطمة وعلي عليهماالسلام الخاصّة

أبو صالح المؤذّن في الأربعين بالإسناد عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود قال :

سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : إنّ اللّه - تعالى - لمّا أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام ففعلت ، فقال لي جبرئيل عليه السلام :

إنّ اللّه بنى جنّة من لؤلؤة ، بين كلّ قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشذّرة بالذهب ، وجعل سقوفها زبرجدا أخضر ، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكلّلة بالياقوت .

ثمّ جعل غرفا ، لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، ولبنة من درّ ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد .

ثمّ جعل فيها عيونا تنبع من نواحيها ، وحفّ بالأنهار ، وجعل على الأنهار قبابا من درّ قد شعّبت(2) بسلاسل الذهب ، وحفّت بأنواع الشجر .

ص: 59


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/43 ح 123 .
2- شعّبت : شعبت الشيء : جمعته وفرّقته ، من الأضداد .

وبنى في كلّ قصر(1) [ قبّة ] ، وجعل في كلّ قبّة أريكة من درّة بيضاء ، غشاؤها السندس والإستبرق ، وفرش أرضها بالزعفران ، وفتق بالمسك والعنبر ، وجعل في كلّ قبّة حوراء .

والقبّة لها مائة باب ، على كلّ باب جاريتان وشجرتان ، في كلّ قبّة مفرش وكتاب مكتوب حول القباب « آية الكرسي » .

فقلت : يا جبرئيل ، لمن بنى اللّه هذه الجنّة ؟

قال : بناها لعلي بن أبي طالب وفاطمة عليهماالسلام ابنتك سوى جنانهما ، تحفة أتحفهما اللّه ، ولتقرّ بذلك عينك يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله(2) .

فاطمة وعلي عليهماالسلام أكرم الخلق وأحبّهم إلى النبي صلى الله عليه و آله

ابن عبد ربّه الأندلسي في العقد عن عبد اللّه بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال :

دخل الحسن بن علي عليهماالسلام على جدّه صلى الله عليه و آله وهو يتعثّر بذيله ، فأسرّ إلى النبي صلى الله عليه و آله سرّا ، فرأيته تغيّر لونه .

ثمّ قام النبي صلى الله عليه و آله حتى أتى فاطمة عليهاالسلام ، فأخذ بيدها ، فهزّها إليه هزّا

قويّا ، ثمّ قال : يا فاطمة ، إيّاك وغضب علي عليه السلام !!! فإنّ اللّه يغضب لغضبه ويرضى لرضاه .

ص: 60


1- في النسخ : « غصن » .
2- دلائل الإمامة : 143 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/408 ، تاريخ دمشق : 42/129 ، مجمع الزوائد : 9/204 .

ثمّ جاء علي عليه السلام ، فأخذ النبي صلى الله عليه و آله بيده ، ثمّ هزّها إليه هزّا خفيفا ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، إيّاك وغضب فاطمة !!! فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها .

فقلت : يا رسول اللّه ، مضيت مذعورا وقد رجعت مسرورا ! فقال : يا معاوية ، كيف لا أسرّ وقد أصلحت بين إثنين هما أكرم الخلق(1) .

ص: 61


1- لم أعثر على الخبر في نسخة العقد الفريد المتوفّرة لديّ . ثمّ إنّ الخبر منقول عن العقد ، وهو مصدر عامّي لا يعتمد عليه فيما خالف قداسة أهل البيت عليهم السلام . وراوي الخبر ابن الزبير عن معاوية بن أبي سفيان ، وهي أسماء منطفئة ميتة ، يفوح منها العفن والحقد على أهل البيت : ، ومن سعى في إطفاء نور اللّه وقاتل أمير المؤمنين عليه السلامواغتاله لا يتحرّج عن اغتيال شخصيّة الإمام والطعن في عصمته ، أعاذنا اللّه من شرور أعداء أمير المؤمنين وسيد الوصيّين وبعل سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام . أضف إلى ذلك ما سينقله المؤلّف بعد سطور عن ابن بابويه أنّه قال : « هذا غير معتمد ، لأنّهما منزّهان عن أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله » ، وذلك لخلقهما العظيم ، وهما أكرم الخلق فضلاً عن عصمتهما عليهماالسلام . ويبقى اعتذارنا للمؤلّف ؛ أنّه بنى كتابه على التنزّل وإلزام الخصم ، وإلاّ ففي غيرها من الأحاديث غنىً وكفاية ، وقد جعلت تلك الأحاديث رضا السيدة المقدّسة الصدّيقة المعصومة رضا اللّه فيما جعل هذا الخبر رضاها رضا الملائكة !!! ومع ذلك فإنّ الملائكة لا تفعل شيئا إلاّ عن أمر اللّه - تبارك وتعالى - فهي بالتالي لا تغضب إلاّ لغضب اللّه ولا ترضى إلاّ لرضاه - عزّ وجلّ - فالخبر نفسه يؤكد عصمتهما حيث أنّ غضبهما غضب اللّه ورضاهما رضا اللّه ، فكيف يصدر منهما ما نسب اليهما ؟! ولكن المؤلّف نقل الخبر ليحتجّ على معاوية وأنصاره بما رواه هو نفسه من جعل رضا اللّه في رضا أمير المؤمنين علي عليه السلام ورضا فاطمة عليهاالسلام ، لأنّ الملائكة لا يفعلون إلاّ ما يؤمرون ، فهم عن أمر ربّهم يصدرون ، وبهذا الق-در نقبل-ه م-ن معاوي-ة ، أمّا باقي الخبر فهو من نسج « نكراء » بني أمية التي شربها معاوية من دماء آكلة الأكباد وأقرب الرجال وأكثرهم حظّا منها أبي سفيان .

وفي رواية عبد اللّه بن الحارث ، وخبيب بن ثابت ، وعلي بن إبراهيم :

.. إثنين أحبّ من في الأرض إليّ .

قال ابن بابويه : هذا غير معتمد ، لأنّهما منزّهان عن أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .

لا ينام صلى الله عليه و آله حتى يقبّل فاطمة عليهاالسلام

الباقر والصادق عليهماالسلام : أنّه كان صلى الله عليه و آله لا ينام حتى يقبّل عرض وجه فاطمة عليهاالسلام ، ويضع وجهه بين ثديي فاطمة عليهاالسلام ويدعو لها(2) .

وفي رواية : حتى يقبّل عرض وجنة فاطمة عليهاالسلام ، أو بين ثدييها(3) .

كان صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليهاالسلام فغارت . .

أبو بكر محمد بن عبد اللّه الشافعي ، وابن شهاب الزهري ، وابن المسيّب كلّهم عن سعد بن أبي وقّاص .

ص: 62


1- قال الشيخ الصدوق في علل الشرائع: 1/156 تعليقا على خبر قريب ممّا رواه المؤلّف: قال محمد بن علي بن الحسين ، مصنّف هذا الكتاب : ليس هذا الخبر عندي بمعتمد ، ولا هو لي بمعتقد في هذه العلّة ، لأنّ عليا عليه السلام وفاطمة عليهاالسلام ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى الإصلاح بينهما ، لأنّه عليه السلام سيّد الوصيّين ، وهي سيّدة نساء العالمين ، مقتديان بنبي اللّه صلى الله عليه و آله في حسن الخلق . . .
2- ألقاب الرسول وعترته : 44 .
3- كشف الغمّة : 2/95 .

وأبو معاذ النحوي المروزي ، وأبو قتادة الحرّاني عن سفيان الثوري عن هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة .

والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، والأشنهي في الاعتقاد ، والسمعاني في الرسالة ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين ، وابن السعادات في الفضائل .

ومن أصحابنا : أبو عبيدة الحذّاء وغيره عن الصادق عليه السلام :

أنّه كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليهاالسلام ، فأنكرت عليه بعض نسائه ، فقال صلى الله عليه و آله : إنّه لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام ،

فأدخلني الجنّة ، فناولني من رطبها فأكلتها - وفي رواية : فناولني منها تفّاحة فأكلتها - فتحوّل ذلك نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة عليهاالسلام ، فحملت بفاطمة عليهاالسلام ، ففاطمة عليهاالسلام حوراء إنسيّة .

فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي(1) .

ودخل النبي صلى الله عليه و آله على فاطمة عليهاالسلام فرآها منزعجة، فقال لها: ما

لك ؟ قالت : الحميراء افتخرت على أمّي أنّها لم تعرف رجلاً قبلك! وأنّ أمّي عرفتها مسنّة !

فقال صلى الله عليه و آله : إنّ بطن أمّك كان للإمامة وعاء(2) .

ص: 63


1- شرف النبي صلى الله عليه و آله للخركوشي : 249 ، أمالي الصدوق : 546 مج 70 ح 728 ، التوحيد للصدوق : 118 ح21 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/107 ح 3، روضة الواعظين: 149، الاحتجاج : 2/191 ، تفسير فرات : 76 ح 49 ، علل الشرائع : 1/184 باب 148 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/401 ، تاريخ بغداد : 5/293 ، ذكر أخبار إصبهان : 1/78 .
2- انظر الخصال : 405 ، والبطن الذي يكون وعاءا للإمامة لا يمكن أن تنجّسه الجاهلية بأنجاسها ، وفي هذا دلالة واضحة أنّ أمّ المؤمنين الأولى لم تعرف رجلاً قبل النبي صلى الله عليه و آله .

رؤيا العباسي وتأويل الربيع الناصب

ابن عبد ربّه في العقد : أنّ المهدي رأى في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه عنه ، فلمّا انتبه قصّ رؤياه على الربيع .

فقال : إنّ شريكا مخالف لك ، وإنّه فاطمي محضا .

قال المهدي : عليّ بشريك ، فأتى به .

فلمّا دخل عليه قال : بلغني أنّك فاطمي ؟

قال: أعيذك باللّه أن تكون غير فاطمي ، إلاّ أن تعني فاطمة بنت كسرى .

قال : لا ، ولكن أعني فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله .

قال : فتلعنها ؟

قال ، لا ، معاذ اللّه .

قال : فما تقول فيمن يلعنها ؟

قال : عليه لعنة اللّه .

قال : فالعن هذا - يعني الربيع - .

قال : لا - واللّه - ما ألعنها يا أمير المؤمنين .

قال له شريك : يا ماجن ، فما ذكرك لسيدة نساء العالمين عليهاالسلام وابنة سيّد المرسلين صلى الله عليه و آله في مجالس الرجال ؟

قال المهدي : فما وجه المنام ؟

قال : إنّ رؤياك ليست برؤيا يوسف عليه السلام ، وإنّ الدماء لا تستحلّ بالأحلام(1) .

ص: 64


1- العقد الفريد : 1/147 « حسن التخلّص من السلطان » .

رجل شتم فاطمة عليهاالسلام

وأتي برجل شتم فاطمة عليهاالسلام إلى الفضل بن الربيع ، فقال لابن غانم : انظر في أمره ما تقول .

قال : يجب عليه الحدّ .

قال له الفضل : هي ذا أمّك إن حددته ، فأمر بأن يضرب ألف سوط ويصلب في الطريق(1) .

قال ابن الحجّاج في ردّه على مروان بن أبي حفصة :

أكان قولك في الزهراء فاطمة

قول امرئ لهج بالنصب مفتون

عيّرتها بالرحى والحبّ تطحنه

لا زال زادك حبّا غير مطحون

وقلت إنّ رسول اللّه زوّجها

مسكينة بنت مسكين لمسكين

ستّ النساء غدا في الحشر يخدمها

أهل الجنان بحور الحرّ والعين

* * *

ص: 65


1- في الموسوعة الكبرى للأنصاري : 20/263 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب: 256 ونثر الدرر للوزير الكاتب : 3/265 : قيل لبهلول : تأخذ درهما وتشتم فاطمة ؟ قال : لا ، ولكن هاتوا نصف درهم حتى أشتم عائشة وأزيدكم أباها .

وقال آخر :

بني الضلالة دسّوا

رؤوسكم في التراب

بني الضلالة أنتم

أهل الخنا والمعاب

هجرتم آل طه

والحشر والأحزاب

هجرتم من أبوها

شفيع يوم الحساب

وزوجها أوّل الناس

من قام في المحراب

* * *

ص: 66

فصل 4 : في معجزاتها عليهاالسلام

اشارة

ص: 67

ص: 68

كانت عليهاالسلام محدّثة

في الإحياء : أنّه قرأ ابن عباس : « وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ »

ولا نبي ولا محدّث(1) .

سليم قال : سمعت محمد بن أبي بكر قرأ : « وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ » ولا نبي ولا محدّث .

قلت : وهل تحدّث الملائكة إلاّ الأنبياء ؟

قال : مريم ، ولم تكن نبية وكانت محدّثة ، وأمّ موسى عليه السلام ، ولم تكن نبية وكانت محدّثة ، وسارة وقد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب عليهماالسلام، ولم تكن نبيّة، وفاطمة عليهاالسلام كانت محدّثة ولم تكن نبيّة(2).

وقد ذكر سعد القمّي في بصائر الدرجات ، ومحمد بن يعقوب الكليني في الكافي بابا في ذلك ، منها :

قال أبو عبد اللّه عليه السلام : الرسول الذي يظهر له الملك فيكلّمه ، والنبي الذي يؤتى في منامه ، وربما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد ، والمحدّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة(3) .

ص: 69


1- إحياء العلوم للغزالي:2/226، تفسير السمرقندي:2/466، تفسير السمعاني: 3/447.
2- علل الشرائع : 1/183 باب 147 ح 2 ، كتاب سليم : 351 .
3- الكافي : 1/777 ح 4 ، بصائر الدرجات : 391 باب 20 .

إستئذان ملك الموت من فاطمة عليهاالسلام لقبض النبي صلى الله عليه و آله

سهل بن أبي صالح عن ابن عباس : أنّه أغمي على النبي صلى الله عليه و آله في مرضه فدقّ بابه ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : من ذا ؟

قال: أنا رجل غريب أتيت أسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أتأذنون لي في الدخول عليه ؟

فأجابت عليهاالسلام : امض - رحمك اللّه - لحاجتك ، فرسول اللّه صلى الله عليه و آله عنك مشغول .

فمضى ثمّ رجع ، فدقّ الباب وقال : غريب يستأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أتأذنون للغرباء ؟

فأفاق رسول اللّه صلى الله عليه و آله من غشيته ، فقال : يا فاطمة ، أتدرين من هذا ؟

قالت : لا يا رسول اللّه .

قال : هذا مفرّق الجماعات ، ومنغّص اللّذات ، هذا ملك الموت ، ما استأذن - واللّه - على أحد قبلي ، ولا يستأذن لأحد من بعدي ، استأذن عليّ لكرامتي على اللّه ، ائذني له ، فقالت : ادخل رحمك اللّه .

فدخل كريحٍ هفّافة(1) ، وقال : السلام على أهل بيت رسول اللّه ، فأوصى النبي صلى الله عليه و آله إلى علي عليه السلام بالصبر عن الدنيا ، وبحفظ فاطمة عليهاالسلام ، وبجمع القرآن ، وبقضاء دينه ، وبغسله ، وأن يعمل حول قبره حائطا ، ويحفظ الحسن والحسين عليهماالسلام .

ص: 70


1- الريح الهفّافة : التي يسمع صوت هبوبها ، والسريعة المرور في هبوبها ، والريح الهفّافة : الساكنة الطيبة .

نزول جبرئيل لمواساة فاطمة عليهاالسلام

أبو عبيدة عن الصادق عليه السلام قال : بكت فاطمة عليهاالسلام على أبيها خمسة وسبعين يوما(1) ، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها ويخبرها بحال أبيها ، ويعزّيها ، ويخبرها بالحوادث بعدها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك(2) .

وهذا كقوله تعالى : « فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي » .

ص: 71


1- الموسوعة الكبرى للأنصاري : 14/215 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب : 72 : قال ابن شهرآشوب: رُوِيَ أنها عليهاالسلام بقيت خمسا وسبعين يوما عليلة، تتظلَّم منهما وتدعو اللّه عليهما ، فلمّا اشتدَّ علَّتها ، استأذنا عليها تأذن لهما ، فلمّا ألحّا أذن لهما أمير المؤمنين عليه السلامعن أمرها فلم يجبهما ، فاستشفعا به إليها . ورُوِيَ أن أبا بكر استشفع بأسماء بنت عميس - زوجته وكانت ربيبتها - فقالت لها : يا بنت رسول اللّه ، واللّه إنّي لأعلم أنّ اللّه لم يخلق أهل بيت هم أفضل منكم ، وقد سألني أبو بكر كلامك له ، وله حقُّ الزوج على المرأة ، تشفعيني في الإذن له ، فأذنت له . فقال : يا بنت محمد ! كلِّميني . قالت : لا واللّه لا أفعل ، حتى ألقى ربّي ثم أحاكمك إليه . ورُوِيَ أنّها عليهاالسلام قالت لهما : سألتكما باللّه أسمعتما رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : « فاطمة بضعة منّي ، آذَى اللّه مَن آذاها » ؟ قالا : نعم . قالت : فأشهد اللّه وملائكته ورسوله صلى الله عليه و آله أنّكما آذيتماني ، قوما فاخرُجا عنّي ، فواللّه لا أكلِّمكما بعد هذا حتى أقف أنا وأنتما بين يدي اللّه عزّوجلّ ، إنّ أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهأخبرني أنّي أوّل أهل بيته لحوقا به ، فواللّه لأشكوكما إليه . فقاما وخرجا وقالا : يا أبا الحسن ! بنت رسول اللّه لما بها ! فإذا كان من أمرها شيء فأذِّنَّا بها . . .
2- بصائر الدرجات : 174 باب 14 ح 6 ، الكافي : 1/214 ح 5 و458 ح 1 .

للّه ملائكة موكّلون بمعونة فاطمة عليهاالسلام

أبو علي الصولي في أخبار فاطمة عليهاالسلام ، وأبو السعادات في فضائل العشرة عن أبي ذر الغفاري قال :

بعثني النبي صلى الله عليه و آله أدعو عليا ، فأتيت بيته وناديته ، فلم يجبني ، فأخبرت النبي صلى الله عليه و آله ، فقال : عد إليه ، فإنّه في البيت .

فأتيت ودخلت عليه ، فرأيت الرحى تطحن ولا أحد عندها ، فقلت لعلي عليه السلام : إنّ النبي صلى الله عليه و آله يدعوك ، فخرج متوشّحا حتى أتى النبي صلى الله عليه و آله .

فأخبرت النبي صلى الله عليه و آله بما رأيت ، فقال : يا أبا ذر ، لا تعجب فإنّ للّه ملائكة سيّاحون في الأرض موكّلون بمعونة آل محمد صلى الله عليه و آله(1) .

الحسن البصري ، وابن إسحاق عن عمّار وميمونة أنّ كليهما قالا :

وجدت فاطمة عليهاالسلام نائمة والرحى تدور ، فأخبرت رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك .

فقال صلى الله عليه و آله: إنّ اللّه علم ضعف أمته، فأوحى إلى الرحى أن تدور فدارت(2).

وقد رواه أبو القاسم البستي في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، وأبو صالح المؤذّن في الأربعين عن الشعبي بإسناده عن ميمونة ، وابن فيّاض في شرح الأخبار(3) .

ص: 72


1- الخرائج : 2/531 ح 7 ، ذخائر العقبى : 98 « عن سيرة الملا » .
2- إعلام الورى : 1/295 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 68 .
3- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/6 ح 983 ، دلائل الإمامة للطبري : 139 ، الثاقب في المناقب : 290 ، الخرائج : 2/527 .

وروي : أنّها عليهاالسلام ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها ، فربما بكى ولدها فرؤي المهد يتحرّك ، وكان ملك يحرّكه .

محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام قال : بعث رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسلمانا إلى فاطمة عليهاالسلام .

قال : فوقفت بالباب وقفة حتى سلّمت ، فسمعت فاطمة عليهاالسلام تقرأ القرآن من جوّا ، وتدور الرحى من برّا ما عندها أنيس .

وقال في آخر الخبر : فتبسّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : يا سلمان ، ابنتي فاطمة ملأ اللّه قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها ، تفرّغت لطاعة اللّه ، فبعث اللّه ملكا اسمه « زوقابيل »(1) - وفي خبر آخر : جبرئيل عليه السلام - فأدار لها الرحى ، وكفاها اللّه مؤنة الدنيا مع مؤنة الآخرة(2) .

قال ابن حمّاد :

وقالت أم أيمن جئت يوما

إلى الزهراء في وقت الهجير

فلمّا أن دنوت سمعت صوتا

وطحنا في الرحاء مع الهدير

فجئت الباب أقرعه مليّا

فما من سامع أو من مجير

إذ الزهراء نائمة سكوت

وطحن للرحاء بلا مدير

فجئت المصطفى فقصصت شأني

وما عاينت من أمر ذعور

فقال المصطفى شكرا لربّي

بإتمام الحباء لها جدير

ص: 73


1- في الدلائل المطبوع وغيره : « روفائيل » .
2- دلائل الإمامة : 139 ، الثاقب في المناقب : 291 ح 248 .

رآها اللّه متعبة فألقى

عليها النوم ذو المنّ الكبير

ووكّل بالرحى ملكا مديرا

فعدت وقد ملئت من السرور

* * *

توسّل أم أيمن بفاطمة عليهاالسلام

علي بن معمّر قال : خرجت أم أيمن إلى مكّة لمّا توفّيت فاطمة عليهاالسلام ، وقالت : لا أرى المدينة بعدها ، فأصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت على نفسها .

قال : فكسرت عينيها نحو السماء ، ثمّ قالت : يا ربّ ! أتعطشني وأنا خادمة بنت نبيّك صلى الله عليه و آله ؟!

قال : فنزل إليها دلو من ماء الجنّة ، فشربت ، ولم تجع ، ولم تطعم سنين(1) .

كرامة شهرة بنت فضّة خادمة فاطمة عليهاالسلام

مالك بن دينار : رأيت في مودّع الحجّ امرأة ضعيفة على دابّة نحيفة ، والناس ينصحونها لتنكص .

فلمّا توسّطنا البادية كلّت دابتها ، فعذلتها في إتيانها .

ص: 74


1- الثاقب في المناقب : 196 ح 172 ، الخرائج : 2/530 ، وروى مثله في المصنّف للصنعاني : 4/309 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/224 ، تاريخ دمشق : 40/25 .

فرفعت رأسها إلى السماء وقالت : لا في بيتي تركتني ، ولا إلى بيتك حملتني ، فوعزّتك وجلالك ، لو فعل بي هذا غيرك لما شكوته إلاّ إليك .

فإذا شخص أتاها من الفيفاء ، وفي يده زمام ناقة ، فقال لها : اركبي ، فركبت وسارت الناقة كالبرق الخاطف .

فلمّا بلغت المطاف رأيتها تطوف ، فحلّفتها : من أنت ؟

فقالت : أنا شهرة بنت مسكة بنت فضة خادمة الزهراء عليهاالسلام .

كلّما دخل عليها صلى الله عليه و آله وجد عندها رزقا

الثعلبي في تفسيره ، وابن المؤذّن في الأربعين بإسنادهما عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه :

أنّ النبي صلى الله عليه و آله أقام أيّاما لم يطعم طعاما ، وجاء إلى منازل أزواجه فلم يصب شيئا ، فجاء إلى فاطمة عليهاالسلام . . - القصّة بطولها - .

فإذا جفنة تفور فيها طعام ، فقال : « أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ » .

فقال النبي صلى الله عليه و آله : الحمد اللّه الذي لم يمتني حتى رأيت في ابنتي ما رآه زكريّا لمريم ، كان إذا « دَخَلَ عَلَيْها » « وَجَدَ عِنْدَها رِزْقا » ، فيقول لها : يا مريم ، « أَنّى لَكِ هذا » ؟ فتقول : « هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ »(1) .

ص: 75


1- تفسير الثعلبي : 3/57 .

أسلم ثمانون ببركة أنوار كسوة فاطمة عليهاالسلام

ورهنت عليهاالسلام كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير .

فلمّا دخل زيد داره قال : ما هذه الأنوار في دارنا !

قالت : لكسوة فاطمة عليهاالسلام .

فأسلم في الحال ، وأسلمت امرأته وجيرانه ، حتى أسلم ثمانون نفسا(1)(2) .

سألت ربّها خاتما فأعطاها

وسألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله خاتما ، فقال: ألا أعلّمك ما هو خير من الخاتم؟ إذا صلّيت صلاة الليل فاطلبي من اللّه - عزّ وجلّ - خاتما، فإنّك تنالين حاجتك.

ص: 76


1- ألقاب الرسول وعترته : 40 ، الخرائج : 2/537 ، الثاقب في المناقب : 255 .
2- في الخرائج أيضا : 2/537 : ومن معجزاتها : أنّ اليهود كان لهم عرس ، فجاءوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقالوا : لنا حقّ الجوار ، فنسألك أن تبعث فاطمة عليهاالسلام بنتك إلى دارنا حتى يزدان عرسنا بها ، وألحّوا عليه . فقال صلى الله عليه و آله : إنّها زوجة علي بن أبي طالب ، وهي بحكمه ، وسألوه أن يشفع إلى علي في ذلك . وقد جمع اليهود الطمّ والرمّ من الحلي والحلل ، وظنّ اليهود أنّ فاطمة عليهاالسلام تدخل عليهم في بذلتها ، وأرادوا استهانة بها . فجاء جبرئيل عليه السلام بثياب من الجنّة وحلي وحلل لم ير الراؤون مثلها ، فلبستها فاطمة عليهاالسلاموتحلّت بها ، فتعجّب الناس من زينتها وألوانها وطيبها . فلمّا دخلت فاطمة عليهاالسلام دار هؤلاء اليهود سجد لها نساؤهم يقبّلن الأرض بين يديها ، وأسلم بسبب ما رأوا خلق كثير من اليهود .

قالت : فدعت ربّها - تعالى - فإذا بهاتف يهتف : يا فاطمة، الذي طلبت منّي تحت المصلّى ، فرفعت المصلّى ، فإذا الخاتم ياقوت لا قيمة له ، فجعلته في أصبعها وفرحت .

فلمّا نامت في ليلتها رأت في منامها كأنّها في الجنّة ، فرأت ثلاثة قصور لم تر في الجنّة مثلها ، قالت : لمن هذه القصور ؟ قالوا : لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله .

قالت : فكأنّها دخلت قصرا من ذلك ، ودارت فيه ، فرأت سريرا قد مال على ثلاث قوائم ، فقالت : ما لهذا السرير قد مال على ثلاثة ؟

قالوا : لأنّ صاحبته طلبت من اللّه - تعالى - خاتما ، فنزع أحد القوائم وصيغ لها خاتم ، وبقي السرير على ثلاث قوائم .

فلمّا أصبحت دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقصّت القصّة ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : معاشر آل عبد المطّلب ، ليس لكم الدنيا إنّما لكم الآخرة ، وميعادكم الجنّة ، ما تصنعون بالدنيا ، فإنّها زائلة غرّارة .

فأمرها النبي صلى الله عليه و آله أن تردّ الخاتم تحت المصلّى ، فردّت ثمّ نامت على المصلّى ، فرأت في المنام أنّها دخلت الجنّة ، فدخلت ذلك القصر ، ورأت السرير على أربع قوائم ، فسألت عن حاله ، فقالوا : ردّت الخاتم ورجع السرير إلى هيئته !!!!!

خلّوا ابن عمّي أو لأكشف للدعاء . .

أبو جعفر الطوسي في اختيار الرجال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن سلمان الفارسي :

ص: 77

أنّه لمّا استخرج أمير المؤمنين عليه السلام خرجت فاطمة عليهاالسلام حتى انتهت إلى القبر ، فقالت : خلّوا عن ابن عمّي ، فواللّه الذي بعث محمدا صلى الله عليه و آله بالحقّ لئن لم تخلّوا عنه لأنشرنّ شعري ، ولأضعنّ قميص رسول اللّه صلى الله عليه و آله على رأسي ، ولأصرخنّ إلى اللّه - تعالى - ، فما ناقة صالح بأكرم على اللّه من ولدي .

قال سلمان : فرأيت - واللّه - أساس حيطان المسجد تقلّعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ .

فدنوت منها وقلت : يا سيدتي ومولاتي ، إنّ اللّه - تبارك وتعالى - بعث إباك رحمة ، فلا تكوني نقمة !

فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها ، فدخلت في خياشيمنا(1) .

معجزاتها عليهاالسلام أيّام الحمل بها وولادتها

المفضّل بن عمر عن الصادق عليه السلام في خبر : أنّ خديجة عليهاالسلام لمّا تزوج بها رسول اللّه صلى الله عليه و آله هجرها نساء مكّة ، فاستوحشت لذلك .

فلمّا حملت بفاطمة عليهاالسلام كانت فاطمة عليهاالسلام تحدّثها من بطنها ، فسمع ذلك يوما رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يبشّرني أنّها ابنتي ، وأنّها النسمة الطاهرة الميمونة ، وأنّ اللّه سيجعل نسلي منها .

ص: 78


1- المسترشد : 381 ح 128 ، الاحتجاج : 1/113 ، الاختصاص للمفيد : 186 ، تفسير العياشي : 2/67 .

قال : فلمّا حضرت ولادتها اغتمّت ، فدخل عليها أربع نسوة سمر طوال ، فقالت إحداهنّ : لا تحزني - يا خديجة - فإنّا رسل ربّك ، ونحن أخواتك ، وأنا سارة ، وهذه آسية ، وهذه مريم ، وهذه كلثم أخت موسى عليه السلام .

فجلسن عندها ، فوضعت فاطمة عليهاالسلام طاهرة ، فأشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكّة .

ودخل عشر من الحور العين معهنّ الأباريق والطاس ، وفي الأباريق ماء من الكوثر ، فغسلنها به ، ولففنها في خرقتين بيضاوين أشدّ بياضا من اللبن ، وأطيب ريحا من المسك .

فنطقت فاطمة عليهاالسلام وقالت : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله سيّد الأنبياء ، وأنّ بعلي عليه السلام سيّد الأوصياء ، وولدي سادة الأسباط .

ثم سلّمت عليهن ، وسمّت كلّ واحدة باسمها ، وتباشرت الحور العين ،

فقلن : خذيها - يا خديجة - طاهرة مطهّرة زكيّة ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها .

فكانت تنمو في اليوم كما ينمى الصبي في الشهر(1) .

قال ابن حمّاد :

زوّجه بفاطم

بأمر ربّ العالم

على اغترام الراغم

أبرى إلى اللّه أنا

واللّه لم يرض لها

في الخلق إلاّ شكلها

ص: 79


1- أمالي الصدوق : 691 مج 76 ح 947 ، روضة الواعظين : 143 .

ومن يضاهي فعلها

وهو علي ذو الحجى

طيّبة لطيب

تفرّغا لمنصب

مطهّر مهذّب

قد شرّفا على الورى

* * *

ص: 80

فصل 5 : في سيرتها عليهاالسلام

اشارة

ص: 81

ص: 82

صدقها عليهاالسلام

حلية أبي نعيم ، ومسند أبى يعلى :

قالت عائشة : ما رأيت أحدا أصدق من فاطمة عليهاالسلام غير أبيها .

ورويا : أنّه كان بينهما شيء ، فقالت عائشة : يا رسول اللّه ، سلها فإنّها لا تكذب .

وقد روى الحديثين عطاء وعمرو بن دينار(1)(2) .

عبادتها عليهاالسلام

الحسن البصري : ما كان في هذه الأمّة أعبد من فاطمة عليهاالسلام ، كانت تقوم حتى تورّم قدماها(3) .

ص: 83


1- مسند أبي يعلى : 8/153 رقم 4700 ، حلية الأولياء : 2/41 .
2- في بحار الأنوار : 37/49 ح 27 عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 276 : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما سوّى اللّه قطّ امرأة برجل إلاّ ما كان من تسوية اللّه فاطمة عليهاالسلام بعلي عليه السلاموإلحاقها ، وهي امرأة بأفضل رجال العالمين ، وكذلك ما كان من الحسن والحسين عليهماالسلاموإلحاق اللّه إيّاهما بالأفضلين الأكرمين . . إلى قوله : فجعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أصدق الصادقين وأفضل المؤمنين .. وفاطمة عليهاالسلام جعلها أفضل الصادقين لمّا ميّز الصادقين من الكاذبين . .
3- ربيع الأبرار للزمخشري : 1/157 ، المستطرف : 1/6 .

علمها وسترها وحجابها

وقال النبي صلى الله عليه و آله لها : أيّ شيء خير للمرأة ؟ قالت : أن لا ترى رجلاً ولايراها رجل .

فضمّها إليه وقال : « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ »(1)(2) .

برّة طيّبة طاهرة

مريم الكبرى عفافا وورع

* * *

ص: 84


1- دعائم الإسلام : 2/215 ح 793 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/210 ح 680 ، مسند البزّار : 2/160 ، مجمع الزوائد : 4/255 ، كنز العمال : 16/601 .
2- في تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 340 ح 216 قال عليه السلام : وحضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فقالت : إنّ لي والدة ضعيفة ، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء ، وقد بعثتني إليك أسألك ، فأجابتها فاطمة عليهاالسلام عن ذلك ، ثمّ ثنت ، فأجابت ، ثم ثلّثت ، فأجابت إلى أن عشّرت ، فأجابت . ثمّ خجلت من الكثرة ،، فقالت : لا أشقّ عليك يا بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله . قالت فاطمة عليهاالسلام : هاتي وسلي عمّا بدا لك ، أرأيت من اكترى يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل ، وكرائه مائة ألف دينار ، أيثقل عليه ؟ فقالت : لا . فقالت : اكتريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من مل ء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا ، فأحرى أن لا يثقل عليّ . سمعت أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد اللّه ، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور ، ثمّ ينادي منادي ربّنا - عزّ وجلّ - : أيّها الكافلون لأيتام آل محمد ، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمّتهم ، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم ، فاخلعوا عليهم ، كما خلعتموهم خلع العلوم في الدنيا . فيخلعون على كلّ واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتى أنّ فيهم - يعني في الأيتام - لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة ، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلّم منهم . ثمّ إنّ اللّه - تعالى - يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتمّوا لهم خلعهم ، وتضعّفوها . فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك مَن بمرتبتهم ممّن يخلع عليه على مرتبتهم . وقالت فاطمة عليهاالسلام : يا أمة اللّه ، إنّ سلكا من تلك الخلع لأفضل ممّا طلعت عليه الشمس ألف ألف مرّة ، وما فضل فإنّه مشوب بالتنغيص والكدر . وفي الإحتجاج : 1/18 وتفسير الإمام العسكري عليه السلام : 346 ح 229 : وقال أبو محمد عليه السلام : قالت فاطمة عليهاالسلام : وقد اختصم إليها امرأتان ، فتنازعتا في شيء من أمر الدين ، إحداهما معاندة ، والأخرى مؤمنة ، ففتحت على المؤمنة حجّتها ، فاستظهرت على المعاندة ، ففرحت فرحا شديدا . فقالت فاطمة عليهاالسلام : إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك ، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها ، وإنّ اللّه - عزّ وجلّ - قال للملائكة : أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها ، واجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين ، فيغلب معاندا ، مثل ألف ألف ما كان له معدّا من الجنان . وتفسير الإمام العسكري عليه السلام : 343 ح 203 : وقالت فاطمة عليهاالسلام لبعض النساء : أرضي أبوَي دينِك محمدا وعليا عليهماالسلام بسخط أبوَي نسبِك ، ولا ترضي أبوي نسبك بسخط أبوي دينك ، فإنّ أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمد وعلي عليهماالسلام بثواب جزء من ألف ألف جزء من ساعة من طاعاتهما ، وإنّ أبوي دينك محمدا وعليا عليهماالسلام إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما ، لأنّ ثواب طاعات أهل الدنيا كلّهم لا يفي بسخطهما .

ص: 85

حزنها بعد أبيها

عمرو بن دينار عن الباقر عليه السلام قال : ما رؤيت فاطمة ضاحكة قطّ منذ قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى قبضت(1) .

عملها في البيت

وفي الحلية : الأوزاعي عن الزهري قال : لقد طحنت فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى مجلت(2) يداها ، وطبت(3) الرحى في يدها(4) .

وفي الصحيحين : أنّ عليا عليه السلام قال : اشتكي ممّا أندى بالقرب ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : واللّه إنّي اشتكي يدي ممّا أطحن بالرحى .

وكان عند النبي صلى الله عليه و آله أسارى ، فأمرها أن تطلب من النبي صلى الله عليه و آله خادما ، فدخلت على النبي صلى الله عليه و آله وسلّمت عليه ورجعت .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما لك ؟ قالت : واللّه ، ما استطعت أن أكلّم رسول اللّه من هيبته .

فانطلق علي عليه السلام معها إلى النبي صلى الله عليه و آله ، فقال لهما : جاءت بكما حاجة ؟

فقال علي عليه السلام مجاراتهما(5) .

ص: 86


1- حلية الأولياء : 2/43 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 2/312 .
2- مجلت يداها : تقرّحت من العمل ، وتكّون بين الجلد واللحم فيها ماء بإصابة نار أو مشقّة أو معالجة الشيء الخشن .
3- في الحلية : « وأثّر قطب » .
4- حلية الأولياء : 2/41 .
5- المجاراة : المذاكرة والمناظرة في الحديث .

فقال : لا ، ولكنّي أبيعهم وأنفق أثمانهم على أهل الصفّة ! وعلّمها تسبيح الزهراء عليهاالسلام(1) .

كتاب الشيرازي : أنّها لمّا ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا فاطمة ، والذي بعثني بالحقّ ، إنّ في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام ولا ثياب ، ولولا خشيتي خصلة لأعطيك ما سألت ، يا فاطمة ، إنّي لا أريد أن ينفكّ عنك أجرك إلى الجارية ، وإنّي أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي اللّه - عزّ وجلّ - إذا طلب حقّه منك ! ثمّ علّمها صلاة التسبيح .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : مضيت تريدين من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الدنيا !! فأعطانا اللّه ثواب الآخرة .

قال أبو هريرة : فلمّا خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من عند فاطمة عليهاالسلام أنزل اللّه على رسوله : « وَإِمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها » يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة عليهاالسلام « ابْتِغاءَ » ، يعني طلب « رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ » ، يعني رزقا من ربّك « تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا » يعني قولاً حسنا .

فلمّا نزلت هذه الآية أنفذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جارية إليها للخدمة ، وسمّاها « فضّة » .

تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام ، وتفسير القشيري عن جابر

ص: 87


1- الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/25 ، البخاري : 4/48 ، سنن أبي داود : 2/489 ، المستدرك للحاكم : 3/152 ، مسند أبي يعلى : 1/419 ، علل الشرائع : 2/366 ، الفقيه للصدوق : 1/321 ، مسند أحمد : 2/303 ، الغارات للثقفي : 2/739 .

الأنصاري : أنّه رأى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من أجلّة الإبل ، وهي تطحن بيديها ، وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا بنتاه ، تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة .

فقالت عليهاالسلام : يا رسول اللّه ، الحمد اللّه على نعمائه ، والشكر للّه على آلائه ، فأنزل اللّه : « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى »(1) .

رضيت عليهاالسلام عن علي عليهماالسلام فجعله اللّه قسيم الجنّة والنار

أبو منصور الكاتب في كتاب الروح والريحان عن أبي ذر في خبر :

إنّ فاطمة عليهاالسلام رأت رأس علي عليه السلام في حجر جارية أهداها جعفر مع أربعة آلاف درهم إليه ، فقالت : أتأذن لي أن أصير إلى منزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : قد أذنت لك .

فدخلت فاطمة عليهاالسلام ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا بنيّة ، جئت تشكين عليا !

فقالت : إي وربّ الكعبة !

فقال : ارجعي إلى علي وقولي : رغم أنفي لرضاك - ثلاثا - .

فلمّا رجعت وذكرت ذلك قال : يا فاطمة ، شكوتيني إلى خليلي وحبيبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أشهد اللّه - يا فاطمة - إنّ الجارية حرّة لوجه اللّه ، وأنّ الأربعة آلاف درهم صدقة على فقراء المسلمين .

ص: 88


1- تفسير الثعلبي : 1/225، شواهد التنزيل : 2/445، تفسير مجمع البيان : 10/382.

ثمّ لبس وانتعل وأراد النبي صلى الله عليه و آله ، فهبط جبرئيل عليه السلام مرّة أخرى وقال : يا محمد ، إنّ اللّه يقرؤك السلام ويقول لك : قل لعلي : إنّي أعطيتك الجنّة بعتقك الجارية لرضى فاطمة ، والتصدّق بأربعة آلاف درهم ، فأدخل الجنّة برحمتي من شئت ، وأخرج من النار بعفوي من شئت .

فعندها قال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا قسيم الجنّة والنار(1) .

فداها أبوها . . أنت منّي يا فاطمة

ابن شاهين في مناقب فاطمة عليهاالسلام ، وأحمد في مسند الأنصار بإسنادهما عن أبي هريرة وثوبان أنّهما قالا :

كان النبي صلى الله عليه و آله يبدأ في سفره بفاطمة عليهاالسلام ويختم بها ، فجعلت وقتا سترا من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها .

فلمّا رآه النبي صلى الله عليه و آله تجاوز عنها ، وقد عرف الغضب(2) في وجهه حتى جلس عند المنبر ، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها(3) ، ونزعت الستر ،

ص: 89


1- علل الشرائع : 1/163 باب 130 ح 2 ، والخبر كما ترى عاميّ لا ينتهي إلى معصوم ، فنأخذ ما سجّله من فضائل ومناقب للصدّيقة الشهيدة وسيد الأوصياء عليهماالسلام ، ولا نعتمد ما زاد على ذلك من الدخيل الذي لا يوافق عصمتهما وكريم أخلاقهما .
2- الخبر عامّي ، لا ينتهي إلى معصوم ، وكيف يغضب من لا ينطق عن الهوى ، على من جعل اللّه رضاها رضاه وغضبها غضبه ! وهل يغضب النبي صلى الله عليه و آله من فعل الصدّيقة المعصومة ؟
3- المسك بالتحريك : أسورة من ذبل أو عاج ، والذبل : شيء كالعاج وقيل : هو قرن الأوعال . مجمع البحرين .

فبعثت به إلى أبيها وقالت : اجعل هذا في سبيل اللّه .

فلمّا أتاه قال صلى الله عليه و آله : قد فعلت فداها أبوها - ثلاث مرّات - ، ما لآل محمد وللدنيا ، فإنّهم خلقوا للآخرة ، وخلقت الدنيا لغيرهم(1) .

وفي رواية أحمد : فإنّ هؤلاء أهل بيتي ، ولا أحبّ أن يأكلوا طيّباتهم في حياتهم الدنيا(2) .

أبو صالح المؤذّن في كتابه بالإسناد عن علي عليه السلام : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على ابنته فاطمة عليهاالسلام فإذا في عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعتها فرمت بها ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أنت منّي يا فاطمة ، ثمّ جاءها سائل فناولته القلادة(3) .

وفي مسند الرضا عليه السلام أنّه قال : لا يغرّنّك الناس أن يقولوا بنت محمد صلى الله عليه و آله

وعليك لبس الجبابرة !!!

فقطعتها وباعتها ، واشترت بها رقبة فأعتقتها ، فسرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك(4) .

ص: 90


1- أمالي الصدوق : 305 مج 41 ح348 ، روضة الواعظين : 444 .
2- مسند أحمد : 5/275 ، سنن أبي داود : 2/292 ، السنن الكبرى للبيهقي : 1/26 ، تركة النبي صلى الله عليه و آله للبغدادي : 58 ، المعجم الكبير للطبراني : 2/103 ، تفسير الثعلبي : 9/14 .
3- أمالي الصدوق : 552 مج 71 ح 739 ، مكارم الأخلاق : 95 .
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/49 ، وفيه : « قلادة ذهب كان اشتراها لها علي بن أبي طالب من فيء . . » .

فضّة جارية فاطمة عليهاالسلام تتكلّم بالقرآن

أبو القاسم القشيري في كتابه قال بعضهم : انقطعت في البادية عن القافلة ، فوجدت امرأة ، فقلت لها : من أنت ؟

فقالت : « قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ » ، فسلّمت عليها .

فقلت : ما تصنعين ها هنا ؟

قالت : « مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ »(1) .

فقلت : أمن الجنّ أنت أم من الإنس ؟

قالت : « يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ » .

فقلت : من أين أقبلت ؟

قالت : « يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ » .

فقلت : أين تقصدين ؟

قالت : « وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ » .

فقلت : متى انقطعت ؟

قالت : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ » .

فقلت : أتشتهين طعاما ؟

فقالت : « وَما جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ » فأطعمتها .

ثمّ قلت : هرولي وتعجّلي .

قالت : « لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسا إِلاّ وُسْعَها » .

ص: 91


1- في النسخ : « من يهد اللّه فلا مضلّ له » .

فقلت : أردفك ؟

فقالت : « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا » .

فنزلت فأركبتها .

فقالت : « سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا » .

فلمّا أدركنا القافلة قلت لها : ألك أحد فيها ؟

قالت : « يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ » ، « وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ » ، « يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ » ، « يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللّهُ » .

فصحت بهذه الأسماء ، فإذا بأربعة شباب متوجّهين نحوها .

فقلت : من هؤلاء منك ؟

قالت : « الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا » .

فلمّا أتوها ، فقالت : « يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَْمِينُ » ، فكافوني بأشياء .

فقالت : « وَاللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ » ، فزادوا عليّ .

فسألتهم عنها ، فقالوا : هذه أمّنا « فضّة » جارية الزهراء عليهاالسلام ما تكلّمت منذ عشرين سنة إلاّ بالقرآن .

زوّجتك أخي في الدنيا والآخرة

معقل بن يسار ، وأبو قبيل ، وابن إسحاق ، وحبيب بن أبي ثابت ، وعمران بن حصين ، وابن غسّان ، والباقر عليه السلام ، مع اختلاف الروايات واتفاق المعنى :

ص: 92

إنّ النسوة قلن : يا بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، خطبك فلان وفلان ، فردّهم أبوك وزوّجك عائلاً !

فدخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقالت : يا رسول اللّه ، زوّجتني عائلاً ! فهزّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بيده معصمها وقال : لا - يا فاطمة - ولكن زوّجتك أقدمهم سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، أما علمت - يا فاطمة - أنّه أخي في الدنيا والآخرة ، فضحكت وقالت : رضيت يا رسول اللّه (1) .

وفي رواية أبي قبيل : لم أزوّجك حتى أمرني جبرئيل عليه السلام(2) .

وفي رواية عمران بن الحصين وحبيب بن ثابت : أما إنّي قد زوّجتك خير من أعلم(3) .

ص: 93


1- الإرشاد للمفيد : 1/37 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 1/270 ح 182 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/58 ، كنز الفوائد : 121 ، أمالي الطوسي : 155 ، الفضائل لابن عقدة : 23 ، إعلام الورى : 1/317 ، المناقب للخوارزمي : 353 .
2- تاريخ دمشق : 42/128 ، ذخائر العقبى : 131 ، وفي الأوّل والثاني : . . لم أزوّجك من علي عليه السلام ، إنّ اللّه أمرني أن أزوّجك منه ، إنّ اللّه لمّا أمرني أن أزوّجك من علي عليه السلامأمر الملائكة أن يصطفّوا صفوفا في الجنّة ، ثمّ أمر شجر الجنان أن تحمّل الحلي والحلل ، ثمّ أمر جبريل ، فنصب في الجنّة منبرا ، ثمّ صعد جبريل فاختطب . فلمّا أن فرغ نثر عليهم من ذلك ، فمن أخذ أحسن أو أكثر من صاحبه افتخر به إلى يوم القيامة ، يكفيك هذا يا بنيّة . وفي ذخائر العقبى إضافة إلى ما رواه ابن عساكر : عن عمر وقد ذكر عنده علي عليه السلام ، قال : ذلك صهر رسول اللّه صلى الله عليه و آله نزل جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد ، إنّ اللّه يأمرك أن تزوّج فاطمة عليهاالسلامابنتك من علي .
3- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2/359 وفيه : « عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه دخل على فاطمة عليهاالسلام بعد أن بنا بها علي عليه السلام بأيّام ، فصنعت له طعاما كما تصنع الجارية إذا رأت بعض أهلها ، وقدّمته له وبكت ، فقال : ما يبكيك يا بنيّة ؟ وقد زوّجتك خير من أعلم » .

وفي رواية ابن غسّان : زوّجتك خيرهم .

وفي كتاب ابن شاهين : عبد الرزّاق عن معمّر عن أيّوب عن عكرمة قال النبي صلى الله عليه و آله : أنكحتك أحبّ أهلي إليّ(1) .

قال العبدي :

إذ أتته البتول فاطم تبكي

وتوالى شهيقها والزفيرا

اجتمعن النساء عندي وأقبلن

يطلن التقريع والتعييرا

قلن إنّ النبي زوّجك اليوم

عليا بعلاً معيلاً فقيرا

قال يافاطم اصبري واشكري اللّه

فقد نلت منه فضلاً كبيرا

أمر اللّه جبرئيل فنادى

معلنا في السماء صوتا جهيرا

ص: 94


1- السنن الكبرى للنسائي : 5/143 ، المستدرك للحاكم : 3/159 ، وفيه : « عن أسماء بنت عميس قالت : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه و آلهإلى الباب ، فقال : يا أم أيمن ادعى لي أخي ، فقالت : هو أخوك وتنكحه ؟ ! قال : نعم ، يا أم أيمن ، فجاء علي عليه السلام ، فنضح النبي صلى الله عليه و آله عليه من الماء ودعا له . ثمّ قال : ادعى لي فاطمة عليهاالسلام قالت : فجاءت تعثر من الحياء ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : اسكني ، فقد أنكحتك أحبّ أهل بيتي إليّ . قالت : ونضح النبي صلى الله عليه و آله عليها من الماء . ثمّ رجع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فرأى سوادا بين يديه ، فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا أسماء ، قال : أسماء بنت عميس ؟ قلت : نعم ، قال : جئت في زفاف ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قلت : نعم ، فدعا لي . . » .

اجتمعن الأملاك حتى إذا ما

وردوا بيت ربّنا المعمورا

قام جبرئيل خاطبا يكثر التحميد

للّه جلّ والتكبيرا

خمس أرضي لها حلال فصيّره

على الخلق دونها مبرورا

نثرت عند ذاك طوبى وللحور

من المسك والعبير نثيرا

* * *

ص: 95

ص: 96

فصل 6 : في تزويجها عليهاالسلام

اشارة

ص: 97

ص: 98

ردّ صلى الله عليه و آله جميع خطّابها

قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر الأنصاري ، وأنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وأم سلمة ، بألفاظ مختلفة ومعاني متّفقة :

إنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله مرّة بعد أخرى فردّهما .

وروى أحمد في الفضائل عن بريدة : أنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام فقال : إنّها صغيرة(1) .

وروى ابن بطّة في الإبانة : أنّه خطبها عبد الرحمن فلم يجبه .

وفي رواية غيره أنّه قال : بكذا من المهر ، فغضب صلى الله عليه و آله ومدّ يده إلى حصى فرفعها فسبّحت في يده ، وجعلها في ذيله فصارت درّا ومرجانا ، يعرض به جواب المهر(2) .

* * *

ص: 99


1- سنن النسائي : 6/62 ، المستدرك للحاكم : 2/167 ، خصائص أمير المؤمنين عليه السلام للنسائي : 114 ، السنن الكبرى للنسائي : 3/365 ، ابن حبّان : 15/400 ، الاستيعاب : 4/1954 ، فضائل الصحابة لأحمد : 2/614 رقم 1051 .
2- دلائل الإمامة : 82 ، نوادر المعجزات للطبري : 84 .

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام

ولمّا خطب علي عليه السلام قال : سمعتك يا رسول اللّه تقول : كلّ سبب ونسب منقطع إلاّ سببي ونسبي .

فقال النبي صلى الله عليه و آله : أمّا السبب فقد سبّب اللّه ، وأمّا النسب فقد قرّب اللّه ، وهشّ وبشّ في وجهه ، وقال : ألك شيء أزوّجك منها ؟

فقال : لا يخفى عليك حالي ، إنّ لي فرسا وبغلاً وسيفا ودرعا .

فقال : بع الدرع(1) .

وروي أنّه أتى سلمان إليه وقال : أجب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا دخل عليه قال : أبشر - يا علي - فإنّ اللّه قد زوّجك بها في السماء قبل أن أزوّجكها في الأرض ، ولقد أتاني ملك وقال : أبشر - يا محمد - باجتماع الشمل وطهارة النسل . قلت : وما اسمك ؟

قال : نسطائيل من موكّلي قوائم العرش ، سألت اللّه هذه البشارة ، وجبرئيل على أثري(2) .

أبو بريدة عن أبيه : أنّ عليا عليه السلام خطب فاطمة عليهاالسلام ، فقال له النبي صلى الله عليه و آله : مرحبا وأهلاً ، فقيل لعلي عليه السلام : يكفيك من رسول اللّه صلى الله عليه و آله إحداهما ، أعطاك الأهل ، وأعطاك الرحب(3) .

ص: 100


1- دلائل الإمامة : 84 ، نوادر المعجزات للطبري : 86 .
2- المناقب للخوارزمي : 436 .
3- السنن الكبرى للنسائي : 6/73 ، تاريخ دمشق : 36/438 ، الذرّية الطاهرة للدولابي : 96 ، المعجم الكبير للطبراني : 2/20 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/21 .

قال الإصفهاني :

أمن بسيدة النساء قضى له

ربّي فأصبح أسعد الأختان

من بعد خطّاب أتوه فردّهم

ردّا يبيّن مضمر الأشجان

فأبان منعهما وقال صغيرة

تزويجها في سنّها لم يان

حتى إذا خطب الوصي أجابه

من غير تورية ولا استيذان

فاللّه زوّجه وأشهد في العلا

أملاكه وجماعة السكّان

واللّه قدّر نسله من صلبه

فلذا لأحمد لم يكن بنتان

* * *

ص: 101

الزواج في السماء

نثار الزواج

تاريخ بغداد بالإسناد عن بلال بن حمامة : أطلع النبي صلى الله عليه و آله ووجهه مشرق كالبدر ، فسأل ابن عوف عن ذلك .

فقال : بشارة أتتني من ربّي لأخي وابن عمّي وابنتي ، واللّه زوّج عليا بفاطمة عليهماالسلام ، وأمر رضوان خازن الجنان ، فهزّ شجرة طوبى ، فحملت رقاعا بعدد محبّي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كلّ ملك صكّا براءة من النار بأخي وابن عمّي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمّتي .

وفي رواية : أنّه يكون في الصكوك : « براءة من العلي الجبّار لشيعة علي وفاطمة من النار(1) » .

ابن بطّة وابن المؤذّن والسمعاني في كتبهم بالإسناد عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا :

بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالس إذ جاء علي عليه السلام ، فقال : يا علي ما جاء بك ؟

قال : جئت أسلّم عليك .

ص: 102


1- تاريخ بغداد : 4/432 ، مائة منقبة : 167 ، الفضائل لابن عقدة : 105 ، المناقب للخوارزمي : 341 .

قال : هذا جبرئيل يخبرني أنّ اللّه زوّجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك ، وأوحى اللّه إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ والياقوت ، فابتدرن إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت ، وهنّ يتهادينه بينهنّ إلى يوم القيامة(1) ، وكانوا يتهادون ويقولون : هذه

تحفة خير النساء .

وفي رواية ابن بطّة عن عبد اللّه : فمن أخذ منه - يومئذٍ - شيئا أكثر من صاحبه أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة(2) .

ابن مردويه في كتابه بإسناده عن علقمة قال : لمّا تزوّج علي فاطمة عليهماالسلام

تناثر ثمار الجنّة على الملائكة(3) .

الخطبة والزواج في السماء

عبد الرزّاق بإسناده إلى أمّ أيمن في خبر طويل عن النبي صلى الله عليه و آله :

وعقد جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام في السماء نكاح علي وفاطمة عليهماالسلام ، فكان جبرئيل عليه السلام المتكلّم عن علي عليه السلام ، وميكائيل عليه السلام الرادّ عنّي(4) .

ص: 103


1- إعلام الورى : 1/297 ، ذخائر العقبى : 32 وقال : أخرجه الملاّ في سيرته .
2- حلية الأولياء : 2/288 ، تاريخ بغداد : 2/233 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 65 .
3- المناقب لابن مردويه : 199 رقم 279 .
4- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/66 ح 992 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 1/218 ح 136 ، تاريخ دمشق : 42/126 .

وفي حديث خبّاب بن الأرت : أنّ اللّه - تعالى - أوحى إلى جبرئيل عليه السلام : زوّج النور من النور ، وكان الوليّ اللّه ، والخطيب جبرئيل عليه السلام ، والمنادي ميكائيل عليه السلام ، والداعي إسرافيل عليه السلام ، والناثر عزرائيل عليه السلام، والشهود ملائكة السماوات والأرضين .

ثمّ أوحى إلى شجرة طوبى أن انثري ما عليك ، فنثرت الدرّ الأبيض ، والياقوت الأحمر ، والزبرجد الأخضر ، واللؤلؤ الرطب ، فبادرن الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهنّ إلى بعض .

الصادق عليه السلام في خبر : أنّه دعاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : ابشر يا علي ، فإنّ اللّه قد كفاني ما كان من همّتي(1) تزويجك ، أتاني جبرئيل عليه السلام ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها ، فتناولتهما ، وأخذتهما فشممتهما ، فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنقل ؟

قال : إنّ اللّه أمر سكّان الجنّة من الملائكة ومن فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها ، وأمر ريحها فهبّت بأنواع العطر والطيب ، وأمر حور عينها بالقراءة فيها « طه » و« يس » و« طواسين » و« حم » و« عسق » .

ثمّ نادى مناد من تحت العرش : ألا إنّ اليوم يوم وليمة علي عليه السلام ، ألا إنّي أشهدكم أنّي زوّجت فاطمة من علي رضى منّي ببعضهما لبعض .

ثمّ بعث اللّه - سبحانه - سحابة بيضاء ، فقطرت من لؤلؤها وزبرجدها

ص: 104


1- كذا في النسخ وفي المصادر : « همّي من » .

ويواقيتها ، وقامت الملائكة فنثرن من سنبلها وقرنفلها ، وهذا ممّا نثرت الملائكة(1) . . إلى آخر الخبر .

قال ديك الجنّ :

أوّل خلق جاء فيها خاطبا

إلى النبي جائيا وذاهبا

جبريل حتى تمّ تزويج النبي

بقدرة اللّه العظيم من علي

فلاحت الأنوار منه الساطعه

وصفّ أملاك السماء السابعه

وقام جبريل عليهم يخطب

فتمّم اللّه لهم ما طلبوا

ثمّ قضى اللّه إلى الجنان

أن عجن من دانية الأغصان

فأمطرتهم حللاً وحليا

حتى وعى ذلك منها وعيا

فمن حوى الأكثر منها افتخر

ما عاش في عالمه على الآخر

* * *

خطبة راحيل عليه السلام

وفي خبر : أنّه كان الخطيب راحيل(2) .

وقد جاء في بعض الكتب : أنّه خطب راحيل في البيت المعمور في جمع من أهل السماوات السبع ، فقال :

ص: 105


1- أمالي الصدوق : 654 مج 76 ح 890 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/201 باب 21 ح 1 ، روضة الواعظين : 145 ، نوادر المعجزات للطبري : 93 ، تفسير فرات : 414 ح 552 .
2- المناقب للخوارزمي : 347 .

الحمد للّه الأوّل قبل أوّلية الأوّلين ، الباقي بعد فناء العالمين ، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيّين ، وبربوبيّته مذعنين ، وله على ما أنعم علينا شاكرين ، حجبنا من الذنوب ، وسترنا من العيوب ، أسكننا في السماوات ، وقرّبنا إلى السرادقات ، وحجب عنّا النهم للشهوات ، وجعل نهمتنا وشهوتنا في تقديسه وتسبيحه ، الباسط رحمته ، الواهب نعمته ، جلّ على إلحاد أهل الأرض من المشركين ، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين .

ثمّ قال بعد كلام : اختار الملك الجبّار صفوة كرمه ، وعبد عظمته لأمته ، سيّدة النساء بنت خير النبيّين ، وسيّد المرسلين ، وإمام المتّقين ، فوصل حبله بحبل رجل من أهله وصاحبه ، المصدّق دعوته ، المبادر إلى كلمته ، علي الوصول ، بفاطمة البتول ، ابنة الرسول .

زوّجهما اللّه وأشهد ملائكته

وروي أنّ جبرئيل روى عن اللّه - تعالى - عقيبهما قوله عزّ وجلّ :

الحمد ردائي ، والعظمة كبريائي ، والخلق كلّهم عبيدي وإمائي ، زوّجت فاطمة أمتي ، من علي صفوتي ، اشهدوا ملائكتي .

قال ابن حمّاد :

وجاء جبريل في الأملاك قال له

جئنا نهنّيك إطنابا وإسهابا

وكنت خاطبها واللّه واليها

وشاهدوها الكرام الغرّ أحسابا

وصيّر الطيب من طوبى نثارهما

أكرم بذاك نثارا ثم إنهابا

وأقبل الحور يلقطن النثار معا

فهنّ يهدينه فخرا وتحبابا

ص: 106

وقال الحميري :

نصب الجليل لجبرئيل منبرا

في ظلّ طوبى من متون زبرجد

شهد الملائكة الكرام وربّهم

وكفى بهم وبربّهم من شهد

وتناثرت طوبى عليهم لؤلؤا

وزمرّدا متتابعا لم يعقد

وملاك فاطمة الذي ما مثله

في متهم شرف ولا في منجد

* * *

وله أيضا :

واللّه زوّجه الزكيّة فاطما

في ظلّ طوبى مشهدا محضورا

كان الملائك ثمّ في عدد الحصى

جبريل يخطبهم بها مسرورا

يدعو له ولها وكان دعاؤه

لهما بخير دائما مذكورا

حتى إذا فرغ الخطيب تتابعت

طوبى تساقط لؤلؤا منثورا

وتهيل ياقوتا عليهم مرّة

وتهيل درّا تارة وشذورا

فترى نساء الحور ينتهبونه

حورا بذلك يهتدين الحورا

فإلى القيامة بينهنّ هديّة

ذاك النثار عشيّة وبكورا

* * *

وقال خطيب منبج :

ملاك كانت الأملاك فيه

لتزويج الزكيّة شاهدينا

وكان وليّها جبريل منهم

وميكائيل خير الخاطبينا

وزخرفت الجنان فظلّ فيها

لها ولدانها متزيّنينا

وكان نثارها حللاً وحليا

وياقوتا ومرجانا ثمينا

ص: 107

وعقيانا وحور العين فيها

وولدان كرام لاقطونا

وكان من النثار كما روينا

صكاك ينتشرن وينطوينا

بها للشيعة الأبرار عتق

جرى من عند ربّ العالمينا

* * *

تاريخ زواج النورين

وكان بين تزويج أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام في السماء إلى تزويجها في الأرض أربعين يوما ، زوّجها رسول اللّه صلى الله عليه و آله من علي عليه السلام أوّل يوم من ذي الحجّة .

وروي : أنّه كان يوم السادس منه(1) .

نزول الملك محمود بأمر الزواج

علي بن جعفر : قال موسى بن جعفر عليهماالسلام : بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها ، فقال له : حبيبي جبرئيل عليه السلام لم أرك في هذه الصورة ؟!!

قال الملك : لست بجبرئيل ! أنا محمود ، بعثني اللّه أن أزوّج النور من النور .

قال : من بمن ؟

قال : فاطمة من علي عليهماالسلام .

ص: 108


1- أمالي الطوسي : 43 ح 47 .

فلمّا ولّى الملك إذا بين كتفيه « محمد رسول اللّه علي وصيّه » .

فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟

قال : من قبل أن يخلق اللّه آدم بإثنين وعشرين ألف عام .

وفي رواية : بأربعة وعشرين ألف عام(1) .

عبد اللّه بن ميمون ، حدّثنا أبو هريرة عن أبي الزبير عن جابر الأنصاري حديث محمود ، وأنبأني أبو العلى العطّار ، وأبو المؤيّد الخطيب بنحو هذا الخبر ، إلاّ أنّهما رويا :

ملك له عشرون رأسا في كلّ رأس ألف لسان ، وكان اسم الملك « صرصائيل »(2) .

الأمر الإلهي بالتزويج

أبو بكر مردويه في فضائل أمير المؤمنين صلى الله عليه و آله بالإسناد عن أنس بن مالك ، وكتاب أبي القاسم سليمان الطبري بإسناده عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود كلاهما :

إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : إنّ اللّه - تعالى - أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام(3) .

ص: 109


1- أمالي الصدوق : 689 مج 76 ح 946 ، الخصال : 640 ح 17 ، روضة الواعظين : 146 ، دلائل الإمامة : 93 ، نوادر المعجزات : 92 ، وفي الأخيرين : « بمائتين وعشرين ألف عام » ، معاني الأخبار : 104 .
2- المناقب للخوارزمي : 340 رقم 360 ، مائة منقبة : 35 ، الثاقب في المناقب : 288 .
3- المناقب لابن مردويه: 196 رقم 272، مسند زيد: 461، روضة الواعظين: 147، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/61 ح 984 ، دلائل الإمامة : 143 ، نوادر المعجزات : 98، مكارم الأخلاق : 207، المعجم الكبير للطبراني : 10/156 رقم 10305 و22/408 .. ، تاريخ دمشق : 37/13 ، المناقب للخوارزمي : 336 .

كتاب ابن مردويه : قال ابن سيرين : قال عبيدة :

إنّ عمر بن الخطّاب ذكر عليا عليه السلام فقال : ذاك صهر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، نزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : إنّ اللّه يأمرك أن تزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام(1) .

ابن شاهين بالإسناد عن أبي أيّوب الأنصاري : قال النبي صلى الله عليه و آله : أمرت بتزويجك من البيضاء(2) .

وفي رواية : من السماء(3) .

ص: 110


1- المناقب لابن مردويه : 197 رقم 273 .
2- فضائل سيّدة النساء لابن شاهين : 46 .
3- تاريخ دمشق : 42/125 .

الزواج في الأرض

النبي صلى الله عليه و آله يستأمر فاطمة عليهاالسلام

الضحّاك : إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة عليهاالسلام : إنّ علي بن أبي طالب ممّن قد عرفت قرابته وفضله من الإسلام ، وإنّى سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟

فسكتت ، فخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يقول : اللّه أكبر سكوتها إقرارها(1) .

خطبة النبي صلى الله عليه و آله

وخطب النبي صلى الله عليه و آله على المنبر في تزويج فاطمة عليهاالسلام خطبة ، رواها يحيى بن معين في أماليه ، وابن بطّة في الإبانة بإسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا ، ورويناها عن الرضا عليه السلام فقال :

الحمد اللّه المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع في سلطانه ، المرغوب إليه فيما عنده ، المرهوب من عذابه ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّه محمد صلى الله عليه و آله .

ص: 111


1- أمالي الطوسي : 40 ح 44 ، بشارة المصطفى : 261 .

إنّ اللّه - تعالى - جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وشّج بها الأرحام ، وألزمها الأنام ، قال اللّه تعالى : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَرا

فَجَعَلَهُ نَسَبا وَصِهْرا » .

ثمّ إنّ اللّه - تعالى - أمرني أن أزوّج فاطمة من علي عليهماالسلام ، وقد زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضّة ، إن رضيت يا علي ؟

قال : رضيت يا رسول اللّه (1) .

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام والعقد المبارك

وروى ابن مردويه قال صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : تكلّم خطيبا لنفسك ، فقال :

الحمد للّه الذي قرب من حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنّة من يتّقيه ، وأنذر بالنار من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد من يعلم أنّه خالقه وباريه ، ومميته ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به ونستكفيه .

ونشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة تبلغه وترضيه ، وأنّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و آله ، صلاة تزلفه وتحظيه ، وترفعه وتصطفيه .

والنكاح ما أمر اللّه به ويرضيه ، واجتماعنا ممّا قدّره اللّه وأذن فيه ، وهذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله زوّجني ابنته فاطمة عليهاالسلام على خمسمائة درهم ، وقد رضيت ،

فاسألوه ، واشهدوا(2) .

ص: 112


1- المناقب للخوارزمي : 336 ، روضة الواعظين : 147 ، تاريخ دمشق : 52/445 .
2- المناقب لابن مردويه : 197 رقم 274 .

وفي خبر : زوّجتك ابنتي فاطمة عليهاالسلام على ما زوّجك الرحمن ، وقد رضيت بما رضي اللّه لها ، فدونك أهلك ، فإنّك أحقّ بها منّي(1) .

وفي خبر : فنعم الأخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضى اللّه رضى .

فخرّ علي عليه السلام ساجدا شكرا للّه - تعالى - وهو يقول : « رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ » الآية . فقال النبي : آمين(2) .

فلمّا رفع رأسه قال النبي صلى الله عليه و آله : بارك اللّه عليكما ، وأسعد جدّكما ، وجمع بينكما ، وأخرج منكما الكثير الطيّب .

ثمّ أمر النبي صلى الله عليه و آله بطبق بسر وأمر بنهبه(3) ، ودخل حجرة النساء ، وأمر بضرب الدفّ(4)(5) .

ص: 113


1- أمالي الصدوق : 654 مج 76 ح 890 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/202 باب 21 ح 1 ، روضة الواعظين : 145 ، دلائل الإمامة : 86 ، تفسير فرات : 415 ح 552 .
2- أمالي الصدوق : 655 مج 76 ح 890 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/202 باب 21 ح 1 ، روضة الواعظين : 145 ، تفسير فرات : 415 .
3- مكارم الأخلاق : 207 ، روضة الواعظين : 147، تاريخ دمشق : 52/455، المناقب للخوارزمي : 337 .
4- انظر : دعائم الإسلام : 2/206 ، الهداية الكبرى : 115 .
5- في دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي : 2/206 ح 752 ، ومستدرك الوسائل للنوري : 14/305 : عن جعفر بن محمد عليهماالسلام أنّه قال : لمّا كانت الليلة التي بنى فيها علي بفاطمة عليهماالسلام ، سمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ضرب الدفّ ، فقال : ما هذا ؟ قالت أم سلمة : يا رسول اللّه ، هذه أسماء بنت عميس تضرب بالدفّ أرادت فيه فرح فاطمة عليهاالسلام ترى أنّه لمّا ماتت أمّها لم تجد من يقوم لها . فرفع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يده إلى السماء ثمّ قال : اللّهم أدخل على أسماء ابنة عميس السرور كما أفرحت ابنتي . ثمّ دعا بها ، فقال : يا أسماء ! ما تقولون إذا نقرتم بالدفّ ؟ فقالت : ما ندري ما نقول - يا رسول اللّه - في ذلك ، وإنّما أردت فرحها . قال : فلا تقولوا هجرا . قال القاضي النعمان : وهذا وما هو في معناه إنّما جاءت الرخصة فيه - كما ذكرناه في النكاح - لاستحباب إشهاده وإبانته عن السفاح . وفي الدعائم : 2/205 ح 749 - وغيره - قال : وعنه عليه السلام : أنّه مرّ ببني زريق ، فسمع عزفا ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا رسول اللّه ، نكح فلان . فقال : كمل دينه ، هذا النكاح لا السفاح ، ولا يكون نكاح في السرّ حتى يرى دخان أو يسمع حسّ دفّ ، وقال : الفرق ما بين النكاح والسفاح ضرب الدفّ . وفي عوالي اللآلي لابن أبي جمهور الإحسائي : 1/260 ح 41 ، ومستدرك الوسائل للنوري : 13/218 : عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه نهى عن الضرب بالدفّ والرقص ، وعن اللعب كلّه ، وعن حضوره ، وعن الاستماع إليه ، ولم يجز ضرب الدفّ إلاّ في الإملاك والدخول بشرط أن يكون في البكر ، ولا يدخل الرجال عليهنّ . وفي بحار الأنوار للمجلسي : 76/253 ح 13 عن نوادر الراوندي : 190 : بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : فرق بين النكاح والسفاح ضرب الدفّ . وفي مستدرك سفينة البحار للنمازي : 3/334 : أمرت خديجة عليهاالسلام بضرب الدفوف في تزويجها به صلى الله عليه و آله . وللفقهاء أقوال تتراوح بين الحرمة والإستحباب للتفريق بين النكاح والسفاح ، وربما حمل ما روي في جواز الدفّ على التقيّة ، واللّه العالم .

ص: 114

مقدار المهر

الحسين بن علي عليهماالسلام في خبر : زوّج النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليا عليهماالسلام على أربعمائة وثمانين درهما(1) .

وروي : أنّ مهرها أربعمائة مثقال فضّة(2) .

وروي : أنّه كان خمسمائة درهم(3) ، وهو أصحّ .

وسبب الخلاف في ذلك هو ما روى عمرو بن المقدام ، وجابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان صداق فاطمة عليهاالسلام برد حبرة(4) وإهاب(5) شاة(6) على عرار(7) .

وروي عن الصادق عليه السلام قال : كان صداق فاطمة عليهاالسلام درع حطمية وإهاب كبش(8) أو جدي .

رواه أبو يعلى في المسند عن مجاهد(9) .

ص: 115


1- روضة الواعظين : 146 ، المعجم الأوسط للطبراني : 3/184 .
2- روضة الواعظين : 147 ، مكارم الأخلاق : 207 ، المناقب للخوارزمي : 336 رقم 357 .
3- روضة الواعظين : 148 ، الهداية الكبرى : 115 .
4- الحبرة : ثوب قطن أو كتان مخطّط يصنع باليمن .
5- الإهاب : جلد البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ .
6- الكافي : 5/378 ح 5 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/23 .
7- العرار : نبت طيّب الرائحة . مجمع البحرين .
8- الكافي : 5/377 ح 3 .
9- مسند أبي يعلى : 1/454 .

كافي الكليني : زوّج النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام من جرد(1) برد(2) .

وقيل للنبي صلى الله عليه و آله : وقد علمنا مهر فاطمة عليهاالسلام في الأرض ، فما مهرها في السماء ؟

قال : سل عمّا يعنيك ودع ما لا يعنيك !

قيل : هذا ممّا يعنينا يا رسول اللّه !!

قال : كان مهرها في السماء خمس الأرض ، فمن مشى عليها مبغضا لها ولولدها مشى عليها حراما إلى أن تقوم الساعة(3) .

وفي الجلاء والشفاء : في خبر طويل عن الباقر عليه السلام :

وجعلت نحلتها من علي عليه السلام خمس الدنيا وثلثي الجنّة ، وجعلت لها في الأرض أربعة أنهار : الفرات ، ونيل مصر ، ونهروان ، ونهر بلخ ، فزوّجها - يا محمد - بخمسمائة درهم تكون سنّة لأمّتك(4) . . الخبر .

وفي حديث خبّاب بن الأرت : ثمّ قال النبي صلى الله عليه و آله : زوّجت ابنتي فاطمة عليهاالسلام منك بأمر اللّه - تعالى - على صداق : خمس الأرض وأربعمائة وثمانين درهما ، للآجل خمس الأرض ، والعاجل أربعمائة وثمانين درهما .

وقد روي حديث خمس الأرض عن الصادق عليه السلام من يعقوب بن شعيب.

ص: 116


1- الثوب الجرد : الخلق البالي ، وفي مجمع البحرين : وانجرد الثوب : انسحق ولان ، ومنه كان صداق فاطمة عليهاالسلام جرد برد حبرة ودرع حطمية .
2- الكافي : 5/377 .
3- روضة الواعظين : 146 .
4- دلائل الإمامة : 92 ، نوادر المعجزات : 91 .

إسحاق بن عمّار وأبو بصير : قال الصادق عليه السلام : إنّ اللّه - تعالى - مهر فاطمة عليهاالسلام ربع الدنيا ، فربعها لها ، وأمهرها الجنّة والنار ، فتدخل أولياءها الجنّة ، وأعداءها النار(1) .

قال العبدي :

وزوّج في السماء بأمر ربّي

بفاطمة المهذّبة الطهور

وصيّر مهرها خمسا بأرض

لما تحويه من كرم وحور

فذا خير الرجال وتلك خير

النساء ومهرها خير المهور

* * *

وله أيضا :

وزوّجه بفاطم ذو المعالي

على الإرغام من أهل النفاق

وخمس الأرض كان لها صداقا

ألا للّه ذلك من صداق

* * *

وله أيضا :

صدّيقة خلقت لصدّيق

شريف في المناسب

اختاره واختارها

طهرين من دنس المعايب

أسماهما قرنا على

سطر بظلّ العرش راتب

كان الإله وليّها

وأمينه جبريل خاطب

والمهر خمس الأرض

موهبة تعالت في المواهب

ونهابها من حمل طوبى

طيّبت تلك المناهب

ص: 117


1- أمالي الطوسي : 668 ح 1399 ، وفيه : « وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى » .
جهاز فاطمة عليهاالسلام

أمالي الطوسي : قال الصادق عليه السلام في خبر : وسكب الدراهم في حجره ، فأعطى منها :

قبضة كانت ثلاثة وستّين - أو ستّة وستّين - إلى أمّ أيمن لمتاع البيت .

وقبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب .

وقبضة إلى أمّ سلمة للطعام .

وأنفذ عمّارا وأبا بكر وبلالاً لابتياع ما يصلحها ، وكان ممّا اشتروه :

قميص بسبعة دراهم .

وخمار بأربعة دراهم .

وقطيفة(1) سوداء خيبرية .

وسرير مزمّل(2) بشريط(3) .

وفراشان من خيش(4) مصر ، حشو أحدهما ليف ، وحشو الآخر من جزّ الغنم(5) .

وأربع مرافق(6) من أدم(7) الطائف ، حشوها إذخر(8) .

ص: 118


1- القطيفة : دثار مخمل ، وقيل : كساء له خمل .
2- مزمّل : أي ملفوف .
3- الشريط : شبه خيوط تفتل من الخوص .
4- الخيش : ثياب رقاق النسج غلاظ الخيوط تتّخذ من مشاقة الكتان ومن أردئه .
5- جزّ الغنم : صوف الغنم المجزوز - أي المقطوع - .
6- المرفق - بالكسر فالسكون - : المخدّة .
7- الأدم - بفتحتين - جمع الأديم : وهو الجلد المدبوغ .
8- الإذخر : حشيش طيب الريح ، يطحن فيدخل في الطيب .

وستر من صوف .

وحصير هجري .

ورحاء اليد .

وسقاء من أدم .

ومخضب(1) من نحاس .

وقعب(2) للبن .

وشنّ(3) للماء .

ومطهرة(4) مزفّتة(5) .

وجرّة خضراء .

وكيزان خزف .

وفي رواية : ونطع من أدم .

وعباء قطراني (6).

وقربة ماء(7) .

ص: 119


1- المخضب - بالكسر - : شبه الإجانة يغسل فيها الثياب .
2- القعب : قدح من خشب مقعّر .
3- الشنّ : كلّ إناء للماء يصنع من الجلد ، وقيل : القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيرها .
4- المطهرة : الإناء الذي يتوضأ به ويتطهّر به .
5- المزفّت : المطلي بالزفت ، وهو القير .
6- القطري : ضرب من البرد فيه حمرة ، ولها أعلام فيه بعض الخشونة ، وقيل : هي حلل جياد تحمل من البحرين ، وقيل : قرية يقال لها « قطر » تنسب إليها الثياب القطرية ، فكسروا القاف للنسبة . مجمع البحرين .
7- أمالي الطوسي : 40 ح 45 .
تجهيز أمير المؤمنين عليه السلام داره

وهب بن وهب القرشي : وكان من تجهيز علي عليه السلام داره :

انتشار رمل ليّن .

ونصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب .

وبسط إهاب(1) كبش .

ومخدّة ليف .

الوليمة والزفاف

أبو بكر مردويه في حديثه : فمكث علي عليه السلام تسعة وعشرين ليلة ، فقال له جعفر وعقيل عليهماالسلام : سله أن يدخل عليك أهلك ، فعرفت أم أيمن ذلك وقالت : هذا من أمر النساء .

فخلت به صلى الله عليه و آله أمّ سلمة ، فطالبته بذلك ، فدعاه النبي صلى الله عليه و آله وقال : حبّا وكرامة .

فأتى الصحابة بالهدايا ، فأمر بطحن البرّ ، وخبز ، وأمر عليا عليه السلام بذبح البقر والغنم ، فكان النبي صلى الله عليه و آله يفصل ولم ير على يده أثر دم .

فلمّا فرغوا من الطبخ أمر النبي صلى الله عليه و آله أن ينادى على رأس داره : أجيبوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وذلك لقوله : « وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ » .

فأجابوا من النخلات والزروع ، فبسط النطوع في المسجد ، وصدر

ص: 120


1- الإهاب : الجلد ، ويقال : ما لم يدبغ .

الناس ، وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، وسائر نساء المدينة ، ورفعوا منها ما أرادوا ، ولم ينقص من الطعام شيء .

ثمّ عادوا في اليوم الثاني ، وأكلوا .

وفي اليوم الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيّوب .

ثمّ دعا رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالصحاف(1) فملئت ، ووجّه إلى منازل أزواجه ، ثمّ أخذ صحفة وقال : هذا لفاطمة وبعلها عليهماالسلام .

ثمّ دعا فاطمة عليهاالسلام وأخذ يدها فوضعها في يد علي عليه السلام ، وقال : بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه ، يا علي نعم الزوج فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل علي عليه السلام(2) .

وكان النبي صلى الله عليه و آله أمر نساءه أن يزيّنّها ويصلحن من شأنها في حجرة أمّ سلمة ، فاستدعين من فاطمة عليه السلام طيبا فأتت بقارورة ، فسألت عنها .

فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيقول لي : يا فاطمة ، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك ، فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شيء ، فيأمرني بجمعه .

فسئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن ذلك ، فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل عليه السلام(3) .

ص: 121


1- الصحاف : القصاع والكيزان لا عرى لها ، وقيل : الآنية المستديرة الرؤوس ، والصحفة كالقصعة الكبيرة منبسطة تشبع الخمسة ، والجمع صحاف . مجمع البحرين .
2- المناقب لابن مردويه : 198 رقم 275 .
3- أمالي الطوسي : 41 ح 45 .

وأتت بماء ورد ، فسئلت أمّ سلمة عنه ، فقالت : هذا عرق رسول اللّه صلى الله عليه و آله كنت آخذه عند قيلولة النبي صلى الله عليه و آله عندي .

وروي أنّ جبرئيل عليه السلام أتى بحلّة قيمتها الدنيا ، فلمّا لبستها تحيّرت نسوة قريش منها ، وقلن : من أين لك هذا ؟

قالت : هذا من عند اللّه .

أراجيز الزفاف

تاريخ الخطيب ، وكتاب ابن مردويه ، وابن المؤذّن ، وابن شيرويه الديلمي ، بأسانيدهم عن علي بن الجعد عن ابن بسطام عن شعبة بن الحجّاج ، وعن علوان عن شعبة عن أبي حمزة الضبعي عن ابن عباس وجابر :

أنّه لمّا كانت الليلة التي زفّت فاطمة عليهاالسلام إلى علي عليه السلام كان النبي صلى الله عليه و آله

أمامها ، وجبرئيل عليه السلام عن يمينها ، وميكائيل عليه السلام عن يسارها ، وسبعون ملك من خلفها يسبّحون اللّه ويقدّسونه حتى طلع الفجر(1) .

كتاب مولد فاطمة

عليهاالسلام عن ابن بابويه في خبر : أمر النبي صلى الله عليه و آله بنات عبد المطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة عليهاالسلام ، وأن يفرحن ويرجزن ويكبّرن ويحمدن ، ولا يقولنّ ما لا يرضي اللّه .

ص: 122


1- المناقب لابن مردويه : 199 رقم 276 ، تاريخ بغداد : 5/211 ، روضة الواعظين : 147 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/28 رقم 966 ، جزء الحميدي : 29 .

قال جابر : فأركبها على ناقته - وفي رواية : على بغلته الشهباء - وأخذ سلمان زمامها ، وحولها سبعون حوراء ، والنبي صلى الله عليه و آله وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت عليهم السلام يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ، ونساء النبي صلى الله عليه و آله قدّامها يرجزن .

فأنشأت أم سلمة :

سرن بعون اللّه جاراتي

واشكرنه في كلّ حالات

واذكرن ما أنعم ربّ العلى

من كشف مكروه وآفات

فقد هدانا بعد كفر وقد

أنعشنا ربّ السماوات

وسرن مع خير نساء الورى

تفدى بعمّات وخالات

يا بنت من فضّله ذو العلى

بالوحي منه والرسالات

* * *

ثمّ قالت عائشة :

يا نسوة استرن بالمعاجر

واذكرن ما يحسن في المحاضر

واذكرن ربّ الناس إذ خصّنا

بدينه مع كلّ عبد شاكر

فالحمد للّه على إفضاله

والشكر للّه العزيز القادر

سرن بها فاللّه أعطى ذكرها

وخصّها منه بطهر طاهر

* * *

ثمّ قالت حفصة :

فاطمة خير نساء البشر

ومن لها وجه كوجه القمر

فضّلك اللّه على كلّ الورى

بفضل من خصّ بآي الزمر

ص: 123

زوّجك اللّه فتى فاضلاً

أعني عليا خير من في الحضر

فسرن جاراتي بها إنّها

كريمة بنت عظيم الخطر

* * *

ثمّ قالت معاذة أمّ سعد بن معاذ :

أقول قولاً فيه ما فيه

وأذكر الخير وأبديه

محمد خير بني آدم

ما فيه من كبر ولا تيه

بفضله عرّفنا رشدنا

فاللّه بالخير مجازيه

ونحن مع بنت نبي الهدى

ذي شرف قد مكّنت فيه

في ذروة شامخة أصلها

فما أرى شيئا يدانيه

* * *

وكانت النسوة يرجعن أوّل بيت من كلّ رجز ، ثمّ يكبّرن، ودخلن الدار.

دعاء النبي صلى الله عليه و آله لهما عند الزفاف

ثمّ أنفذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى علي عليه السلام ودعاه إلى المسجد ، ثمّ دعا فاطمة عليهاالسلام ، فأخذ يديها ووضعها في يده ، وقال : بارك اللّه [ لك ] في ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله(1) .

كتاب ابن مردويه : أنّ النبي صلى الله عليه و آله سأل ماءا ، فأخذ منه جرعة ، فتمضمض بها ، ثمّ مجّها في القعب ، ثمّ صبّها على رأسها .

ثمّ قال : اقبلي ، فلمّا أقبلت نضح من بين ثدييها .

ص: 124


1- أمالي الطوسي : 42 ح 45 ، المناقب لابن مردويه : 199 رقم 275 .

ثمّ قال : ادبري ، فلمّا أدبرت نضح من بين كتفيها ، ثمّ دعا لهما(1) .

أبو عبيد في غريب الحديث أنّه قال : اللّهم أُونسهما ، أي ثبّت الودّ(2) .

كتاب ابن مردويه : اللّهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبليهما(3) .

وروي أنّه قال : اللّهم إنّهما أحبّ خلقك إليّ ، فأحبّهما وبارك في ذرّيّتهما ، واجعل عليهما منك حافظا ، وإنّي أعيذهما بك وذرّيّتهما من الشيطان الرجيم(4) .

وروي : أنّه دعا لها ، فقال : أذهب اللّه عنك الرجس وطهّرك تطهيرا(5) .

وروي : أنّه قال : مرحبا ببحرين يلتقيان ، ونجمين يقترنان ، ثمّ خرج إلى الباب يقول : طهّركما وطهّر نسلكما ، أنا سلم لمن سالمكما ، وحرب لمن حاربكما ، أستودعكما اللّه وأستخلفه عليكما(6) .

مبيت أسماء عندها أسبوعا

وباتت عندهما أسماء بنت عميس أسبوعا بوصيّة خديجة عليهاالسلام إليها ، فدعا لها النبي صلى الله عليه و آله في دنياها وآخرتها .

ص: 125


1- المناقب لابن مردويه : 199 رقم 277 ، أمالي الطوسي : 43 ح 45 .
2- غريب الحديث : 3/196 ، وفي المطبوع منه : « أز بينهما » .
3- المناقب لابن مردويه : 199 رقم 278 ، إعلام الورى : 1/298 ، السنن الكبرى للنسائي : 6/73 ، الذرّية الطاهرة للدولابي : 96 رقم 87 .
4- أمالي الطوسي : 40 ح 44 ، بشارة المصطفى : 402 ح 19 .
5- المناقب للخوارزمي : 353 وفيه أنّه دعا لكلّ واحد منهما عليهماالسلام بهذا الدعاء . .
6- المناقب للخوارزمي : 352 .
زيارتهما صبيحة العرس

ثمّ أتاهما في صبيحتهما وقال : السلام عليكم ، ادخل رحمكم اللّه ؟

ففتحت أسماء الباب ، وكانا نائمين تحت كساء ، فقال : على حالكما ، فأدخل رجليه بين أرجلهما .

فأخبر اللّه عن أورادهما « تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ » الآية .

فسأل عليا عليه السلام : كيف وجدت أهلك ؟

قال : نعم العون على طاعة اللّه .

وسأل فاطمة عليهاالسلام ، فقالت : خير بعل .

فقال : اللّهم اجمع شملهما ، وألّف بين قلوبهما ، واجعلهما وذرّيّتهما من ورثة جنّة النعيم ، وارزقهما ذرّيّة طاهرة طيّبة مباركة ، واجعل في ذرّيّتهما البركة ، واجعلهم أئمّة يهدون بأمرك إلى طاعتك ، ويأمرون بما يرضيك .

ثمّ أمر بخروج أسماء وقال : جزاك اللّه خيرا ، ثمّ خلا بها بإشارة الرسول صلى الله عليه و آله(1) .

وروى شرحبيل بإسناده قال : لمّا كان صبيحة عرس فاطمة عليهاالسلام جاء النبي صلى الله عليه و آله بعسّ(2) فيه لبن ، فقال لفاطمة عليهاالسلام : اشربي فداك أبوك ، وقال لعلي عليه السلام : اشرب فداك ابن عمّك(3) .

ص: 126


1- انظر : المناقب للخوارزمي : 352 .
2- العسّ : القدح الكبير .
3- إعلام الورى : 1/298 .

نقول(1) :

سماء صلب المرتضى لفاطم

عن ابتسال الحسنين انفطرت

وبانفطار نورها في أرضهم

كواكب فيها علينا انتثرت

إذ البحار منهما آبينا

بالعلم والتأويل فينا انفجرت

وعلمت من اهتدى بهديها

ما حالها إذ القبور بعثرت

فعلمت ما قدّمت في يومها

من كتبها بعقدها وأخّرت

* * *

ص: 127


1- في نسخة : « ولنا » .

ص: 128

فصل 7 : في حليتها وتواريخها عليهاالسلام

اشارة

ص: 129

ص: 130

حليتها عليهاالسلام

أنس بن مالك قال : سألت أمّي عن صفة فاطمة عليهاالسلام .

فقالت : كانت كأنّها القمر ليلة البدر(1) ، أو الشمس كفرت(2) غماما ، أو خرجت من السحاب ، وكانت بيضاء بضّة(3)(4) .

عطاء عن أبي رياح قال : كانت فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله تعجن ، وإنّ قصبتها(5) تضرب إلى الجفنة(6)(7) .

ص: 131


1- نقل الأنصاري رحمه الله في الموسوعة الكبرى : 21/19 عن إحقاق الحقّ : 10/245 عن أخبار الدول : 87 : قالت عائشة : كنّا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة عليهاالسلام . . .
2- كفرت - بالبناء للمفعول - من كفر الشيء : ستره وغطّاه .
3- البضاضة - بضادين معجمتين - : رقّة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء ، والبضاضة : إمتلاء البدن وقوّته .
4- شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/29 ح 968 ، تاريخ جرجان : 171 رقم 208 ، المستدرك للحاكم : 3/161 ، دلائل الإمامة : 151 .
5- القصبة والقصيبة : الخصلة الملتوية من الشعر ، والقصائب : الذوائب المقصّبة ، تلوى ليّا ولا تضفر ضفرا .
6- الزهد لابن السري : 2/387 وعنه كنز العمال : 15/197 .
7- في الكافي : 8/165 ح 176 : عن زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلاميقول : . . وكانت فاطمة عليهاالسلام تطحن وتعجن وتخبز وترقع ، وكانت أحسن الناس وجها كأنّ وجنتيها وردتان ، صلّى اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وولدها الطاهرين . وفي المستدرك للحاكم : عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : فاطمة عليهاالسلام هي الزهرة .

وروي : أنّها كانت مشرقة الرباعية(1)(2) .

جابر بن عبد اللّه : ما رأيت فاطمة عليهاالسلام تمشي إلاّ ذكرت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، تميل على جانبها الأيمن مرّة ، وعلى جانبها الأيسر مرّة(3)(4) .

تواريخها عليهاالسلام

ولدت فاطمة عليهاالسلام بمكّة بعد النبوة بخمس سنين ، وبعد الإسراء بثلاث سنين ، في العشرين من جمادى الآخرة .

وأقامت مع أبيها بمكّة ثماني سنين ، ثمّ هاجرت معه إلى المدينة ، فزوّجها من علي عليه السلام بعد مقدمها المدينة بسنتين ، أوّل يوم من ذي الحجّة .

وروي أنّه كان يوم السادس .

ودخل بها يوم الثلاثاء لستّ خلون من ذي الحجّة بعد بدر .

وقبض النبي صلى الله عليه و آله ولها - يومئذٍ - ثماني عشر سنة وسبعة أشهر .

ص: 132


1- الرباعية - بالفتح - : السنّ التي بين الثنية والناب من كلّ جانب ، وللإنسان أربع رباعيات .
2- دلائل الإمامة : 151 .
3- كشف الغمّة : 2/90 .
4- في مسند أحمد : 3/164 : عن أنس بن مالك قال : لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن الحسن بن علي وفاطمة صلوات اللّه عليهم أجمعين . وفي مستدرك الحاكم : 3/159 وستّة وستّين مصدرا آخر ذكرها جميعا الأنصاري رحمه اللهفي الموسوعة الكبرى : 21/22 عن عائشة قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلاًّ وهديا برسول اللّه صلى الله عليه و آله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله . .

وعاشت بعده صلى الله عليه و آله إثنان وسبعون يوما(1) .

ويقال : خمسة وسبعون يوما(2) .

وقيل : أربعة أشهر .

وقال القرباني : قد قيل : أربعين يوما ، وهو أصحّ(3) .

وولدت الحسن عليه السلام ولها إثنتا عشر سنة(4) .

وتوفّيت ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة !

مشهدها وقبرها عليهاالسلام

ومشهدها بالبقيع .

وقالوا : أنّها دفنت في بيتها .

وقالوا : قبرها بين قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبين منبره(5) .

ص: 133


1- روضة الواعظين : 143 ، الهداية الكبرى : 176 ، تاج المواليد : 9 .
2- الكافي : 458 ح 1 ، الهداية الكبرى : 176 .
3- الهداية الكبرى : 176 ، عيون المعجزات : 47 ، تاج المواليد : 10 .
4- تاريخ الأئمّة للكاتب البغدادي : 6 ، تاريخ مواليد الأئمّة لابن خشّاب : 10 . وفيهما وفي غيرهما : « ولها أحد عشر سنة » .
5- الدرّ النظيم : 485 ، المبسوط للطوسي : 1/386 ، قرب الإسناد : 367 ح 1314 ، الكافي : 1/461 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/277 ح 276 ، معاني الأخبار : 268 ، الفقيه للصدوق : 2/572 ، تهذيب الأحكام للطوسي : 6/9 ح 17 ، تاج المواليد للطبرسي : 23 ، إعلام الورى : 1/300 .

كناها عليهاالسلام

وكناها عليهاالسلام :

أمّ الحسن ، وأمّ الحسين ، وأمّ المحسن ، وأمّ الأئمّة ، وأمّ أبيها .

أسماؤها عليهاالسلام

وأسماؤها عليهاالسلام على ما ذكره أبو جعفر القمّي :

فاطمة عليهاالسلام ، البتول، الحصان ، الحرّة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء، المباركة ، الطاهرة ، الزكيّة ، الراضية ، المرضيّة ، المحدّثة ، مريم الكبرى ، الصدّيقة الكبرى .

ويقال لها في السماء :

النورية ، السماوية ، الحانية .

وقلنا :

الصدّيقة بالأقوال ، والمباركة بالأحوال ، والطاهرة بالأفعال .

الزكيّة بالعدالة ، والرضيّة بالمقالة ، والمرضيّة بالدلالة .

المحدّثة بالشفقة ، والحرّة بالنفقة ، والسيّدة بالصدقة .

الحصان بالمكان ، والبتول في الزمان ، والزهراء بالإحسان .

مريم الكبرى في الستر ، وفاطم بالسرّ ، وفاطمة بالبرّ .

النورية بالشهادة ، والسماوية بالعبادة ، والحانية بالزهادة ، والعذراء بالولادة .

ص: 134

الزاهدة الصفيّة ، العابدة الرضيّة ، الراضية المرضيّة ، المتهجّدة الشريفة ، القانتة العفيفة .

سيّدة النسوان ، وحبيبة حبيب الرحمن ، والمحتجبة عن خزّان الجنان ، وصفيّة الرحمن ، ابنة خير المرسلين ، وقرّة عين سيّد الخلائق أجمعين ، وواسطة العقد بين سيّدات نساء العالمين .

المتظلّمة بين يدي العرش يوم الدين .

ثمرة النبوّة ، وأمّ الأئمة ، وزهرة فؤاد شفيع الأمّة .

الزهراء المحترمة ، والغرّاء المحتشمة .

المكرّمة تحت القبّة الخضراء ، والإنسيّة الحوراء ، والبتول العذراء .

ستّ النساء ، وارثة سيّد الأنبياء ، وقرينه الأوصياء ، فاطمة الزهراء عليهاالسلام .

الصدّيقة الكبرى ، راحة روح المصطفى ، حاملة البلوى من غير فزع ولا شكوى ، وصاحبة شجرة طوبى ، ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها وأولادها سورة « هل أتى » .

ابنة النبي صلى الله عليه و آله ، وصاحبة الوصي عليه السلام ، وأمّ السبطين عليهماالسلام ، وجدّة الأئمّة عليهم السلام ، وسيّدة نساء الدنيا والآخرة .

زوجة المرتضى عليهماالسلام ، ووالدة المجتبى عليهماالسلام ، وابنة المصطفى صلى الله عليه و آله .

السيدة المفقودة ، الكريمة ، المظلومة ، الشهيدة ، السيدة الرشيدة ، شقيقة مريم ، وابنة محمد الأكرم صلى الله عليه و آله .

المقطوعة من كلّ شرّ ، المعلومة بكلّ خير ، المنعوتة في الإنجيل ، الموصوفة بالبرّ والتبجيل .

ص: 135

درّة صاحب الوحي والتنزيل ، جدّها الخليل ، ومادحها الجليل ، وخاطبها المرتضى بأمر المولى جبرئيل .

أولادها عليهم السلام

وأولادها :

الحسن ، والحسين ، والمحسن سقط ، وزينب ، وأم كلثوم(1) .

وفي معارف القتيبي : أنّ محسنا فسد من زخم(2) قنفذ العدوي .

ص: 136


1- المعارف لابن قتيبة : 1/47 ، وفي المطبوع منه : « وأمّا محسن بن علي فهلك وهو صغير » ، ومن راجع المصدر يكتشف أن يد التحريف قد طالت المطبوع منه ، لأنّ دأب المؤلّف الاسترسال في ذكر شيء عن كلّ واحد من أولاد أمير المؤمنين عليه السلام . .
2- في الموسوعة الكبرى للأنصاري : 10/379 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب مخطوط : 1/210 . وفي رواية الكلبي عن ابن عباس في خبر طويل له : إنَّه أمر فلان أن يجمع الحطب فجمع ، ثم أمر به فوضع على الباب ليحرقه . فخرجت فاطمة عليهاالسلام تناشده وتقول : يا خالد ! أعَلَى الحسن والحسين يحرق البيت ؟ فقال خالد : « إنّي مأمور » ! وفتحت الباب فزحمها قنفذ . ويقال : إنّ الثاني كسر ضلعا من أضلاعها وعلا يده بالسوط على رأسها فصاحت فاطمة عليهاالسلام : وا محمداه ! قال : إنّه لمّا ضربها بالسوط كان في عضدها مثل السوار ، وإنّها لسقطت بغلام لستّة أشهر كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله بَشَّرها به وسمّاه محسنا . قال ابن عباس : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الحسن والحسين ومحسن ، وما أظنّه يتمّ ، وهو الذي أسقطت فاطمة عليهاالسلام بين الباب والحائط حين دخلوا عليها . وفي رواية عمر بن المقدام : إنّه اختبز جيران آل محمد عليهم السلام واحتطبوا ثلاثين يوما من الحطب الذي وضعه الأوّل والثاني ليحرقوا بيت علي وفاطمة عليهماالسلام ، فأراد أبو حفص أن يحرقهم حتى يستريح منهم دفعة واحدة . وقال ابن عباس : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الحسن والحسين ومحسن ... وهو الذي أسقطت فاطمة صلى الله عليه و آله بين الباب والحائط حين دخلوا عليها .. . وفيها أيضا : 11/193 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب ( مخطوط ) : 183 ، بحار الأنوار : 30/387 ح 151 . قال عمر في كتاب كتبه إلى معاوية : ... فضربَت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه ، فرُمتُه فتصعَّب عليَّ، فضربت كفَّيها بالسوط فألَّمها ، فسمعت لها زفيرا وبكاءا فكِدت أن ألين ، وانقلب عن الباب ، فذكرت أحقاد علي عليه السلام وولوعه في دماء صناديد العرب ، وكيد محمد وسحره ، فرَكلت الباب وقد ألصقت أحشاءها بالباب تَترسه ، وسمعتها قد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها ، وقالت : يا أبتاه يا رسول اللّه ! هكذا كان يُفعَل بحبيبتك وابنتك ؟ آه يا فضّة ، إليك فخذيني ، فقد قُتِل - واللّه - ما في أحشائي من حمل . وسمعتها تمخض وهي مستندة إلى الجدار ، فدفعت الباب ودخلت . فأقبلت إليَّ بوجه أغشى بصري ! فصفقت صفقة على خدَّيها من ظاهر الخمار ، فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض ، وخرج علي . فلمّا أحسَست به أسرعت إلى خارج الدار ، وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما : نجوت من أمر عظيم .. . وفيها أيضا : 10/162 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب ( مخطوط ) : 1/211 . وفي كتاب إبراهيم الثقفي عن أبي عبداللّه ، قال : واللّه ما بايع علي عليه السلام حتى رأى الدخان دخل على بيته . وفيها أيضا : 10/243 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب: 420 . قال ابن شهرآشوب في طلحة بن عبداللّه العوني : وله أبيات كثيرة تزيد على مائة بيت ، نذكر بعضها ، ونشير إلى جملاً من بقية الأشعار لعدم إمكان قراءة جميعها لرداءة النسخة ، قال : ضرباها فأثَّر السوط منها أثرا بيّنا مكان السوار وقال : أنتم قتلتم جنين فاطمة البرّة في بطنها بلا جرم وقال : دخلتم ولم تستأذنوا . . . فأخرجتم منه عليا ملبَّباوأزعمتموها وانطلقتم ببعلها تسوقونه سوقا عنيفا فأتعبا وقال : أما لطما بنت النبي محمد وما أبقيا بالكفِّ منها من الأثر وقال : وقنَّعها بالسوط مولاه قنفذ وكان يرمى في عضدها الكلم وقال : سلَّط مولاه عليّ فلم يزل ... بالسوط ضربا ويوجع وقال : أنساه إذ همَّ ببيت البتول والنار في كفِّه يتسعرليحرق بيتا بناه الإله ومن كلّ رجس وعيب طهروفيه الوصيّ وفيه البتول وفيه شبير وفيه شبرفديتُ انزعاجك لمّا أتى ودمعك من مُقلَتاك انهمرفديتُ مكان السِوار الذي لسوط الصهاك فيه أثر وقال : وأزعجها حتى رمَت بجنينها ولم ير إثما ضربهافماتت وآثار الكلام بعضدها من الضرب ماتنفك تشكوكلامهافلم يك في تلك العصابة منكر عليه ضربها واصطلامها وقال : أما جمع الأحطاب حول خبائها وظلالها النيران يقتدحانوتحريق بنت المصطفى وابن عمّه وسبطيه حتى ... بدخانوقد طوَّق السوط المقنّع زندها بمثل سوار أو بمثل جمان وقال : يلطم حرَّ الوجه منها قنفذ ويقتل الجنين وهو توقَدثم يُساق بالوصيّ ويؤخذ وظلَّ عهد فيهم ينبذ فانظ-ر بماذا خلَّف-وا النبيّافجاء من عاونه بدارا وسبق القوم بهم إقرارابالأمس لمّا فقدوا المختارا ليضرم البيت عليهم نارا فه-ل رأيت مث-ل ذا وفيّا وقال : وهمُّوا بإحراق بيت به وصيّك يكفيك فيه . . .وكسر بابك واستقدموا هجوما على الأهل نارا وقال : وأتوا بالنار كيما يحرقوا بعد قذف لهم بالجندلثم لمّا خرجت من بيتها ضُربَت ضربا كضرب الإبلقتلوا المحسن في بطنها خير مأمول . . . وقال : وماعذرهم في فاطم لم يضرموا عليها الخباء نارا ...وما عذرهم إذ قنّعوها بسوطهم وأجفانها عرق من العبرات وفيها أيضا : 11/241 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب ( مخطوط ) : 26 . قال ابن بابويه : إنّ جميع الأئمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة ... ، وكان أوّل ما استُفتِح به من الظلم من أخَّر عليا عليه السلام عن الخلافة ، وغصب فاطمة عليهاالسلام ميراث أبيها ، وقتل المحسن عليه السلام في بطن أمّه ، ووجأ عنق سلمان الفارسي ، وقتل سعد بن عبادة الخزرجي ، ومالك بن نويرة في قومه ، وسمُّوه أهل الردّة .. .

ص: 137

ص: 138

ص: 139

قال سلامة الموصلي :

يا نفس أن تلتقي ظلما فقد ظلمت

بنت النبي رسول اللّه وابناها

تلك التي أحمد المختار والدها

وجبرئيل أمين اللّه ربّاها

اللّه طهرها من كلّ فاحشة

وكلّ ريب وصفّاها وزكّاها(1)

* * *

ولبعض الموصليّين :

حرّ صدري واشتياقي فالأسى

واحتراقي واكتئابي والحرب(2)

لابنة الهادي الرضي فاطمةحقّها بعد أبيها يغتصب

بل لما نال بني فاطمةمن بني الطمث الملاعين العيب

يا لقومي ما أتى الدهر بهممن خطوب مفظعات ونوب

* * *

ص: 140


1- روضة الواعظين : 144 .
2- حرب الرجل - بالكسر - : اشتدّ غضبه .

في المفردات

بشّرها النبي صلى الله عليه و آله وبعلها وابنيها بالجنّة

بريدة : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ ملك الموت خيّرني فاستنظرته إلى نزول جبرئيل عليه السلام ، فتجلّى ابنته فاطمة عليهاالسلام الغشيُ .

فقال لها : يا ابنتي احفظي عليك فإنّك وبعلك وابنيك معي في الجنّة .

* * *

ص: 141

بين فاطمة ومريم عليهماالسلام

البشارة لهما عليهماالسلام بالولد

بشّرت مريم عليهاالسلام بولدها : « إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ » ، وبشّرت فاطمة عليهاالسلام بالحسن والحسين عليهماالسلام .

في الحديث : إنّ النبي صلى الله عليه و آله بشّرها عند ولادة كلّ منهما ، بأن يقول لها : ليهنئك أن ولدت إماما يسود أهل الجنّة .

وأكمل اللّه - تعالى - ذلك في عقبها قوله : « وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ »يعني عليا عليه السلام .

مدّة الحمل

أبو عبد اللّه عليه السلام : كانت مدّة حملها في تسع ساعات(1) .

وولدت فاطمة الحسن والحسين عليهم السلام وبينهما ستّة أشهر(2) . على رواية وردت .

شرف الآباء والكفالة والولادة

ومريم ابنة عمران وفاطمة بنت محمد عليهم السلام وشرف النساء(3) بآبائهم .

ص: 142


1- تفسير مجمع البيان : 6/417 ، تفسير القمّي : 2/49 .
2- الكافي : 1/464 ، تفسير القمّي : 2/297 .
3- في البحار : « شرف الناس » .

ونذرت أمّ مريم للّه محرّرا ، ومحمد صلى الله عليه و آله أكثر الخلق تقرّبا إلى اللّه - تعالى - في سائر الأحوال ، وذلك يوجب أن يكون قد أتى عند إنساله(1) الزهراء عليهاالسلام بأضعاف ما قالت أمّ مريم بموجب فضله على الخلائق .

وكان نذرها من قبل الأمّ وهو يقتضي نصف منزلة ما ينذره الأب .

قوله: « وَكَفَّلَها زَكَرِيّا » ، والزهراء عليهاالسلام كفّلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولا خلاف في فضل كفالة رسول اللّه صلى الله عليه و آله على كلّ كفالة .

وكفالة اليتيم مندوب إليها ، وكفالة الولد واجبة .

ولدت مريم بعيسى عليهماالسلام في أيّام الجاهلية ، وولدت فاطمة بالحسن والحسين عليهم السلام على فطرة الإسلام .

وكان اللّه أعلم مريم عليهاالسلام بسلامتها وسلامة ما حملته فلا يجوز أن يتطرّق إليها خوف ، والزهراء عليهاالسلام حملت بهما وهي لا تعلم ما يكون من حالها في الحمل والوضع من السلامة والعطب ، فينبغي أن يكون في ذلك مثوبة زائدة ، ولذلك فضّل المسلمون على الملائكة يوم بدر في القتال ، لأنّهم كانوا بين الخوف والرجاء في سلامتهم ، والملائكة ليسوا كذلك .

المفاخر

وقيل لها: « أَلاّ تَحْزَنِي » وقال النبي صلى الله عليه و آله: يافاطمة، إنّ اللّه يرضى لرضاك(2).

ص: 143


1- في البحار : « أن سأله الزهراء » .
2- علل الدارقطني : 3/103 ، تهذيب الكمال للمزي : 35/250 ، الإصابة : 8/265 ، تهذيب التهذيب : 12/392 .

وقيل لها : « فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا » ، وفاطمة عليهاالسلام خامسة أهل العباء ، وافتخار جبرئيل عليه السلام بكلّ واحد منهم ، قوله : من مثلي وأنا سادس خمسة(1) .

ولها : « تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي » يحتمل أنّ النخلة والنهر(2) كانا موجودين قبل ذلك ، لأنّه لم يبق لهما أثر مثل ما بقي لزمزم والمقام ، وموضع التنّور ، وانفلاق البحر ، وردّ الشمس ، وللزهراء عليهاالسلام حديث التمر الصيحاني وقدس(3) الماء .

نثار فاطمة عليهاالسلام

وروي أنّه بكت أمّ أيمن وقالت : يا رسول اللّه ، فاطمة زوّجتها ولم تنثر عليها شيئا .

فقال : يا أمّ أيمن لم تكذبين ؟ فإنّ اللّه - تعالى - لمّا زوّج فاطمة عليا عليهماالسلام أمر أشجار الجنّة أن تنثر عليهم من حليّها وحللها وياقوتها ودرّها وزمرّدها واستبرقها ، فأخذوا منها ما لا يعلمون(4) .

ص: 144


1- تفسير الإمام العسكري عليه السلام : 458 .
2- في نسخة « النجف » : « النهروان » .
3- القَدَس ، بالتحريك : السَّطْل بلغة أهل الحجاز ، لأنّه يتطهّر فيه ، « لسان العرب » .
4- أمالي الصدوق : 362 مج 48 ح 446 ، روضة الواعظين : 146 ، تفسير العياشي : 2/212 .
كلام الملائكة معها واصطفاؤها

وتكلّمت الملائكة مع مريم عليهاالسلام : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ » أراد نساء عالم أهل زمانها(1) ، كقوله لبني إسرائيل : « وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ » ، وليسوا بأفضل من المسلمين ، قوله : « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ » .

ثمّ إنّ الصفات في هذه الآيات يشاركها غيرها ، قوله : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ » إلى قوله : « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ » ، وفاطمة عليهاالسلام وذرّيّتها من جملتهم .

وقال النبي صلى الله عليه و آله : فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وإنّها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من المقرّبين ، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم عليهاالسلام فيقولون : يا فاطمة « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ »(2) .

رزق اللّه الخاصّ لفاطمة عليهاالسلام

وأنّه « كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الِْمحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقا » .

وليس في نفس الآية أنّ ذلك كان اللّه - تعالى - يخلقه اختراعا أو يأتيها

ص: 145


1- تفسير التبيان للطوسي : 2/456، تفسير السمرقندي : 1/237، تفسير الثعلبي : 3/67، تفسير السمعاني : 1/317 .
2- روضة الواعظين : 149 ، أمالي الصدوق : 575 ، بشارة المصطفى : 274 .

به الملك ، وإنّما هو يدلّ على كثرة شكرها للّه تعالى ، كما تقول : رزقني اللّه اليوم درهما ، كما قال : « قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ » .

وللزهراء عليهاالسلام من هذا الباب ما لا ينكره مسلم من حديث المقداد ، وخبر الطائر ، والرمّان والعنب والتفّاح والسفرجل وغيرها ، وذلك ممّا يقطع على أنّها كانت تأكل ما لم يكن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم وحواء عليهماالسلام .

وفي الحديث : أنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة عليهاالسلام وهي في مصلاّها وخلفها جفنة يفور دخانها ، فأخرجت فاطمة عليهاالسلام الجفنة فوضعتها بين أيديهما ، فسأل علي عليه السلام : « أَنّى لَكِ هذا » ؟

قالت : هو من فضل اللّه ورزقه « إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ »(1) .

خلقت فاطمة عليهاالسلام من رزق الجنّة ومريم . .

ورزق مريم عليهاالسلام من الجنّة ، وخلق فاطمة عليهاالسلام من رزق الجنّة ، وفي الحديث : فناولني جبرئيل عليه السلام رطبة من رطبها فأكلتها ، فتحوّلت ذلك نطفة في صلبي(2) .

ص: 146


1- مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 1/203 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2/403 ، أمالي الطوسي : 617 ، تفسير فرات : 84 .
2- علل الشرائع : 1/184 باب 147 ح 2 ، تفسير فرات : 76 ح 4 .
لفاطمة عليهاالسلام عشرون اسما ومريم . .

قد مدح اللّه - تعالى - مريم في القرآن بعشرين مدحة ، وصحّ في الأخبار لفاطمة عشرون اسما ، كلّ اسم يدلّ على فضيلة ، ذكرها ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة عليهاالسلام .

طهارة مريم وطهارة فاطمة وولدها عليهم السلام

وقال تعالى : « وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها » يريد بذلك العفاف لا الملامسة والذرّية ، لأنّه لو لم يكن كذلك لجعل حملها له ووضعها ومخاضها بغير ما جرت به العادة ، فلمّا جعله على مجرى العادة دلّ على مقالنا ، ويؤكّد ذلك الأخبار الواردة في مدح التزويج وطلب الولد وذمّ العزبة .

وقال - تعالى - للزهراء ولأولادها : « لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ » .

قال حسّان بن ثابت :

وإن مريم أحصنت فرجها

وجاءت بعيسى كبدر الدجى

فقد أحصنت فاطم بعدها

وجاءت بسبطي نبي الهدى

* * *

وأنشدت الزهراء عليهاالسلام بعد وفاة أبيها :

وقد رزينا به محضا خليقته

صافي الضرائب والأعراق والنسب

ص: 147

وكنت بدرا ونورا يستضاء به

عليك تنزل من ذي العزّة الكتب

وكان جبريل روح القدس زائرنا

فغاب عنّا وكلّ الخير محتجب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لمّا مضيت وحالت دونك الحجب

إنّا رزينا بما لم يرز ذو شجن

من البريّة لا عجم ولا عرب

ضاقت عليّ بلاد بعد ما رحبت

وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب

فأنت واللّه خير الخلق كلّهم

وأصدق الناس حيث الصدق والكذب

فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت

منّا العيون بتهمال لها سكب

* * *

ص: 148

فصل 8 : في وفاتها وزيارتها عليهاالسلام

اشارة

ص: 149

ص: 150

عن قليل ينهدّ ركناك

السمعاني في الرسالة ، وأبو نعيم في الحلية ، وأحمد في فضائل الصحابة ، والنطنزي في الخصائص ، وابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، والزمخشري في الفائق عن جابر :

قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام قبل موته : السلام عليك أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتي من الدنيا ، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك .

قال : فلمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال علي عليه السلام : هذا أحد الركنين .

فلمّا ماتت فاطمة عليهاالسلام ، قال علي عليه السلام : هذا الركن الثاني(1) .

إخبارها أنّها أوّل أهله لحوقا به

البخاري ومسلم والحلية ومسند أحمد بن حنبل : روت عائشة أنّ النبي صلى الله عليه و آله دعا فاطمة عليهاالسلام في شكواه الذي قبض فيه ، فسارّها بشيء فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت ، فسئلت عن ذلك .

ص: 151


1- المناقب لابن مردويه : 204 رقم 285 ، الفائق للزمخشري : 1/162 ، فضائل الصحابة لأحمد : 2/632 رقم 33036 ، حلية الأولياء : 3/201 ، أمالي الصدوق : 198 مج 28 ح 210 ، معاني الأخبار : 403 ح 69 ، روضة الواعظين : 152 ، ألقاب الرسول وعترته : 23 ، المناقب للخوارزمي : 141 .

فقالت : أخبرني النبي صلى الله عليه و آله أنّه مقبوض فبكيت ، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت(1) .

كتاب ابن شاهين : قالت أمّ سلمة وعائشة : أنّها لمّا سئلت عن بكائها وضحكها .

قالت : أخبرني النبي صلى الله عليه و آله أنّه مقبوض ، ثمّ أخبر أنّ بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت ، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت(2) .

وفي رواية أبي بكر الجعابي ، وأبى نعيم الفضل بن دكين ، والشعبي عن مسروق ، وفي السنن عن القزويني ، والإبانه عن العكبري ، والمسند عن الموصلي ، والفضائل عن أحمد بأسانيدهم عن عروة عن مسروق ، قالت عائشة :

أقبلت فاطمة عليهاالسلام تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مرحبا بابنتي ، فأجلسها عن يمينه ، وأسرّ إليها حديثا فضحكت ، فسألتها عن ذلك ، فقالت : ما أفشي سرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حتى إذا قبض سألتها .

فقالت : إنّه أسرّ إليّ فقال : إنّ جبرئيل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة ، وإنّه يعارضني به العام مرّتين ، ولا أراني إلاّ وقد حضر أجلي ، وإنّك لأوّل أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك ، بكيت لذلك .

ص: 152


1- البخاري : 4/183، مسلم: 4/1904 رقم 2450 ، مسند أحمد : 6/240 رقم 36074، حلية الأولياء : 2/40 .
2- فضائل سيّدة النساء : 18 .

ثمّ قال : ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين المؤمنين ، فضحكت لذلك(1) .

قال الحميري :

إنّها أسرع أهل بيته

ولحاقا به فلا تفشى الجزع

فمضى واتبعته والها

بعد غيض جرعته ووجع

* * *

حالها بعد أبيها

وروي أنّها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدّة الركن ، باكية العين ، محترقة القلب ، يغشى عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول لولديها :

أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرّة بعد مرّة !

أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما ، فلا يدعكما تمشيان على الأرض !

ص: 153


1- البخاري : 3/1326 ، مسلم : 4/1904 ، المستدرك للحاكم : 3/170 ، السنن الكبرى للنسائي : 5/96 ، سنن ابن ماجة : 1/518 ، الآحاد والمثاني للضحّاك : 5/317 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/418 ، مسند أبي يعلى : 12/110 وما بعدها ، مسند ابن راهويه : 5/7، مسند أحمد : 6/282، حلية الأولياء : 2/40، الاستيعاب : 4/1894، الطبقات الكبرى لابن سعد : 2/248، دلائل النبوّة للبيهقي : 6/364، فضائل الصحابة لأحمد : 2/762 رقم 1343 .. .

ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا ، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما(1)(2) .

ص: 154


1- روضة الواعظين : 151 .
2- كان ممّا جرى عليها بعد أبيها إعراض القوم عنها ومنعها من إرثها ومصادرة نحلتها من أبيها وأمور كثيرة صيّرت ليل ريحانة النبي صلى الله عليه و آله وبضعتها نهارا ، واضطرّتها للخروج إلى المسجد تطالب بحقّها وحقّ بعلها ، وتدافع عن كتاب ربّها وسنّة نبيّها صلى الله عليه و آلهفخطبت خطبة تعدّ - بحقّ - معجزة من أعظم معجزات سيّد المرسلين ، وحجّة تامّة كاملة واضحة بيّنة على الدين القويم ، فكان ما رواه الطبرسي في الإحتجاج : 1/90 وما بعدها وغيره من المصادر الكثيرة : عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لمّا بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله منها . فجاءت فاطمة الزهراء عليهاالسلام إلى أبي بكر ثمّ قالت : لم تمنعني ميراثي من أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأخرجت وكيلي من فدك ، وقد جعلها لي رسول اللّه صلى الله عليه و آله بأمر اللّه - تعالى -؟ فقال : هاتي على ذلك بشهود . فجاءت بأمّ أيمن ، فقالت له أمّ أيمن : لا أشهد - يا أبا بكر - حتى أحتجّ عليك بما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أنشدك باللّه ! ألست تعلم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : أمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة ؟ فقال : بلى . قالت : فأشهد أنّ اللّه - عزّ وجلّ - أوحى إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله « وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ » ، فجعل فدكا لها طعمة بأمر اللّه . فجاء علي عليه السلام فشهد بمثل ذلك ، فكتب لها كتابا ودفعه إليها . فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقال : إنّ فاطمة عليهاالسلام ادّعت !! في فدك وشهدت لها أمّ أيمن وعلي عليه السلام ، فكتبته لها ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة عليهاالسلام ، فتفل فيه !!! ومزّقه ! فخرجت فاطمة عليهاالسلام تبكي . فلمّا كان بعد ذلك جاء علي عليه السلام إلى أبيبكر، وهو في المسجد، وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال : يا أبا بكر ، لم منعت فاطمة عليهاالسلام ميراثها من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد ملكته في حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال أبو بكر : هذا فيء للمسلمين ! فإن أقامت شهودا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جعله لها ، وإلاّ فلا حقّ لها فيه !!! فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا بكر ، تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين ؟! قال : لا . قال : فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ، ثمّ ادّعيت أنا فيه مَن تسأل البيّنة ؟ قال : إيّاك أسأل البيّنة . قال : فما بال فاطمة عليهاالسلام سألتها البيّنة على ما في يديها ، وقد ملكته في حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبعده ، ولم تسأل المسلمين بيّنة على ما ادّعوها شهودا كما سألتني على ما ادّعيت عليهم . فسكت أبو بكر . فقال عمر : يا علي ، دعنا من كلامك ، فإنّا لا نقوى على حجّتك ! فإن أتيت بشهود عدول وإلاّ فهو فيء للمسلمين ، لا حقّ لك ولا لفاطمة فيه . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا بكر ، تقرأ كتاب اللّه ؟ قال : نعم . قال : أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا » فيمن نزلت ؟ فينا أم في غيرنا ؟ قال : بل فيكم . قال : فلو أنّ شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله بفاحشة ما كنت صانعا بها ؟ قال : كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيمه على نساء المسلمين !!! قال : إذن كنت عند اللّه من الكافرين ، قال : ولم ؟ قال : لأنّك رددت شهادة اللّه لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم اللّه وحكم رسوله أن جعل لها فدكا قد قبضته في حياته ، ثمّ قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكا ، وزعمت أنّه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، فرددت قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله : البيّنة على من ادّعى واليمين على من ادّعي عليه . قال : فدمدم الناس وأنكروا ، ونظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : صدق - واللّه - علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، ورجع إلى منزله . قال : ثمّ دخلت فاطمة عليهاالسلام المسجد وطافت بقبر أبيها ، وهي تقول : قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبإنّا فقدناك فقد الأرض وابلها واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغبقد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنّا فكلّ الخير محتجبوكنت بدرا ونورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العزّة الكتبتجهّمتنا رجال واستخفّ بنا إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصبفسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت منّا العيون بتهمال لها سكب قال : فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما ، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ، ثمّ قال له : أما رأيت مجلس علي منّا في هذا اليوم ! واللّه لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدنّ علينا أمرنا ، فما الرأي ؟ فقال عمر : الرأي أن تأمر بقتله . قال : فمن يقتله ؟ قال : خالد بن الوليد . فبعثا إلى خالد بن الوليد فأتاهما ، فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم ! قال : احملاني على ما شئتما ، ولو على قتل علي بن أبي طالب !! قالا : فهو ذلك . قال خالد : متى أقتله ؟ قال أبو بكر : احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة ، فإذا سلّمت فقم إليه واضرب عنقه ، قال : نعم . فسمعت أسماء بنت عميس ، وكانت تحت أبي بكر ، فقالت لجاريتها : اذهبي إلى منزل علي وفاطمة عليهماالسلام ، وأقرئيهما السلام ، وقولي لعلي عليه السلام : « إِنَّ الْمَلأََ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ » . فجاءت ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : قولي لها : إنّ اللّه يحول بينهم وبين ما يريدون . ثمّ قام وتهيّأ للصلاة ، وحضر المسجد ، وصلّى خلف أبي بكر ، وخالد بن الوليد يصلّي بجنبه ومعه السيف، فلمّا جلس أبو بكر في التشهّد ندم على ما قال ، وخاف الفتنة ، وعرف شدّة علي عليه السلام وبأسه ، فلم يزل متفكّرا لا يجسر أن يسلّم حتى ظنّ الناس أنّه قد سها ، ثمّ التفت إلى خالد فقال : يا خالد لا تفعلنّ ما أمرتك ، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا خالد ، ما الذي أمرك به ؟ فقال : أمرني بضرب عنقك . قال : أو كنت فاعلاً ؟! قال : إي - واللّه - لولا أنّه قال لي : لا تقتله قبل التسليم لقتلتك . قال : فأخذه علي عليه السلام فجلد به الأرض ، فاجتمع الناس عليه . فقال عمر : يقتله وربّ الكعبة . فقال الناس : يا أبا الحسن ، اللّه اللّه ، بحقّ صاحب القبر ، فخلّى عنه . ثمّ التفت إلى عمر ، فأخذ بتلابيبه وقال : يا ابن صهّاك ، واللّه لولا عهد من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكتاب من اللّه سبق ، لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، ودخل منزله . خطبة الزهراء عليهاالسلام وروى عبد اللّه بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم السلام : أنّه لمّا أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة عليهاالسلام فدكا ، وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحتى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة ، فجلست . ثمّ أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء ، فارتجّ المجلس . ثمّ أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم ، افتتحت الكلام بحمد اللّه والثناء عليه ، والصلاة على رسوله ، فعاد القوم في بكائهم . فلمّا أمسكوا عادت في كلامها ، فقالت عليهاالسلام : الحمد للّه على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدّم ، من عموم نعم ابتداها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وتمام منن أولاها ، جمّ عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها ، وتفاوت عن الإدراك أبدها ، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وثنّى بالندب إلى أمثالها . وأشهد أنّ لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمّن القلوب موصولها ، وأنار في التفكّر معقولها ، الممتنع من الأبصار رؤته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيّته . ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها ، كوّنها بقدرته ، وذرأها بمشيّته ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلاّ تثبيتا لحكمته ، وتنبيها على طاعته ، وإظهارا لقدرته ، تعبّدا لبريّته ، وإعزازا لدعوته . ثمّ جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنّته . وأشهد أنّ أبي محمدا عبده ورسوله ، اختاره قبل أن أرسله ، وسمّاه قبل أن اجتباه ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علما من اللّه - تعالى - بمآئل الأمور ، وإحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع الأمور . ابتعثه اللّه إتماما لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذا لمقادير رحمته ، فرأى الأمم فرقا في أديانها ، عكفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة للّه مع عرفانها . فأنار اللّه بأبي محمد صلى الله عليه و آله ظلمها ، وكشف عن القلوب بُهمها ، وجلا عن الأبصار غممها ، وقام في الناس بالهداية ، فأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم . ثمّ قبضه اللّه إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبة وإيثار ، فمحمد صلى الله عليه و آله من تعب هذه الدار في راحة ، قد حفّ بالملائكة الأبرار ، ورضوان الربّ الغفّار ، ومجاورة الملك الجبّار . صلّى اللّه على أبي نبيّه وأمينه ، وخيرته من الخلق وصفيّه ، والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته . ثمّ التفتت إلى أهل المجلس وقالت : أنتم عباد اللّه نصب أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وأمناء اللّه على أنفسكم ، وبلغاءه إلى الأمم ، زعيم حقّ له فيكم ، وعهد قدّمه إليكم ، وبقيّة استخلفها عليكم ، كتاب اللّه الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بيّنة بصائره ، منكشفة سرائره ، منجلية ظواهره ، مغتبطة به أشياعه ، قائدا إلى الرضوان أتباعه ، مؤدّ إلى النجاة استماعه ، به تنال حجج اللّه المنوّرة ، وعزائمه المفسّرة ، ومحارمه المحذّرة ، وبيّناته الجالية ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة . فجعل اللّه الإيمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ، ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتا للإخلاص ، والحجّ تشييدا للدين ، والعدل تنسيقا للقلوب ، وطاعتنا نظاما للملّة ، وإمامتنا أمانا للفرقة ، والجهاد عزّا للإسلام ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ، ومنماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس ، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة ، وترك السرقة إيجابا للعفّة ، وحرّم اللّه الشرك إخلاصا له بالربوبيّة ، ف-« اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » ، وأطيعوا اللّه فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنّه « إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » . ثمّ قالت : أيّها الناس ، اعلموا أنّي فاطمة ، وأبي محمد صلى الله عليه و آله ، أقول عودا وبدوا ، ولا أقول ما أقول غلطا ، ولا أفعل ما أفعل شططا « لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤمِنِينَ رَؤفٌ رَحِيمٌ » . فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، ولنعم المعزى إليه صلى الله عليه و آله . فبلّغ الرسالة صادعا بالنذارة ، مائلاً عن مدرجة المشركين ، ضاربا ثبجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجفّ الأصنام ، وينكث الهام ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتى تفرّى الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وطاح وشيظ النفاق ، وانحلّت عقد الكفر والشقاق ، وفُهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص ، « وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ » ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القدّ ، أذلّة خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم . فأنقذكم اللّه - تبارك وتعالى - بمحمد صلى الله عليه و آله بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مُني ببُهم الرجال ، وذؤان العرب ، ومردة أهل الكتاب « كُلَّما أَوْقَدُوا نارا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ » ، أو نجم قرنُ الشيطان ، أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدودا في ذات اللّه ، مجتهدا في أمر اللّه ، قريبا من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، سيدا في أولياء اللّه ، مشمّرا ناصحا ، مجدّا كادحا ، لا تأخذه في اللّه لومة لائم ، وأنتم في رفاهيّة من العيش ، وادعون فاكهون آمنون ، تتربّصون بنا الدوائر ، وتتوكّفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون من القتال . فلمّا اختار اللّه لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلّين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللعزّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا ، والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ، « أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ » . فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنّى تؤفكون ، وكتاب اللّه بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، وقد خلّفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون ؟ « بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً »« وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ » . ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، ثمّ أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، وتستجيبون لِهتاف الشيطان الغوي ، وإطفاء أنوار الدين الجلي ، وإهمال سنن النبي الصفي ، تشربون حسوا في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى، ووخز السنان في الحشا ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ! « أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْما لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ » ؟ أفلا تعلمون ؟ بلى ، قد تجلّى لكم كالشمس الضاحية ، أنّي ابنته ! أيّها المسلمون ، أأغلب على إرثي ؟! يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب اللّه ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئا فريّا . أفعلى عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول : « وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ » . وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريّا ، إذ قال : « فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ » . وقال : « وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ » . وقال : « يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ » . وقال : « إِنْ تَرَكَ خَيْرا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ » . وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي ، ولا رحم بيننا !!! أفخصّكم اللّه بآية أخرج أبي منها ؟ أم هل تقولون : أهل ملّتين لا يتوارثان ؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ؟!!! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي ؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم اللّه ، والزعيم محمد صلى الله عليه و آله ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، و« لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ » « فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ » . ثمّ رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت : يا معشر النقيبة ، وأعضاد الملّة ، وحضنة الإسلام ، ما هذه الغميزة في حقّي ، والسنة عن ظلامتي ؟ أما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبي يقول : المرء يحفظ في ولده ؟ سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوّة على ما أطلب وأزاول. أتقولون : مات محمد صلى الله عليه و آله ؟ فخطب جليل استوسع وهنه ، واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، وأظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت الشمس والقمر ، وانتثرت النجوم لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، وأضيع الحريم ، وأزيلت الحرمة عند مماته ، فتلك - واللّه - النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، ولا بائقة عاجلة ، أعلن بها كتاب اللّه - جلّ ثناؤ - في أفنيتكم ، وفي ممساكم ومصبحكم ، يهتف في أفنيتكم هتافا وصراخا ، وتلاوة وألحانا ، ولقبله ما حلّ بأنبياء اللّه ورسله حكم فصل ، وقضاء حتم « وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ » . إيها بني قيله ، أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى منّي ومسمع ، ومنتدى ومجمع ؟ تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الخبرة ، وأنتم ذوو العدد والعدّة ، والأداة والقوّة ، وعندكم السلاح والجنّة ، توافيكم الدعوة فلا تجيبون ، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون ، وأنتم موصوفون بالكفاح ، معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت ، قاتلتم العرب ، وتحمّلتم الكدّ والتعب ، وناطحتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح أو تبرحون ، نأمركم فتأتمرون ، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام ، ودرّ حلب الأيّام ، وخضعت ثغرة الشرك ، وسكنت فورة الإفك ، وخمدت نيران الكفر ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حزتم بعد البيان ، وأسررتم بعد الإعلان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأشركتم بعد الإيمان ، بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم « وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤمِنِينَ » . ألا ، وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض ، وخلوتم بالدعة - في بلاغات النساء والبحار وغيرها : « وركنتم الى الدعة » - ونجوتم بالضيق من السعة ، فمججتم ما وعيتم ، ودسعتم الذي تسوّغتم ، ف-« إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَْرْضِ جَمِيعا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ » . ألا ، وقد قلت ما قلت هذا على معرفة منّي بالجذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وخور القناة ، وبثّة الصدر ، وتقدمة الحجّة . فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة بغضب الجبّار ، وشنار الأبد ، موصولة ب-« نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَْفْئِدَةِ » ، فبعين اللّه ما تفعلون ، « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ » ، وأنا ابنة « نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ » فاعملوا « إِنّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ » . فأجابها أبو بكر عبد اللّه بن عثمان ، وقال : يا بنت رسول اللّه ، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفا رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما وعقابا عظيما ، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخا إلفك دون الأخلاّء ، آثره على كلّ حميم ، وساعده في كلّ أمر جسيم ، لا يحبّكم إلاّ سعيد ، ولا يبغضكم إلاّ شقي بعيد ، فأنتم عترة رسول اللّه الطيّبون ، والخيرة المنتجبون ، على الخير أدلّتنا ، وإلى الجنّة مسالكنا . وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك ، سابقة في وفور عقلك ، غير مردودة عن حقّك ، ولا مصدودة عن صدقك ، واللّه ما عدوت رأي رسول اللّه ، ولا عملت إلاّ بإذنه !!! والرائد لا يكذب أهله ، وإنّي أشهد اللّه وكفى به شهيدا ! أنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ذهبا ولا فضّة ، ولا دارا ولا عقارا ، وإنّما نورّث الكتاب والحكمة ، والعلم والنبوّة ، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه . وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ، ويجاهدون الكفّار ، ويجالدون المردة الفجّار ، وذلك بإجماع من المسلمين ، لم أنفرد به وحدي ، ولم أستبدّ بما كان الرأي عندي ، وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك ، لا تزوى عنك ، ولا ندّخر دونك ، وإنّك وأنت سيّدة أمّة أبيك والشجرة الطيّبة لبنيك ، لا ندفع ما لك من فضلك ، ولا يوضع في فرعك وأصلك ، حكمك نافذ فيما ملكت يداي ، فهل ترين أن أخالف في ذاك أباك صلى الله عليه و آله ؟!!!! فقالت عليهاالسلام : سبحان اللّه ! ما كان أبي رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن كتاب اللّه صادفا ، ولا لأحكامه مخالفا ، بل كان يتبع أثره ، ويقفو سوره ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور ، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته ، هذا كتاب اللّه حكما عدلاً ، وناطقا فصلاً . يقول : « يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ » . ويقول : « وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ » . وبيّن - عزّ وجلّ - فيما وزّع من الأقساط ، وشرع من الفرائض والميراث ، وأباح من حظّ الذكران والإناث ، ما أزاح به علّة المبطلين ، وأزال التظنّي والشبهات في الغابرين ، كلاّ « بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ » . فقال أبو بكر : صدق اللّه ورسوله ، وصدقت ابنته ، معدن الحكمة ، وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين ، وعين الحجّة ، لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك ، هؤلاء المسلمون بيني وبينك ، قلّدوني ما تقلّدت ، وباتّفاق منهم أخذت ما أخذت ، غير مكابر ولا مستبدّ ولا مستأثر !! وهم بذلك شهود . فالتفتت فاطمة عليهاالسلام إلى الناس وقالت : معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر ، أفلا تتدبّرون « الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » كلاّ بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأوّلتم ، وساء ما به أشرتم ، وشرّ ما منه اغتصبتم ، لتجدنّ - واللّه - محمله ثقيلاً ، وغبّه وبيلاً إذا كشف لكم الغطاء ، وبان بإورائه الضرّاء ، وبدا لكم من ربّكم ما لم تكونوا تحتسبون « وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ » . ثمّ عطفت على قبر النبي صلى الله عليه و آله وقالت : قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبإنّا فقدناك فقد الأرض وابلها واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغبوكلّ أهل له قربى ومنزلة عند الإله على الأدنين مقتربأبدت رجال لنا نجوى صدورهم لمّا مضيت وحالت دونك التربتجهّمتنا رجال واستخفّ بنا لمّا فقدت وكلّ الأرض مغتصبوكنت بدرا ونورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العزّة الكتبوكان جبرئيل بالآيات يؤنسنا فقد فقدت وكلّ الخير محتجبفليت قبلك كان الموت صادفنا لمّا مضيت وحالت دونك الكثب ثمّ انكفأت عليهاالسلام وأمير المؤمنين عليه السلام يتوقّع رجوعها إليه ، ويتطلّع طلوعها عليه . . . خطبتها في نساء المهاجرين والأنصار وقال سويد بن غفلة : لمّا مرضت فاطمة عليهاالسلام المرضة التي توفّيت فيها دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها ، فقلن لها : كيف أصبحت من علّتك يا ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فحمدت اللّه ، وصلّت على أبيها ، ثمّ قالت : أصبحت - واللّه - عائفة لدنياكنّ ، قالية لرجالكنّ ، لفظتهم بعد أن عجمتهم ، وسئمتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحدّ واللعب بعد الجدّ وقرع الصفاة ، وصدع القناة ، وختل الآراء ، وزلل الأهواء ، و« بِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ » . لا جرم ، لقد قلّدتهم ربقتها ، وحمّلتهم أوقتها ، وشننت عليهم غاراتها ، فجدعا وعقرا و « بُعْدا لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ » . ويحهم ، أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأمور الدنيا والدين « أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ » . وما الذي نقموا من أبي الحسن عليه السلام ؟ نقموا - واللّه - منه نكير سيفه ، وقلّة مبالاته لحتفه ، وشدّة وطأته ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات اللّه . وتاللّه ، لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة ، لردّهم إليها ، وحملهم عليها ، ولسار بهم سيرا سجحا لا يكلم حشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميرا صافيا رويّا تطفح ضفّتاه ، ولا يترنّق جانباه ، ولأصدرهم بطانا ، ونصح لهم سرّا وإعلانا ، ولم يكن يتحلّى من الدنيا بطائل ، ولا يحظى منها بنائل ، غير ريّ الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » « وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ » . ألا ، هلمّ فاسمع ، وما عشت أراك الدهر عجبا ، « وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ » ، ليت شعري إلى أيّ سناد استندوا ؟ وإلى أيّ عماد اعتمدوا ؟ وبأيّة عروة تمسّكوا ؟ وعلى أيّة ذرّية أقدموا واحتنكوا ؟ « لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ » و« بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً » استبدلوا - واللّه - الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم « يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا »« أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ » ، ويحهم « أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » . أما لعمري ، لقد لقحَت ، فنظرة رَيثما تنتج ، ثمّ احتلبوا مل ء القعب دما عبيطا ، وذعافا مبيدا ، هنالك « يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ » ، ويعرف الباطلون غبّ ما أسّس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمأنّوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرتى لكم ، وأنّى بكم ، وقد عميت عليكم « أنلزمكموها وأنتم لها كارهون » . قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها عليهاالسلام على رجالهنّ ، فجاء إليها قوم من المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا : يا سيّدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن يبرم العهد ويحكم العقد لما عدلنا عنه إلى غيره . فقالت عليهاالسلام : إليكم عنّي فلا عذر بعد تعذيركم ولا أمر بعد تقصيركم . . وفي الموسوعة الكبرى للأنصاري رحمه الله : 10/385 عن مثالب النواصب لابن شهر آشوب مخطوط: 2/55 . كلام ابن شهر آشوب في اجتماع الناس في السقيفة وخطبة معن بن عدي الأنصاري وثابت بن قيس بن شماس وهجوم بريدة الأسلمي عليهم برسالة علي وفاطمة عليهماالسلام : إنّ النبى صلى الله عليه و آله قد جهزناه وبقي منذ يومين فإن أردتم الصلاة والدفن فاحضروا . فهمَّ أبوبكر أن ينزل فقال عمر : إنّ محمدا بخلاف الآدميين . . . فارقبوا فنفرغ من هذا المهم الديني . فلمّا انصرف بريدة خرجت فاطمة عليهاالسلام فوقعت على الباب ، ثم قالت : لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم ، تركتم رسول اللّه صلى الله عليه و آله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم ، لم توامرونا ولم تروا لنا حقّا ، كأنّكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم ، فاللّه حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة . . . وفي الموسوعة أيضا : عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب (مخطوط) : 70 : قال ابن شهرآشوب في ذكر عيادة أمّ سلمة : ودخلت أمّ سلمة على فاطمة عليهاالسلام فقالت لها : كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول اللّه ؟ قالت : أصبحت بين كَمَد وكَرب ، فقد النبي صلى الله عليه و آله وظلم الوصي عليه السلام واللّه حجبه ، أصبحت إمامته مقتّصه على غير ما شرع اللّه في التنزيل ، وسنَّها النبي صلى الله عليه و آله في التأويل ، ولكنَّها أحقاد بدرية وتراث أحدية ، كانت عليها قلوب النفاق مُكتَمِنة لإمكان الوشاة ، فلمّا استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الآثار من مخيلة الشقاق . فيقطع وتر الإيمان من قسي صدورها ، وليس عليَّ ما وعد اللّه من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين ، أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا ، بعد انتصار ممّن فتك بآبائهم في مواطن الكروب ومنازل الشهادات . وفي الموسوعة الكبرى للأنصاري رحمه الله أيضا : 13/338 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب ( مخطوط ) : 71 والأمالي للطوسي : 2/295 . . : روى ابن أبي الحديد في سياق أخبار فدك ، عن أحمد بن عبدالعزيز الجوهري : أنّ أبا بكر لمّا سمع خطبة فاطمة عليهاالسلام في فدك شقَّ عليه مقالتها ، فصعد المنبر ، فقال : أيّها الناس ! ما هذه الرَعَة إلى كلّ قالة ؟ أين كانت هذه الأماني في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ ألا مَن سمع فليقل ، ومن شهد فليتكلَّم. إنّما هو ثعالة شهيده ذنبه ، مُربٌّ بكلّ فتنة ، هو الذي يقول : كروها جذعة بعد ما هرمت ، تستعينون بالضعفة وتستنصرون بالنساء ، كأمّ طحال !! أحبُّ أهلها إليها البغي ، ألا إنّي لو أشاء أن أقول لقلت ، ولو قلت لبحت ، إنّي ساكت ما تركت . ثم التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني - يا معاشر الأنصار - مقالة سفهائكم ، وأحقّ من لزم عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنتم ، فقد جاءكم فآويتم ونصرتم ، ألا وإنّي لست باسطا يدا ولسانا على من لم يستحقُّ ذلك منّا . . . ثم نزل . فانصرفت فاطمة عليهاالسلام إلى منزلها . ثم قال ابن أبي الحديد: قرأت هذا الكلام على النقيب يحيى بن أبي زيد البصري ، فقلت له : بمن يعرِّض؟ فقال: بل يصرِّح . قلت: لو صرَّح لم أسألك . فضحك وقال : بعلي بن أبي طالب عليه السلام . قلت : أهذا الكلام كلّه لعلي عليه السلام ؟! قال : نعم ، إنّه المُلك يا بني . قلت : فما مقالة الأنصار ؟ قال : هتفوا بذكر علي عليه السلام فخاف من اضطراب الأمر عليه فنهاهم . فسألته عن غريبه ، فقال : ما هذه الرعة - بالتخفيف - أي : الاستماع والإصغاء . والقالة : القول . وثعالة : إسم للثعلب علم غير مصروف ، مثل ذؤالة للذئب . وشهيده ذنبه أي : لا شاهد على ما يدَّعي إلاّ بعضه وجزء منه ، وأصله مَثَل ، قالوا : إنّ الثعلب أراد أن يُغري الأسد بالذئب فقال : إنّه أكل الشاة التي أعدَدتها لنفسك ، قال : فمن يشهد لك بذلك ؟ فرفع ذنبه وعليه دم ، وكان الأسد قد افتقد الشاة ، فقبل شهادته وقتل الذئب . ومُرِبٌّ: ملازم ، أربَّ : لازم بالمكان . وكرُّوها جَذَعَة : أعيدوها إلى الحال الأولى ، يعني : الفتنة والهرج . وأمّ طحال : إمرأة بغي في الجاهلية ، فضرب بها المثل ، يقال : أزنى من أمّ طحال ، انتهى . وروى أيضا عن أحمد بن عبدالعزيز الجوهري عن هشام بن محمد عن أبيه ، قال : قالت فاطمة عليهاالسلام لأبي بكر : إنّ أمّ أيمن تشهد لي أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أعطاني فدك . فقال لها : يابنة رسول اللّه ، واللّه ما خلق اللّه خلقا أحبُّ إليَّ من رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبيك ! ولوَدَدت أنّ السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك ! واللّه لأن تفتقر عائشة أحبُّ إليَّ من أن تفتقري ، أتراني أُعطي الأسود والأحمر حقّه وأظلمك حقّك وأنت بنت رسول اللّه ؟! إنّ هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه و آله !! إنّما كان من أموال المسلمين ! يحمل النبي صلى الله عليه و آله به الرجال وينفقه في سبيل اللّه ! فلمّا تُوُفِيَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولَّيته كما كان يليه . قالت : واللّه لا كلَّمتك أبدا . . . واللّه لأدعونَّ اللّه عليك . فلمّا حضَرَتها الوفاة ، أوصت أن لا يصلِّيَ عليها ، فدُفِنَت ليلاً . . وكان بين وفاتها ووفاة أبيها إثنتان وسبعون ليلة . . . ومن رواياتهم الصحيحة الصريحة في أنّها عليهاالسلام استمرَّت على الغضب حتى ماتت ، ما رواه مسلم وأبو داود في كتابيهما ، وأورده في جامع الأصول في الفصل الثالث من كتاب المواريث في حرف الفاء عن عائشة ، قالت : إنّ فاطمة بنت رسول اللّه عليهاالسلام سألت أبا بكر . . بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يقسِّم لها ميراثها ممّا ترك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ممّا أفاء اللّه عليه . فقال لها أبو بكر : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : لا نورِّث ، ما تركناه صدقة !!! فغضبَت فاطمة عليهاالسلام فهجَرَته ، فلم تزل بذلك حتى توفِّيَت. . .

ص: 155

ص: 156

ص: 157

ص: 158

ص: 159

ص: 160

ص: 161

ص: 162

ص: 163

ص: 164

ص: 165

ص: 166

ص: 167

ص: 168

ص: 169

وصيّتها عليهاالسلام

ثمّ مرضت ومكثت أربعين ليلة ، ثمّ دعت أمّ أيمن وأسماء بنت عميس وعليا عليه السلام ، وأوصت إلى علي عليه السلام بثلاث :

أن يتزوّج بابنة أختها أمامة لحبّها أولادها .

وأن يتّخذ نعشا كأنّها كانت رأت الملائكة تصوّروا صورته ، ووصفته له .

وأن لا يشهد أحد جنازتها ممّن ظلمها(1) ، وأن لا يترك أن يصلّي عليها أحد منهم(2) .

وذكر مسلم عن عبد الرزّاق عن معمّر عن الزهري عن عروة عن عائشة .

وفي حديث الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عائشة ، في خبر طويل يذكر فيه :

ص: 170


1- الموسوعة الكبرى للأنصاري رحمه الله : 15/224 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب مخطوط : 136 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/200 ح 2 . في جواب من قال في مجلس المأمون : إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال : هل من مستقيل فأقيله ؟ فقال علي عليه السلام : قدَّمك رسول اللّه صلى الله عليه و آله فمن ذا يؤخِّرك ؟! فقال المأمون : هذا باطل من قِبل أنَّ عليا عليه السلام قعد عن بيعة أبي بكر ، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قُبِضَت فاطمة عليهاالسلام ، وأنّها أوصت أن تُدفَن ليلاً لئلا يشهدا جنازتها . وفيها أيضا : 14/216 عن مثالب النواصب لابن شهرآشوب : 136 : قال ابن شهرآشوب في قعود علي عليه السلام عن البيعة : ... إنّ عليا عليه السلام قعد عن بيعته بروايتكم ستّة أشهر ، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قُبِضَت فاطمة عليهاالسلام ، فأوصت أنّها يدفن ليلاً ولا يشهدا جنازتها عليهاالسلام . . .
2- روضة الواعظين : 151 .

إنّ فاطمة عليهاالسلام أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللّه صلى الله عليه و آله . . القصّة ، قال : وهجرته ولم تكلّمه حتى توفّيت ، ولم تؤذن أبا بكر يصلّي عليها(1) .

الواقدي : أنّ فاطمة عليهاالسلام لمّا حضرتها الوفاة أوصت عليا عليه السلام أن لا يصلّي عليها أبو بكر وعمر ، فعمل بوصيّتها(2) .

عيسى بن مهران عن مخوّل بن إبراهيم عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن ابن جبير عن ابن عباس قال :

أوصت فاطمة عليهاالسلام أن لا يعلم - إذا ماتت - أبو بكر ولا عمر ، ولا يصلّيا عليها .

قال : فدفنها علي عليه السلام ليلاً ، ولم يعلمهما بذلك(3) .

دفنها عليهاالسلام ليلاً والصلاة عليها وتغييب قبرها

تاريخ أبي بكر بن كامل : قالت عائشة :

عاشت فاطمة عليهاالسلام بعد رسول اللّه ستّة أشهر(4)، فلمّا توفّيت(5) دفنها

ص: 171


1- مسلم : 5/153 ، البخاري : 5/82 « باب غزوة خيبر » ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 2/315 .
2- علل الشرائع : 1/185 باب 149 ح 1 ، كتاب سليم : 393 .
3- عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1/201 باب 45 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان : 3/31 .
4- الذرّية الطاهرة للدولابي : 151 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/400 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/28 ، تاريخ دمشق : 3/160 .
5- في دلائل الإمامة : 45 وغيره من المصادر : روي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : ولدت فاطمة عليهاالسلام . . . وكان سبب وفاتها أنّ قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره ، فأسقطت محسنا ، ومرضت من ذلك مرضا شديدا . . . وفي نوادر المعجزات للطبري : 98 وغيره : قال عمار بن ياسر في حديث الطّيب : ... فلمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وجرى ما جرى يوم دخول القوم عليها دارها وإخراج ابن عمّها أمير المؤمنين عليه السلام ضربوا الباب على بطنها حتى أسقطت ولدا تماما ، وكان أصل مرضها ذلك ووفاتها عليهاالسلام . وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي : 2/586 ح 4 وغيره في حديث سليم ، قال : سمعت سلمان الفارسي قال : لمّا أن قبض النبي صلى الله عليه و آله . . . فضربها قنفذ الملعون بالسوط ، فماتت حين ماتت وإنّ في عضدها كمثل الدملج من ضربته - لعنه اللّه ولعن من بعث به - فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها ، فكسر ضلعها من جنبها ، فألقت جنينا من بطنها . فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت عليهاالسلام من ذلك شهيدة . وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي أيضا : 2/674 ح 13 عن أبان عن سليم : كتب أبو المختار بن أبي الصعق إلى عمر بن الخطاب ... إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام لسليم: هل تدري لم كفّ عن قنفذ ولم يغرمه شيئا ؟ قلت : لا ، قال : لأنّه هو الذي ضرب فاطمة عليهاالسلام بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم ، فماتت عليهاالسلام وإنّ أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج . وفي الفضائل لابن شاذان : 141 ، والكافي : 1/459 ح 3 : روى ابن شاذان عن علي عليه السلام عند دفن الزهراء عليهاالسلام : ... وستنبّؤك ابنتك بتظافر أمّتك على هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها ، لم تجد إلى بثّه سبيلاً . . . وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي : 2/ 675 ح 14 : قال أبان : قال سليم : انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله . . . فقال العباس لعلي عليه السلام : ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما غرم جميع عمّاله ؟! فنظر علي عليه السلام إلى من حول-ه ، ثم اغرورقت عيناه ، ثم قال : شكر له ضربة ضربها فاطمة عليهاالسلام بالسوط ، فماتت وفي عضدها أثره كأنّه الدملج . . . وفي منتخب البصائر : 191 : قال في حديث الإمام الصادق عليه السلام عن المفضل ، في كيفية الرجعة : ... قال المفضل : قلت : يا سيدي ، ورسول اللّه صلى الله عليه و آله وأمير المؤمنين عليه السلاميكونان مع المهدي عليه السلام ؟ فقال : لا بد أن يطأوا الأرض ، إي واللّه . . . . فأوّل من يشكو إليه فاطمة عليهاالسلام من أبي بكر وعمر ، فتقول له : إنّهما أخذا منّي فدك . . . فرفع عمر سوطه وضربني به فكسر يدي ، وعصر الباب على بطني ، فأسقط منّي ولدي المحسن . . . فرجعت إلى البيت وبقيت مريضة من ذلك الضرب ، حتى صرت شهيدة منه . . . وفي الإختصاص : 183 : قال أبو محمد : عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وجلس أبو بكر مجلسه ، بعث إلى وكيل فاطمة عليهاالسلام ، فأخرجه من فدك . . . فدعا ( أبو بكر ) بكتاب فكتبه لها بردّ فدك ، فقال : فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : يا بنت محمد ! ما هذا الكتاب الذي معك ؟ فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر بردّ فدك . فقال: هلمّيه إليّ ، فأبت أن تدفعه إليه . فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن ،، فأسقطت المحسن عليه السلام من بطنها ، ثم لطمها ، فكأنّي أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت ، ثم أخذ الكتاب فخرقه . فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما ، مريضة ممّا ضربها عمر ، ثم قبضت . . . وفي كامل الزيارات : 332 ح 11 : عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لمّا أسري بالنبي صلى الله عليه و آله إلى السماء . . . إلى أن قال : وأمّا ابنتك فتظلم وتحرم . . ثم لا تجد مانعا ، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب . . . وفي الاحتجاج للطبرسي : 1/414 باب احتجاج الإمام الحسن عليه السلام على معاوية وأصحابه ، قال لمغيرة بن شعبة : ... وأنت الذي ضربت بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى أدميتها وألقت ما في بطنها ، استذلالاً منك لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ومخالفة لأمره وانتهاكا لحرمته . . . انظر للتفصيل في سبب شهادتها عليهاالسلام موسوعة الزهراء عليهاالسلام للزنجاني رحمه الله الجزء 15 .

ص: 172

ص: 173

علي عليه السلام ليلاً وصلّى عليها(1) .

وروى فيه عن سفيان بن عيينة ، وروى الحسن بن محمد ، وعبد اللّه بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطّان عن معمّر عن الزهري :

إنّ فاطمة عليهاالسلام دفنت ليلاً(2) .

وعنه في هذا الكتاب : أنّ أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلامدفنوها

ليلاً ، وغيّبوا قبرها(3) .

وفي تاريخ الطبري : أنّ فاطمة عليهاالسلام دفنت ليلاً ، ولم يحضرها إلاّ العباس

وعلي عليه السلام والمقداد والزبير(4) .

وفي رواياتنا : أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسين وعقيل عليهم السلام ، وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة(5) .

ص: 174


1- السنن الكبرى للبيهقي : 4/29 ، الآحاد والمثاني : 5/355 ، المعجم الكبير للطبراني : 22/398 .
2- المعجم الكبير للطبراني : 22/398 ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : 3/226 رقم 2 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 8/29 .
3- الشافي في الإمامة للمرتضى : 4/114 .
4- الشافي للمرتضى : 4/114 ، تاريخ الطبري : 3/240 « حوادث سنة 11 » .
5- روضة الواعظين : 152 .

وفي رواية : والعباس وابنه الفضل .

وفي رواية : وحذيفة وابن مسعود .

الأصبغ بن نباتة : أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلاً ، فقال : إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها ، وحرام على من يتولاّهم أن يصلّي على أحد من ولدها(1) .

وروي : أنّه سوّى قبرها مع الأرض مستويا .

وقالوا : سوّى حواليها قبورا مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها(2) .

وروي : أنّه رشّ أربعين قبرا حتى لا يبين قبرها من غيره فيصلّوا عليها(3)(4) .

ص: 175


1- أمالي الصدوق : 755 مج 76 ح 1018 ، روضة الواعظين : 153 .
2- روضة الواعظين : 152 .
3- الشافي للمرتضى : 4/115 ، دلائل الإمامة : 136 .
4- في الإحتجاج للطبرسي : 2/119 عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام وكتاب سليم بن قيس الهلالي : 2/871 ح 48 عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس ، قال : كنت عند عبد اللّه بن عباس في بيته . . . إلى أن قال ابن عباس : فبقيت فاطمة عليهاالسلام بعد وفاة أبيها رسول اللّه صلى الله عليه و آله أربعين ليلة ، فلمّا اشتدّ بها الأمر ، دعت عليا عليه السلام وقالت : يابن العم ، ما أراني إلاّ لما بي ، وأنا أوصيك أن تتزوّج بنت أختي زينب ، تكون لولدي مثلي ، وتتّخذ لي نعشا ، فإنّي رأيت الملائكة يصفونه لي ، وأن لا يشهد أحد من أعداء اللّه جنازتي ولا دفني ولا الصلاة عليّ . قال ابن عباس : وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام : أشياء لم أجد إلى تركهنّ سبيلاً ، لأنّ القرآن بها أنزل على قلب محمد صلى الله عليه و آله : قتال الناكثين والقاسطين والمارقين الذي أوصاني وعهد إليّ خليلي رسول اللّه صلى الله عليه و آله بقتالهم ، وتزويج أمامة بنت زينب ، أوصتني بها فاطمة عليهاالسلام . قال ابن عباس : فقبضت فاطمة عليهاالسلام من يومها ، فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء ، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأقبل أبو بكر وعمر يعزّيان عليا عليه السلام ، ويقولان له : يا أبا الحسن ، لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول اللّه . فلمّا كان في الليل ، دعا علي عليه السلام العباس والفضل والمقداد وسلمان وأباذر وعمار . . . فصلّى عليها ودفنوها . فلمّا أصبح الناس ، أقبل أبو بكر وعمر والناس ، يريدون الصلاة على فاطمة عليهاالسلام . فقال المقداد : قد دفنّا فاطمة عليهاالسلام البارحة . فالتفت عمر إلى أبي بكر ، فقال : ألم أقل لك إنّهم سيفعلون ؟ فقال العباس : إنّها أوصت أن لا تصلّيا عليها . فقال عمر : واللّه لا تتركون - يا بني هاشم - حسدكم القديم لنا أبدا !! إنّ هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب ، واللّه لقد هممت أن أنبشها فأصلّي عليها . فقال علي عليه السلام : واللّه لو رمت ذلك - يابن صهاك - لارجعت إليك يمينك ، واللّه لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسك ، فرم ذلك . فانكسر عمر وسكت وعلم أنّ عليا عليه السلام إذا حلف صدق . ثم قال علي عليه السلام : يا عمر ، ألست الذي همّ بك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأرسل إليّ ، فجئت متقلّدا بسيفي ، ثم أقبلت نحوك لأقتلك ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : « فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا » ؟ فانصرفوا .

قال سلامة الموصلي :

لمّا قضت فاطم الزهراء غسّلها

عن أمرها بعلها الهادي وسبطاها

وقام حتى أتى بطن البقيع بها

ليلاً فصلّى عليها ثمّ واراها

ولم يصلّ عليها منهم أحد

حاشا لها من صلاة القوم حاشاها

ص: 176

وقال الحميري :

وفاطم قد أوصت بأن لا يصلّيا

عليها وأن لا يدنوا من رجا القبر

عليا ومقداد وأن يخرجوا به

رويدا بليل في سكون وفي سرّ

* * *

وقال ابن حمّاد :

وقد أوصت أبا حسن عليا

بحقّي أن على الأرجاس تغشى

فغسّلها الوصيّ أبو حسين

وواراها وجنح الليل مغش

* * *

غسلها عليهاالسلام

أبو عبد اللّه حمويه بن علي البصري ، وأحمد بن حنبل ، وأبو عبد اللّه بن بطّة بأسانيدهم :

قالت أمّ سلمى امرأة أبي رافع : اشتكت فاطمة عليهاالسلام شكواها التي قبضت فيها ، وكنت أمرّضها ، فأصبحت يوما أسكن ما كانت ، فخرج علي عليه السلام إلى بعض حوائجه ، فقالت : اسكبي لي غسلاً ، فسكبت .

وقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ، ثمّ لبست أثوابها الجدد .

ثمّ قالت : افرشي فراشي وسط البيت ، ثمّ استقبلت القبلة ونامت ، وقالت : أنا مقبوضة ، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد ، ثمّ وضعت خدّها على يدها وماتت(1) .

ص: 177


1- مسند أحمد : 6/461 ، ناسخ الحديث لابن شاهين : 587 ، تاريخ الم-دين-ة لابن شبة : 1/108 ، فضائل الصحابة لأحمد : 2/129 رقم 1074 ، الذرّيةالطاهرة للدولابي : 155 .

وقالت أسماء بنت عميس : أوصت إليّ فاطمة عليهاالسلام ألاّ يغسلها إذا ماتت إلاّ أنا وعلي عليه السلام ، فأعنت عليا عليه السلام على غسلها(1) .

كتاب البلاذري : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام غسلها من معقد الإزار ، وإنّ أسماء بنت عميس غسلتها من أسفل ذلك .

أبو الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعية : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن فاطمة عليهاالسلام من غسلها ؟ فقال : غسلها أمير المؤمنين عليه السلام ، لأنّها كانت صدّيقة ، لم يكن ليغسلها إلاّ صدّيق(2) .

اتّخاذ النعش

تهذيب الأحكام : سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن أوّل من جعل له النعش ، قال : فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله(3) .

وفي رواية عبدالرحمن: أنّها قالت لأسماء: استريني(4) سترك اللّه من النار،

ص: 178


1- المصنّف للصنعاني : 3/410 رقم 6122 ، السنن الكبرى للبيهقي : 3/396 ، إعلام الورى : 1/300 ، دعائم الإسلام : 1/228 ، الذرّية الطاهرة للدولابي : 152 .
2- علل الشرائع : 1/184 باب 148 ح 1 ، الفقيه للصدوق : 1/142 ح 399 ، الكافي : 1/459 ح 4 ، الاستبصار للطوسي : 1/200 ح 703 ، تهذيب الأحكام للطوسي : 1/440 ح 1422 .
3- تهذيب الأحكام للطوسي : 1/469 ح 1539 ، الفقيه للصدوق : 1/194 ح 597 ، الكافي : 3/251 ح 6 ، فقه الرضا عليه السلام : 189 .
4- وردت أحاديث وأخبار كثيرة في ستر المستورة الكبرى عليهاالسلام وخدرها وحجابها ومنها : في نوارد الراوندي : 119 ، ودعائم الإسلام : 2/214 ح 792 ، وحلية الأولياء : 2/175 ، والجعفريات : 95 - واللفظ له - بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عليهم السلام : أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله استأذن عليها أعمى ، فحجبته ، فقال لها النبي صلى الله عليه و آله : لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت : يا رسول اللّه ، إن لم يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ الريح . فقال النبي صلى الله عليه و آله : أشهد أنّك بضعة منّي . مكارم الأخلاق : 267 ، حلية الأولياء : 2/40 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/63 ، دعائم الإسلام : 2/215 ح 739 ، مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي : 2/211 : وروي عن علي عليه السلام قال : كنّا جلوسا عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : أخبروني أيّ شيء خير للنساء ؟ فعيينا بذلك كلّنا حتى تفرّقنا ، فرجعت إلى فاطمة عليهاالسلام فأخبرتها الذي قال لنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وليس أحد منّا علمه ولا عرفه ، فقالت : ولكنّي أعرفه : خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهنّ الرجال . فرجعت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه ، سألتنا أيّ شيء خير للنساء ، وخير لهنّ أن لا يرين الرجال ولا يراهنّ الرجال . قال : من أخبرك . . ؟ قلت : فاطمة ، فأعجب ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقال : إنّ فاطمة بضعة منّي . النوادر للراوندي : 14 : بإسناده ، قال : سأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله أصحابه عن المرأة ما هي ؟ قلنا : عورة ، فقال : فمتى تكون أدنى من ربّها ؟ فلم ندر . فقالت فاطمة لعلي عليهماالسلام : ارجع إليه فأعلمه أنّ أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها . فانطلق فأخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بما قالت فاطمة عليهاالسلام ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنّ فاطمة بضعة منّي .

يعني بالنعش(1) .

ص: 179


1- تهذيب الأحكام للطوسي : 1/469 ح 1540 .

وقوف أمير المؤمنين عليه السلام على قبرها عليهاالسلام

وروي : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال عند دفنها عليهاالسلام :

السلام عليك يا رسول اللّه عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والسريعة اللّحاق بك ، قلّ عن صفيّتك صبري ، ورقّ فيها تجلّدي ، إلاّ أنّ التأسّي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك موضع تعزّ ، فلقد وسّدتك في ملحود قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، « إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » .

فلقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة ، أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، إلى أن يختار اللّه لي دارك التي أنت بها مقيم ، وينقلني من الأكدار والتأثيم ، وستنبئك ابنتك فاحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق الذكر .

والسلام عليكما سلام مودّع لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد اللّه الصابرين(1) .

وروي : أنّه لمّا صار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولها وانصرف .

عبد الرحمن الهمداني وحميد الطويل : أنّه عليه السلام أنشأ على شفير قبرها عليهاالسلام :

ذكرت أبا ودّي فبتّ كأنّني

بردّ الهموم الماضيات وكيل

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة

وكلّ الذي دون الفراق قليل

وإنّ افتقادي فاطم بعد أحمد

دليل على أن لا يدوم خليل

ص: 180


1- نهج البلاغة : 319 خ 202 ، روضة الواعظين : 152 ، أمالي الطوسي : 109 ح 166 ، بشارة المصطفى : 396 ، الكافي : 1/459 ، دلائل الإمامة : 137 ، أمالي المفيد : 281 .

فأجاب هاتف :

يريد الفتى أن لا يدوم خليله

وليس له إلاّ الممات سبيل

فلابدّ من موت ولابدّ من بلى

وإنّ بقائي بعدكم لقليل

إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي

فإنّ بكاء الباكيات قليل

ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي

ويحدث بعدي للخليل بديل(1)

* * *

موضع قبرها عليهاالسلام

قال أبو جعفر الطوسي: الأصوب أنّها مدفونة في دارها، أو في الروضة(2)، يؤيّد قوله قول النبي صلى الله عليه و آله : بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة(3) .

وفي البخاري : بين بيتي ومنبري(4) .

وفي الموطّأ ، والحلية ، والترمذي ، ومسند أحمد بن حنبل : ما بين بيتي ومنبري(5) .

ص: 181


1- تاريخ دمشق : 42/527 ، أمالي الصدوق : 580 مج 74 ح 797 ، روضة الواعظين : 153 ، المستدرك للحاكم : 3/163 ، تفسير الثعلبي : 1/259 .
2- المبسوط للطوسي : 1/386 ، النهاية للطوسي : 287 ، المصباح للطوسي : 711 .
3- معاني الأخبار : 267 ح 1 ، المصباح للطوسي : 710 ، الفقيه للصدوق : 2/568 ح 3158 ، روضة الواعظين : 152 ، مسند أحمد : 3/64 ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : 7/413 ، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : 113 ، كتاب السنّة لابن أبي عاصم : 325 ، مسند أبي يعلى : 2/496 . . .
4- البخاري : 2/57 .
5- السنن الكبرى للبيهقي : 5/246 ، الموطّأ لمالك : 1/197 ، الكافي : 4/554 ح 3 ، مسند أحمد : 2/236 ، البخاري : 2/57 ، مسلم : 4/123 ، مسند أبي يعلى :1/109 ، حلية الأولياء : 1/400 ، سنن الترمذي : 5/376 . . .

وقال صلى الله عليه و آله : منبري على ترعة من ترع الجنّة(1) .

وقالوا : حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد(2) .

أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قبر فاطمة عليهاالسلام .

فقال : دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد(3) .

ص: 182


1- كامل الزيارات : 51 ، الفقيه للصدوق : 2/568 ح 3158 ، مسند أحمد : 2/401 ، السنن الكبرى للبيهقي : 5/247 ، مسند ابن الجعد : 431 ، مسند أبي يعلى : 3/320 ، المعجم الكبير للطبراني : 6/142 . . .
2- الكافي : 4/555 ، تهذيب الأحكام للطوسي : 6/8 . . .
3- الكافي : 1/461 ح 9 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2/278 ح 76 ، معاني الأخبار : 268 ، الفقيه للصدوق : 1/229 ، تهذيب الأحكام للطوسي : 3/255 ، إعلام الورى : 1/301 .

زيارتها عليهاالسلام

يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جدّه قال : دخلت على فاطمة عليهاالسلام ، فبدأتني بالسلام ، ثمّ قالت : ما غدا بك ؟

قلت : طلب البركة .

قالت : أخبرني أبي - وهو ذا - من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة .

قلت لها : في حياته وحياتك ؟

قالت : نعم ، وبعد موتنا(1)(2) .

ص: 183


1- المزار للمفيد : 177 ح 1 ، تهذيب الأحكام للطوسي : 6/9 ح 18 .
2- في بشارة المصطفى : 137 : أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله فيما أجاز لي روايته عنه ، وكتب لي بخطّه سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، قال : أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسين المعروف بابن الصقّال ، قال : حدّثنا أبو المفضّل محمد بن معقل العجلي القرمسي بشهرزور ، قال : حدّثني محمد بن أبي الصهبان الباهلي ، قال : حدّثنا الحسن بن علي بن فضّال عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضى الله عنه ، قال : صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلاة العصر ، فلمّا انفتل جلس في قبلته ، والناس حوله ، فبينا هم كذلك ، إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب سمل قد تهلّل واختلق ، وهو لا يكاد يتمالك ضعفا وكبرا ، فأقبل رسول اللّه صلى الله عليه و آله يستجليه الخبر . فقال الشيخ : يا نبي اللّه ، أنا جائع الكبد فأطعمني ، وعاري الجسد فاكسني ، وفقير فارشيني . فقال : ما أجد لك شيئا ، ولكن الدالّ على الخير كفاعله ، انطلق إلى منزل من يحبّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله ، يؤثر اللّه على نفسه ، انطلق إلى حجرة فاطمة عليهاالسلام- وكان بيتها ملاصقا بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه - ، يا بلال ، قم فقف به على منزل فاطمة عليهاالسلام . فانطلق الأعرابي مع بلال ، فلمّا وقف على باب فاطمة عليهاالسلام نادى بأعلى صوته : السلام عليكم يا أهل البيت النبوّة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط جبرئيل الروح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين . فقالت فاطمة عليهاالسلام : من أنت يا هذا ؟ قال : شيخ من العرب ، أقبلت على أبيك سيّد البشر مهاجرا من شقّة ، وأنا - يا بنت محمد صلى الله عليه و آله - عاري الجسد ، جائع الكبد ، فواسيني رحمك اللّه . وكان لفاطمة وعلي عليهماالسلام في تلك الحال - ورسول اللّه صلى الله عليه و آله - ثلاثا ما طعموا فيها طعاما ، وقد علم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذلك من شأنهما . فعمدت فاطمة عليهاالسلام إلى جلد الكبش مدبوغ بالقرض كان ينام عليه الحسن والحسين عليهماالسلام، فقالت : خذ هذا أيّها الطارق ، فعسى اللّه أن يرتاح لك ما هو خير منه . فقال الأعرابي : يا بنت محمد صلى الله عليه و آله ، شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش ! ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب ؟ قال : فعمدت عليهاالسلام لمّا سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطّلب ، فقطعته من عنقها ، ونبذته إلى الأعرابي ، فقالت : خذه وبعه ، فعسى اللّه أن يعوّضك به ما هو خير منه . فأخذ الأعرابي العقد ، وانطلق إلى مسجد رسول اللّه ، والنبي صلى الله عليه و آله جالس في أصحابه ، فقال : يا رسول اللّه ، أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد ، وقالت : بعه فعسى أن يصنع لك . قال : فبكى النبي صلى الله عليه و آله وقال : لا كيف يصنع اللّه لك وقد أعطتك فاطمة بنت محمد سيّدة بنات آدم . فقام عمّار بن ياسر رحمه الله ، فقال : يا رسول اللّه ، أتأذن لي بشراء هذا العقد ؟ قال صلى الله عليه و آله : اشتره يا عمّار ، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذّبهم اللّه بالنار . فقال عمّار : بكم هذا العقد يا أعرابي ؟ قال : بشبعة من الخبز واللحم ، وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلّي فيها لربّي ، ودينار يبلغني إلى أهلي . وكان عمّار قد باع سهمه الذي نفله رسول اللّه صلى الله عليه و آله من خيبر ، ولم يبق منه شيئا ، فقال : لك عشرون دينارا ومائتا درهم هجرية ، وبردة يمانية ، وراحلتي تبلغك إلى أهلك ، وشبعة من خبز البرّ واللحم . فقال الأعرابي : ما أسخاك بالمال ! وانطلق به عمّار ، فوفّاه ما ضمن له ، وعاد الأعرابي إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أشبعت واكتسيت ؟ قال الأعرابي : نعم ، يا رسول اللّه ، واستغنيت بأبي أنت وأمّي . قال صلى الله عليه و آله : فأجز فاطمة بصنيعها . فقال الأعرابي : اللّهم إنّك إله ما استحدثناك ، ولا إله لنا نعبده سواك ، وأنت رازقنا على كلّ الجهات ، اللّهم أعط فاطمة عليهاالسلام ما لا عين رأت ولا أذن سمعت . فأمّن النبي صلى الله عليه و آله على دعائه ، وأقبل على أصحابه فقال : إنّ اللّه قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك ، أنا أبوها ، وما أحد من العالمين مثلي ، وعلي بعلها ، ولولا علي ما كان لفاطمة كفو أبدا ، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما ، سيدا شباب أسباط الأنبياء ، وسيدا أهل الجنّة . وكان بإزائه المقداد وابن عمر وعمّار وسلمان - رضي اللّه عنهما - فقال : وأزيدكم ! فقالوا : نعم يا رسول اللّه . قال صلى الله عليه و آله : أتاني الروح الأمين - يعني جبرئيل عليه السلام - وقال : إنّها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها : من ربّك ؟ فتقول : اللّه ربّي ، فيقولان : من نبيّك ؟ فتقول : أبي ، فيقولان : فمن وليّك ؟ فتقول : هذا القائم على شفير قبري علي بن أبي طالب . ألا وأزيدكم من فضلها ! إنّ اللّه قد وكّل بها رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها ، وهم معها في حياتها ، وعند قبرها بعد موتها ، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها . فمن زارني بعد وفاتي ، فكأنّما زارني في حياتي ، ومن زار فاطمة فكأنّما زارني ، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنّما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين فكأنّما زار عليا ، ومن زار ذرّيّتهما فكأنّما زارهما . فعمد عمّار إلى العقد وطيّبه بالمسك ، ولفّه في بردة يمانية ، وكان له عبد اسمه « سهم » ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر ، فدفع العقد إلى المملوك ، وقال له : خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنت له . فأخذ العقد فأتى به رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأخبره بقول عمّار رحمه الله ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد ، وأنت لها . فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأخذت فاطمة عليهاالسلام العقد ، وأعتقت المملوك . فضحك الغلام ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : ما يضحكك يا غلام ؟ فقال : أضحكني عظم بركة هذا العقد ، أشبع جائعا ، وكسا عريانا ، وأغنى فقيرا ، وأعتق عبدا ، ورجع إلى ربّه . وفي عوالي اللآلي : 4/83 ح 92 : وروي أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يوما في بيت فاطمة عليهاالسلام ، وعنده علي والحسن والحسين عليهم السلام ، وقد ملى ء بهم سرورا وفرحا ، إذ هبط الأمين جبرئيل عليه السلام ، فقال : السلام يقرئك السلام ويقول : يا محمد ، أفرحت باجتماع شملك بأهل بيتك في دار الدنيا ؟ فقال صلى الله عليه و آله : نعم ، والحمد لربّي على ذلك . فقال : إنّ اللّه - سبحانه وتعالى - يقول : إنّهم صرعى وقبورهم شتّى . فبكى النبي صلى الله عليه و آله ، فقال له علي عليه السلام : وما يبكيك يا رسول اللّه ؟ فقال : يا علي ، هذا جبرئيل يخبرني عنكم أنّكم صرعى وقبوركم شتّى . فقال علي عليه السلام : الحمد للّه على ما خصّنا به من البلوى ، يا رسول اللّه فما لمن زارنا في حياتنا أو بعد موتنا ؟ فقال عليه السلام : يا علي ، من زارني حيّا أو ميّتا ، أو زارك في حياتك أو بعد موتك ، أو زار فاطمة ، أو زار الحسن ، أو زار الحسين في حياتهم أو بعد وفاتهم كان كمن زار اللّه في عرشه ، وكتب اللّه له ثواب المجاهدين في سبيل اللّه . فقال علي عليه السلام : الحمد للّه على ما خصّنا به من هذه النعمة .

ص: 184

ص: 185

ص: 186

نفسي تقرّ بأنّها

يوم القيامة غانمه

بنبيّها ووصيّها

والسيدين وفاطمه

* * *

قال ديك الجنّ :

يا قبر الذي فاطمة ما مثله

قبرا بطيبة طاب فيه مبيتا

إذ فيك حلّت زهرة الدنيا التي

بحلى محاسن وجهها حلّيتا

فسقى ثراك الغيث ما بقيت به

نور القبور بطيبة وبقيتا

فلقد بريّاها ظللت مطيبا

وغداك مسكا في الأنوف قتيتا

* * *

ص: 187

ص: 188

الفهرست

باب : مناقب فاطمة الزهراء عليهاالسلام

فصل 1 : في تفضيلها على النساء

( 7 - 26 )

الآيات··· 9

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ··· 9

وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ··· 13

لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى··· 13

وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُْنْثى··· 14

وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ··· 14

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ . .··· 15

نساء ذكرهنّ القرآن على وجه الكناية··· 15

نساء ذكرهنّ القرآن بخصال··· 16

أعطى اللّه عشرة أشياء لعشرة من النساء··· 17

أعطى اللّه الإجابة لعشرة··· 17

ص: 189

اهتمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعشرة أشياء فآمنه اللّه وبشّره بها··· 18

رأس التوّابين أربعة··· 19

خوّفت أربعة من الصالحات··· 19

رأس البكّائين ثمانية··· 20

خير نساء العالمين أربعة··· 21

فضّلها النبي صلى الله عليه و آله على سائر النساء في الدارين··· 23

في الحساب··· 25

علّة تفضيلها على أخواتها··· 25

فصل 2 : في منزلتها عند اللّه تعالى

( 27 - 48 )

آيات لموافقتها لترضى··· 29

زوجة أمير المؤمنين عليه السلام في الدنيا والآخرة··· 29

اللّه تعالى وكيل فاطمة عليهاالسلام··· 30

لم يذكر اللّه الحور في « هَلْ أَتى »··· 30

أصاب فاطمة عليهاالسلام ثلث النور الذي خلق اللّه منه الجنّة··· 30

إنّ اللّه ليغضب لغضبها ويرضى لرضاها··· 30

حرّم اللّه ذرّيّتها على النار··· 32

خير العمل برّ فاطمة عليهاالسلام وولدها··· 32

إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليهاالسلام ويحبّ من يحبّها··· 33

ص: 190

غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليهاالسلام··· 33

تظلّمها عليهاالسلام في القيامة··· 36

تظلّمها عليهاالسلام لولدها الحسين عليه السلام··· 37

رقاع زواج فاطمة عليهاالسلام··· 39

ضحكت فاطمة عليهاالسلام فأشرقت الجنان من نورها··· 42

ضحكت جارية الإمام عليه السلام فأشرق النور من فيها··· 43

فاطمة عليهاالسلام أوّل من يدخل الجنّة··· 44

علل أسمائها عليه السلام··· 45

لم سمّيت فاطمة عليهاالسلام ؟··· 45

فطم محبّها عليهاالسلام من النار··· 45

فطمت من الشرّ··· 46

فطمت من الطمث··· 46

لم سمّيت بتولاً ؟··· 47

لم سمّيت الزهراء ؟··· 47

فصل 3 : في حبّ النبي صلى الله عليه و آله إيّاها

( 49 - 66 )

فاطمة عليهاالسلام أحبّ النساء إلى النبي صلى الله عليه و آله··· 51

بين أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام··· 52

بين المهاجرين والأنصار وبني هاشم··· 53

ص: 191

إنّما فاطمة عليهاالسلام بضعة منّي··· 54

دلالة هذا القول على عصمتها عليهاالسلام··· 56

زيارتها عليهاالسلام قبل وبعد كلّ سفر وتقبيلها··· 57

دلالة فعل النبي صلى الله عليه و آله··· 58

النبي صلى الله عليه و آله يمسح على رأسها عليهاالسلام ووجهها··· 58

جنّة فاطمة وعلي عليهماالسلام الخاصّة··· 59

فاطمة وعلي عليهماالسلام أكرم الخلق وأحبّهم إلى النبي صلى الله عليه و آله··· 60

لا ينام صلى الله عليه و آله حتى يقبّل فاطمة عليهاالسلام··· 62

كان صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليهاالسلام فغارت . .··· 62

رؤيا العباسي وتأويل الربيع الناصب··· 64

رجل شتم فاطمة عليهاالسلام··· 65

فصل 4 : في معجزاتها عليهاالسلام

( 67 - 80 )

كانت عليهاالسلام محدّثة··· 69

إستئذان ملك الموت من فاطمة عليهاالسلام لقبض النبي صلى الله عليه و آله··· 70

نزول جبرئيل لمواساة فاطمة عليهاالسلام··· 71

للّه ملائكة موكّلون بمعونة فاطمة عليهاالسلام··· 72

توسّل أم أيمن بفاطمة عليهاالسلام··· 74

كرامة شهرة بنت فضّة خادمة فاطمة عليهاالسلام··· 74

كلّما دخل عليها صلى الله عليه و آله وجد عندها رزقا··· 75

ص: 192

أسلم ثمانون ببركة أنوار كسوة فاطمة عليهاالسلام··· 76

سألت ربّها خاتما فأعطاها··· 76

خلّوا ابن عمّي أو لأكشف للدعاء . .··· 77

معجزاتها عليهاالسلام أيّام الحمل بها وولادتها··· 78

فصل 5 : في سيرتها عليهاالسلام

( 81 - 96 )

صدقها عليهاالسلام··· 83

عبادتها عليهاالسلام··· 83

علمها وسترها وحجابها··· 84

حزنها بعد أبيها··· 86

عملها في البيت··· 86

رضيت عليهاالسلام عن علي عليهماالسلام فجعله اللّه قسيم الجنّة والنار··· 88

فداها أبوها . . أنت منّي يا فاطمة··· 89

فضّة جارية فاطمة عليهاالسلام تتكلّم بالقرآن··· 91

زوّجتك أخي في الدنيا والآخرة··· 92

فصل 6 : في تزويجها عليهاالسلام

( 97 - 128 )

ردّ صلى الله عليه و آله جميع خطّابها··· 99

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام··· 100

ص: 193

الزواج في السماء··· 102

نثار الزواج··· 102

الخطبة والزواج في السماء··· 103

خطبة راحيل عليه السلام··· 105

زوّجهما اللّه وأشهد ملائكته··· 106

تاريخ زواج النورين··· 108

نزول الملك محمود بأمر الزواج··· 108

الأمر الإلهي بالتزويج··· 109

الزواج في الأرض··· 111

النبي صلى الله عليه و آله يستأمر فاطمة عليهاالسلام··· 111

خطبة النبي صلى الله عليه و آله··· 111

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام والعقد المبارك··· 112

مقدار المهر··· 115

جهاز فاطمة عليهاالسلام··· 118

تجهيز أمير المؤمنين عليه السلام داره··· 120

الوليمة والزفاف··· 120

أراجيز الزفاف··· 122

دعاء النبي صلى الله عليه و آله لهما عند الزفاف··· 124

مبيت أسماء عندها أسبوعا··· 125

زيارتهما صبيحة العرس··· 126

ص: 194

فصل 7 : في حليتها وتواريخها عليهاالسلام

( 129 - 148 )

حليتها عليهاالسلام··· 131

تواريخها عليهاالسلام··· 132

مشهدها وقبرها عليهاالسلام··· 133

كناها عليهاالسلام··· 134

أسماؤها عليهاالسلام··· 134

أولادها عليهم السلام··· 136

في المفردات··· 141

بشّرها النبي صلى الله عليه و آله وبعلها وابنيها بالجنّة··· 141

بين فاطمة ومريم عليهماالسلام··· 142

البشارة لهما عليهماالسلام بالولد··· 142

مدّة الحمل··· 142

شرف الآباء والكفالة والولادة··· 142

المفاخر··· 143

نثار فاطمة عليهاالسلام··· 144

كلام الملائكة معها واصطفاؤها··· 145

رزق اللّه الخاصّ لفاطمة عليهاالسلام··· 145

خلقت فاطمة عليهاالسلام من رزق الجنّة ومريم . .··· 146

لفاطمة عليهاالسلام عشرون اسما ومريم . .··· 147

طهارة مريم وطهارة فاطمة وولدها عليهم السلام··· 147

ص: 195

فصل 8 : في وفاتها وزيارتها عليهاالسلام

( 149 - 188 )

عن قليل ينهدّ ركناك··· 151

إخبارها أنّها أوّل أهله لحوقا به··· 151

حالها بعد أبيها··· 153

وصيّتها عليهاالسلام··· 170

دفنها عليهاالسلام ليلاً والصلاة عليها وتغييب قبرها··· 171

غسلها عليهاالسلام··· 177

اتّخاذ النعش··· 178

وقوف أمير المؤمنين عليه السلام على قبرها عليهاالسلام··· 180

موضع قبرها عليهاالسلام··· 181

زيارتها عليهاالسلام··· 183

الفهرست··· 189

ص: 196

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.